الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين الفيدرالية الطائفية وفيدراليات الشركات الامريكية

عزيز العراقي

2008 / 3 / 12
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


رفض المجلس الاعلى لقانون المحافظات المتمثل باستغلال ( الفيتو ) الذي يتمتع به الدكتورعادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية , وضع باقي اطراف قائمة "الائتلاف " التي تؤيد القانون في مفترق طرق , ويكاد ان يكون الاخطر في مسيرة "الائتلاف" . فمن ناحية ان المجلس انقلب على كل اطراف القائمة ( التيار الصدري , حزب الفضيلة , حزب الدعوة , المستقلين ) الذين ايدوا القانون واعتبروه ملك قائمة " الائتلاف " الذي دخلوا به مهزلة صفقة تمرير القوانين الثلاث ( الميزانية للاكراد , والعفو للسنة ) كحزمة واحدة . ومن ناحية اخرى الاستغلال غير النزيه – كما يعتبرها باقي اطراف القائمة – من قبل الدكتور عادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية لوظيفته التي حصل عليها كممثل ل" الائتلاف " , وليس لحزبه المجلس الاعلى . ومن جهة ثانية وهي الاخطر , حيث انقسمت القائمة الى اتجاهين متعاكسين , الاول : تمثله كل اطراف القائمة , ويدعو للتمسك بوحدة العراق , وضرورة استجابة المحافظات للمصلحة الوطنية , كما في كل دول العالم الفيدرالية . والثاني الذي ينفرد به المجلس الاعلى : يدعو الى استقلال القرار بالكامل للمحافظات بدون اية رقابة وطنية .

من السهولة ان يدرك المرء حجم الصراعات التي ستنشأ لو تمكن المجلس الاعلى من تطبيق نظريته هذه . وهي في الاساس لاتخدم مشروعه الطائفي في اقامة اقليم الوسط والجنوب الشيعي من تسعة محافظات , فليس من المعقول ان ترفض المحافظات ميزات استغلال قرارها المستقل , وتكبل نفسها بالانضواء تحت راية قرارات الاقليم . ويبدو ان تلغيم قانون المحافظات بهذه الصورة , الغرض منه تفجير قانون الفيدرالية بالذات , وقد اكد السيد عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الاعلى اكثر من مرّة : مثلما اخذ الاخوة الاكراد , نحن نأخذ مثلهم . في اشارة تبدو الآن واضحة في هذا المسعى , والا ما معنى ان يطرح المجلس محاولة التفتيت هذه بهذا الوضوح؟!

ان مشكلة هذا الطرح لاتكمن خطورته مع باقي الاطراف السياسية سواء كانت شيعية او سنية , ولكن الخطورة تكمن بتأييد بعض الزعامات القوميةالكردية لهذا الطرح . وهي تدرك جيداً ان دوافع المجلس الاعلى هو التناغم مع رغبة النظام الطائفي الايراني في القضاء على فيدرالية كردستان العراق , التي ستجلب له دوامة الاستحقاق المشروع لحقوق القوميات الايرانية غير الفارسية . ورغم هذا الادراك , يفضل هذا ( البعض ) ان يشرذم العراق , وفي احسن الاحوال يبقى في وحدة هشة لايمكن ان تكون نموذجاً محترماً لباقي شعوب المنطقة , على ان لايفقد أي شئ من الامتيازات التي حصل عليها . ويمكن اقرار هذه الامتيازات من ان تكون خاصة بأقليم كردستان لو جرى التعامل بشكل جدي مع القوى الديمقراطية الحقيقية , وليس مع القوى الطائفية التي تكشف عن عدائها يوما بعد آخر للنظام الفيدرالي .

ان تجذر الصراع بين المشروعين الامريكي الداعي في احد جوانبه الى الديمقراطية وعدم مركزية السلطة , وبين المشروع الايراني الداعي لافشال المشروع الامريكي , والمحافظة على مركزية سلطة ولي الفقيه التي هي اهم من كل مقومات الدولة والمجتمع , سيخلق صراعات دموية جديدة اكثر ضراوة من الصراع بين المجلس الاعلى والتيار الصدري , ولايدفع ثمنها الا ابناء العراق . وما دام المجلس الاعلى اعلن بوضوح عن توجهاته , فلا شك ان القوة التي يحصل عليها من النظام الايراني ستكون هي الاساس في اندفاعه هذا . وهذه القوة نفسها ستعمل على تمزيق باقي الاطراف الوطنية الشيعية بعد ان تعجز عن لمها مرة اخرى , مثلما حصل في تشكيل قائمة "الائتلاف " .

تتقطع قلوب العراقيين الحقيقيين ألماً , وهم يرون تقدم صراع المشروعين الايراني والامريكي بهذا الدرجة من الوضوح . والمشروع الوطني العراقي لايزال في طور التشكيل , وكلما خطى خطوة تعثر وسقط , مثلما حصل مع مشروع القائمة " العراقية " , التي حولها رئيسها الدكتور اياد علاوي الى جسد مشلول اثقل منتسبيها بعوقه . ويستجير الكثير من العراقيين بالمشروع الامريكي للحفاظ على وحدة بلدهم المهلهلة اصلاً , امام المشروع الايراني الذي لن يترك للعراقين شئ يمثلهم . وهم يعلمون ان المشروع الامريكي لن ينصفهم ايضاً, وبدل الفيدرالية الطائفية التي يسعى النظام الايراني لتكون قاعدته في العراق , سيعمل الامريكان على وضع اسس فيدراليات شركاتهم العملاقة , الا انها ستترك للعراقيين حرية ترتيب سلطتهم وتعايش قومياتهم واديانهم , والسير في درب الحياة المدنية بعد ان تستنفذ حسم صراعها مع المشروع الايراني . ولايزال الامل قائماً في استنهاض المشروع الوطني الذي لابديل عنه في حفظ كرامة العراقيين , والمحافظة على وحدة وطنهم وارادتهم بين هذه الوحوش .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نادين الراسي.. تتحدث عن الخيانة الجسدية التي تعرضت لها????


.. السودان.. إعلان لوقف الحرب | #الظهيرة




.. فيديو متداول لحارسي الرئيس الروسي والرئيس الصيني يتبادلان ال


.. القسام: قنصنا جنديا إسرائيليا في محور -نتساريم- جنوب حي تل ا




.. شاهد| آخر الصور الملتقطة للرئيس الإيراني والوفد الوزاري في أ