الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قضية المرأة - سياسيّة أولاً

عبير قبطي

2008 / 3 / 9
ملف - الثامن من آذار 2008 يوم المرأة العالمي - لا للعنف ضد المرأة


* تفكيك المنظومات الذكورية التي تقمع المرأة هو جزء من تفكيك منظومة العسكرة والرأسمالية والبطريركية التي تغذي سياسة الاحتلال والتمييز. ومن هنا فإن النضال من أجل مساواة المرأة يخدم النضال من اجل إنهاء الاحتلال والتمييز *
يوم المرأة العالمي هو مناسبة لطرح قضايا المرأة، ولكن لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يُحصر الحديث حول قضايا المرأة في هذا اليوم فقط، فقضية المرأة ليست شأنًا نسائيًا محض، بل هي قضية المجتمع بأسره، حيث يسود الاعتقاد بان قضايا المرأة وحقوقها تدور في الفلك الاجتماعي ومنفصلة تمامًا عن الفلك السياسي، وهذا بالطبع اعتقاد خاطئ، فمكانة المرأة وحقوقها هي سياسية قبل كل شيء والسياسة بمفهومها الأوسع تشتمل أيضًا على الاقتصادي والاجتماعي.
لطالما سمعنا، هنا في مجتمعنا العربي، الادعاء القائل بأنه ما دام هناك احتلال وتمييز وسياسة عنصرية تجاهنا، فيمكن لقضايا المرأة أن توضع جانبًا وان تنتظر إلى أن تُحل القضايا "الكبيرة". وهذا يندرج تمامًا تحت المعتقد الخاطئ بان قضايا النساء هي اجتماعية وليست سياسية.
إن هذا الادعاء لطالما استعمل على شكل ديماغوغية ذكورية تهدف الى إسكات الصوت النسائي المطالب بالحقوق والمساواة للمرأة. والمشكلة تكمن في الاعتقاد الخاطئ السائد لدى قسم كبير من الرجال بأن تحصيل حقوق المرأة يشكّل تهديدًا لسلطتهم، ولكن إذا كنا نرى الأمور بطريقة أكثر شمولية، فعلينا أن نحلل علاقات القوة في المجتمع، بين الرجل والمرأة، بين الغني والفقير، وبين الأبيض والأسود (ليس بمفهوم العرق أو اللون بل بالمفهوم الطبقي)، والعلاقة بين الرأسمالية والبطريركية، وبين السياسي والاجتماعي-الاقتصادي



• تلاق وليس تضاد
يخطئ من يروّج لفكرة أنّ رفع مكانة المرأة والحديث عن حقوقها يعرقل النضال من أجل إنهاء الاحتلال أو التمييز. فالأمر هو عكسي تمامًا، إن تفكيك المنظومات الذكورية التي تقمع المرأة هو جزء من تفكيك منظومة العسكرة والرأسمالية والبطريركية التي تغذي سياسة الاحتلال والتمييز. ومن هنا فإن النضال من أجل مساواة المرأة يخدم النضال من اجل إنهاء الاحتلال والتمييز.
فمثلا، عندما نتحدث عن تمثيل المرأة في مواقع اتخاذ القرار والهيئات السياسية لمجتمعنا فنحن لا نتحدث عن الحاجة للتزيين، بل من منطلق الرؤية مفادها أن تفكيك البنية التي تكرّس سلطة الرجل في هذه الهيئات تساهم في تفكيك منظومة المجتمع الذكورية، وبأن للمرأة مقولة مختلفة عن الرجل، بناءً على تجربتها ومكانتها، وهذا الصوت يمثل نصف المجتمع ويجب أن يؤخذ بالحسبان سياسيًا واجتماعيًا. فالمرأة قادرة على تمثيل المرأة والرجل أيضا أكثر مما يستطيع الرجل تمثيلها.
صحيحٌ أن القضية هي قضية فكر وموقف أولا وأخيرًا، وأن رجلا تقدميًا قد يمثل المرأة وقضاياها ومصالحها أكثر من امرأة رجعية. فالامتحان الأساسي هو الموقف، ولكن هذا الموقف يجب أن ينعكس أيضًا في وصول النساء إلى مواقع صنع القرار.



