الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما يوحد المشروعين الامريكي والايراني في العراق

عزيز العراقي

2008 / 3 / 8
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بعد ان تم اسقاط النظام الصدامي وتسليم جزء من السلطة لاحزاب المعارضة التي كانت تدعي ان همها الاول هو انقاذ العراق , توضحت حقيقة توجهاتها السياسية بعد ان تمحورت في اطار المكونات العرقية والطائفية . فالقيادات القومية الكردية رغم تأكيداتها على رغبة البقاء داخل الكيان العراقي , تصرفت على ارض الواقع بمؤثرات النزوع ( العجول ) لتأكيد خطوات استقلالية , وفي احسن الاحوال العمل على جعل اليد الكردية هي الاطول في تشكيل البناء الاداري للعراق الجديد . وهذا ولد لها اشكالية مع المكونات الاخرى التي تتعامل بنفس الروحية , وانعكس ذلك واضحاً في تعامل قيادات هذه الاطراف مع القيادة الكردية خلال الشهرين الاخيرين . فبعد ان كان الاكراد يشكلون ( بيضة القبان ) في المعادلة السياسية العراقية , والكل يبغون ودهم . انقلبت هذه القيادات من الشيعة والسنة ووصلت حد الشماته عند بعضها بالاجتياح التركي المجرم لكردستان العراق . واذ كنا نفهم ترسبات سياسة النظام الصدامي وباقي الحكومات العربية التي تعاقبت على حكم العراق لدى البعض من السنة في عدم استيعاب الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي , فأننا لانفهم السبب لعدم استيعاب بعض الاطراف الشيعية للحق الكردي , الا اذا ربطناها بالمصلحة القومية للنظام الطائفي الايراني , الذي لايريد ان يمنح الحقوق القومية المشروعة لباقي القوميات الايرانية غير الفارسية . وهذا يؤكد عدم صدق النوايا التي وقعت على عقد العراق الديمقراطي الجديد . والمشكلة الاخرى للقيادة الكردية , انها تعتقد ان بأمكانها انتزاع كل الحقوق القومية الكردية من خلال علاقتها التي تعتقد ايضاً انها ( حميمية ) مع ( الحليف )الامريكي .

من الجهة الاخرى , انشغلت الاحزاب السياسية الشيعية التي تقود السلطة بالصراع على تقاسم النفوذ دون الالتفات لاعادة بناء الدولة , وبعد خمس سنوات اصبحت الدولة بكل مؤسساتها التي ينخرها سرطان الفساد والمحاصصة , اكثر ارتكازاً على السلطة وليس العكس . ومثلما سقطت الدولة عند انهيار صدام ستسقط اجهزة الدولة الحالية حال حدوث أي طارئ جدي . والانشغال الآخر والاكثر خطورة لبعض الاحزاب الشيعية , عندما وضعت نفسها في ترابط عضوي مع تطلعات النظام الايراني , رغم تأكيداتها على انها تعمل لايجاد تفاهم بين الامريكان والايرانيين لصالح العراق . ومثلما تدرك هذه الاحزاب بعدم امكانية وجود أي تفاهم ( ستراتيجي ) بين الطرفين, والصراع لابد ان ينتهي بانتصار احدهما على الآخر , فأن الامريكان يقبلون بأدعائات هذه الاحزاب في المرحلة الحالية لحاجتهم اليها في تهدئة الصراع , والعمل على دفع النظام الايراني لارتكاب حماقات اكثر ,
سواء عن طريق اصراره في الاستمرار ببناء مشروعه النووي مثار الجدل , اوتحقيق طموحاته القومية في المنطقة عن طريق اثارة النعرات الطائفية , او القضاء على اسرائيل , ليكون في ذات موقع النبذ الذي وضع فيه صدام .

سلوك احزاب الكتلتين الكردية والشيعية بالتضافر مع جرائم عصابات البعث والسنة التكفيريين , سهل رغبة البعث الذي يأخذ المساحة السياسية الاكبر على الساحة السنية , في اعادة العلاقة ( التاريخية ) بينه وبين الامريكان . واعاد الثقة للامريكان بأنهم الوحيدون الذين يستطيعون الوقوف بوجه تطلعات المشروع القومي الايراني . والمشكلة ليست في حظوة البعثيين عند الامريكان فقط , بل في اعتبارهم عند اطراف اخرى , وبالذات الانظمة العربية الرسمية وغير الرسمية , على انهم الاكثر وطنية في الدفاع عن الحقوق العراقية . ان تصريحات صالح المطلك وضافر العاني والهاشمي ومن شاكلهم – في الدفاع عن وحدة وسلامة العراق - هي الحق الذي يراد به باطل . والامريكان يعرفون جيداً , ان المشروع الوطني للبعثيين هو عودتهم الى السلطة , وسيدعمونهم بكل الطرق , ليس حباً بالبعثيين , بل كونه يتماشى مع مصالحهم .

ان الامريكان والايرانيين يعملون جاهدين لاضعاف المشروع الوطني الحقيقي , وهذه النقطة هي الوحيدة التي توحد بين المشروعين المتصارعين . واذ تحمل المشروع الوطني طعنة رئيس القائمة ( العراقية ) الدكتور اياد علاوي , في تخليه عن برنامج القائمة الذي شكل اساس جيد للمشروع الوطني , واعاد الامور للمربع الاول .
نجد في نداء مدنيون الذي اطلقه السادة حميد مجيد موسى ونصير الجادرجي وعبد الإله النصراوي ( من اجل بناء الدولة الديمقراطية المدنية في العراق ) اساس جيد لتشكيل اطر المشروع الوطني العراقي . وليس من الجدوى استمرار التشتت والضياع في اعلان مشاريع وتكتلات جديدة . والخريطة العراقية اليوم اكثر وضوحاً , فالمشروعين الامريكي والايراني , وطريقهما اكثر سهولة , واسرع في تحقيق المكاسب الشخصية . والطريق الوطني الصعب المحارب من كل الاطراف التي تريد ان تنهش العراق , ولكنه الوحيد الذي سيحفظ الدين والقومية والمساوات والرفاه لكل العراقيين .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيضانات عارمة تتسبب بفوضى كبيرة في جنوب ألمانيا


.. سرايا القدس: أبرز العمليات العسكرية التي نفذت خلال توغل قوات




.. ارتقاء زوجين وطفلهما من عائلة النبيه في غارة إسرائيلية على ش


.. اندلاع مواجهات بين أهالي قرية مادما ومستوطنين جنوبي نابلس




.. مراسل الجزيرة أنس الشريف يرصد جانبا من الدمار في شمال غزة