• النسوية كمؤامرة غربيّة
لطالما أيضًا سمعنا أصواتًا رجعية في مجتمعنا، تدعي بان العمل على رفع مكانة المرأة من قبل الجمعيات النسائية والنسوية أو الناشطات النسويات هو مؤامرة غربية، فالعديد من هذه الأطر والجمعيات تموّل مشاريعها من جهات وصناديق دعم غربية، هذا صحيح، والنقاش حول الجهات الممولة وأهدافها هو أمر يستحق النقاش، ولكن المسافة بين هذا وبين اتهام النشاطات بالتعاون مع مؤامرة غربية كبيرة جدًا.
الادعاء بأننا نريد أن نتمثل بنساء الغرب هو ادعاء مشوّه لأنه ينبني على فهم خاطئ لحرية المرأة ومساواتها. فالنساء في الغرب أيضا لم يحصلن كامل حقوقهن وما زلن يعانين من اضطهاد وتمييز. بمعنى آخر: لا يوجد لدينا شعور بالنقص تجاه نساء الغرب، ولا نرى بأنهن أفضل منا أو أن حالهن أفضل من حالنا، صحيح أن هنالك جوانب معينة حصلت فيها النساء في الغرب حقوقها أكثر منا ولكن هذا لا يعني بأنهن لا يعانين من التمييز. فالتمييز تجاههن، وخاصة في المجتمعات الرأسمالية، يتخذ أشكالا أخرى، ربما أكثر تطورًا وحداثة، ولكن من حيث المضمون سنجد خطوطا مشتركة بينه وبين التمييز تجاه المرأة العربية.
فمثلا، في الغرب يستغل جسد المرأة بشكل مهين في الإعلانات التجارية والتسويقية، وفوارق الأجور بين النساء والرجال كبيرة، كما وترتفع نسب التحرّشات الجنسية بالنساء في العمل، وهذا كله ينبع من تشييء جسد المرأة والتعامل الفوقي معها. وهذه الأمور مرتبطة بتذويت مفهوم الجمال والحريّة عند المرأة الغربية وهو الكشف عن أكبر قدر ممكن من الجسد، وهذا لا يؤثر فقط على لباس المرأة وتصرفاتها بل أيضا على رؤية المجتمع لها، فمثلا نرى أن هوس تخفيف الوزن في المجتمع الغربي يكاد يكون جنونيًا.
ونحن حين نرى بان هذه المفاهيم تخترق مجتمعاتنا العربية بشكل عام من خلال الفضائيات والانترنت وغيرها، نحذر من الانبهار بـ"تحرّر" المرأة الغربية ونعيد ونكرر بان طموحنا ليس بان نتمثل بها في مسيرة تقدمنا.
ويبقى المشترك بين ما تعانيه المرأة في الغرب والشرق هو ارتباط هذه المعاناة على تعدّد تجلياتها بالمنظومات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تؤثر على مكانة النساء في أماكن مختلفة بأشكال مختلفة.
فليشكل يوم المرأة العالمي رافعة لعملنا كمجتمع من اجل تحصيل حقوق المرأة، الأمر الذي يحتم علينا أولا أن نكف عن الفصل بين القضايا الاجتماعية والقضايا السياسية، وبدلا من أن ننظر إلى النضال من أجل حقوق المرأة كعائق أمام النضال من اجل إنهاء الاحتلال والتمييز والعنصرية، علينا النظر إليه كمركّب من مركبات نضالاتنا. والاهم ان نكف عن التشبث بادعاءات واهية حول كون النشاط النسوي مؤامرة غربية. النضال النسوي هو نضال سياسي وطني ويصب في مصلحة أي مجتمع يريد التطوّر والتقدم.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مع تصاعد المواجهات مع حزب الله.. إسرائيل تشن حملة سرية في سو


.. استمرار الهجوم في بريطانيا على سوناك بعد غيابه عن احتفالات -




.. 4 شهداء خلال اقتحام قوات خاصة تابعة لجيش الاحتلال لقرية كفر


.. استهداف مستودع ذخيرة روسي شرق أوكرانيا بمسيّرة




.. مجلس الأمن الدولي يصوت لصالح قرار قدمته واشنطن يدعو لوقف إطل