الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أضواء على الانتخابات الأمريكية

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2008 / 3 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


لا أبالغ إذا قلت إن الانتخابات التمهيدية لمرشحى الحزبين الكبيرين الجمهورى والديمقراطى والتى تشهدها الساحة الأمريكية أصبحت محط أنظار العالم ومحل متابعة واهتمام معظم الشعوب. لقد تابعت قطارى الحزبين منذ انطلاقتهما حتى يومنا هذا حيث قارب القطار الديمقراطى أن يصل إلى محطته الأخيرة فى دنفر (ولاية كولورادو) فى أغسطس القادم بينما القطار الجمهورى سيصل إلى محطته الأخيرة فى سانت بول (ولاية مينيسوتا) فى سبتمبر القادم . وسوف تبين الشهور القادمة من هو المرشح الذى سيظل فى كلا القطارين حتى المحطة الأخيرة وقد تلاحظ أن هذه الانتخابات التى تتسم بالنزاهة لها آليات تتحكم فى نتائجها. وسوف أتحدث فى هذا المقال عن آليتين لا يمكن إغفالهما: المناظرات الانتخابية التى تبثها القنوات التلفزيونية وأموال التبرعات التى تجمع للإنفاق على الحملات الانتخابية.

دعنا نبدأ بالمناظرات الانتخابية التى تذاع مباشرة على القنوات التلفزيونية والتى باتت جزءا أساسيا فى الانتخابات الأمريكية حيث يتبارى المرشحون فى الإجابة على الأسئلة التى يطرحها كبار الإعلاميين ويتحين كل منهم الفرصة لدحض أراء منافسيه وإقناع الناخبين برؤاه السياسية والاقتصادية والاجتماعية . ومما لا شك فيه فإن هذه المناظرات تلعب دورا مهما فى نجاح أو فشل المرشحين. والجدير بالذكر أن أول مناظرة فى تاريخ الانتخابات الرئاسية الأمريكية أقيمت فى عام 1960 بين جون كنيدى وريتشارد نيكسون والتى شهدها 66 مليون ناخب أمريكى. أما انتخابات 2008 لاختيار مرشحى الأحزاب فقد شهدت عدة مناظرات فى المعسكرين الجمهورى والديمقراطى. لقد شارك مرشحو الحزب الجمهورى فى 22 مناظرة حيث انطلقت أول مناظرة فى 3 مايو 2007 فى مكتبة الرئيس ريجان فى كاليفورنيا. أما باقى المناظرات فقد أقيمت فى نيوهامشير وجنوب كاليفورنيا وفلوريدا ومن المقرر إقامة آخر مناظرة بين مرشحى الحزب الجمهورى فى 28 فبراير 2008م فى ولاية أوهايو. أما مرشحو الحزب الديمقراطى فقد شاركوا فى 23 مناظرة حتى الآن وكانت أول مناظرة بين مرشحى الحزب قد بدأت فى 26 ابريل 2007 فى اورانجبرج فى جنوب كاليفورنيا. أما بقية المناظرات فقد شهدتها ولايات كثيرة مثل كاليفورنيا ونيوهامشير وميشيجان والينوى وايوا وفلوريدا ونيفادا وبنسلفانيا ومن المقرر إقامة آخر مناظرة فى 27 فبراير 2008م فى ولاية أوهايو. ولكى ندرك طبيعة هذه المناظرات فإن الأمر يتطلب أن نتوقف قليلا لإلقاء بعض الضوء على المناظرة التى وقعت أحداثها فى جامعة تكساس فى 22 فبراير 2008 بين مرشحى الحزب الديمقراطى هيلارى كلينتون وباراك أوباما وحيث وجه ثلاثة إعلاميين فى شبكة سى ان ان أسئلة لهما حول أمور شتى تتعلق بالسياسة الخارجية وخاصة طبيعة العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وكوبا بعد استقالة فيديل كاسترو وأسئلة تتعلق بالتأمين الصحى ومدى إمكانية توفير تغطية تأمينية لكل طبقات المجتمع وأسئلة حول الحالة الاقتصادية المتردية حيث انتشار البطالة ومعاناة ضحايا الرهن العقارى الذين أوشكوا أن يفقدوا منازلهم. والغريب أن صالة المناظرة كانت تضم مؤيدى الفريقين الذين صفقوا للمرشحين ولم تحدث أية مناوشات تعكر صفو هذا اللقاء. وعقب انتهاء المناظرة تصافح المرشحان اللدودان ثم فوجئنا بمذيع الشبكة ينتقل إلى منازل الناخبين فى تكساس حيث التقى بإحدى الأسر الأمريكية. وقد اعتقدت أن أفراد الأسرة باتوا متفقين على المرشح المفضل لديهم ولكننى اندهشت حينما عبر رب الأسرة عن إعجابه باوباما بينما قررت الزوجة إعطاء صوتها لهيلارى وانقسم الأبناء إلى فريقين فى حين قررت الابنة الكبرى انتظار موقف السيناتور جون ادواردز المرشح المنسحب الذى لم يعلن بعد مناصرته لهذا المرشح أو ذاك.

أما الآلية الأخرى التى تلعب دورا بارزا فى الانتخابات الأمريكية فهى تتمثل فى أموال التبرعات التى يتلقاها مرشح الحزب للإنفاق على حملته الانتخابية. من المعروف أن الحزبين السياسيين الجمهورى والديمقراطى يقعان تحت السيطرة التامة لأصحاب رؤؤس الأموال، فمرشح أى من هذين الحزبين لن يستطيع تحقيق نجاحات تذكر إلا من خلال إقامة علاقات وطيدة مع الأثرياء فى ولايات مثل نيويورك وكاليفورنيا وفلوريدا وشيكاغو. وهؤلاء الأفراد الأثرياء من ذوى الصلة بالمؤسسات والشركات الكبرى لا يبغون سوى دعم مصالحهم الخاصة من خلال فرض السيطرة على السياسيين الذين يتلقون تبرعاتهم. ولا يملك الفائز فى هذه الانتخابات سوى رد الجميل من خلال فرض سياسات من شأنها أن تصب فى مصلحة النخبة الثرية مثل خفض الضرائب على الأثرياء. وقد أدرك المشرع الأمريكى فى وقت مبكر خطورة هذا الأمر فاتجه لوضع القوانين التى تفرض قيودا على تبرعات الشركات والأفراد فى الانتخابات الفيدرالية. لقد كان القانون منذ عام 1907 يجرم تبرع الشركات والمؤسسات الكبرى مباشرة لمرشحى الحكومة الفيدرالية وتم تشريع قانون آخر فى 1943 يمنع تلقى التبرعات من الاتحادات والمنظمات. وفى عام 1976 قررت المحكمة العليا فرض قيود على تبرعات الأفراد بحيث لا يزيد تبرع الفرد الواحد عن ألف دولار وكما جاء فى قرار المحكمة فإن الهدف من هذا القرار هو حماية النظام الانتخابى من الفساد أو من شبهة الفساد وذهبت المحكمة إلى أن إطلاق العنان للتبرعات يؤثر سلبا على نزاهة الانتخابات وعلى التجربة الديمقراطية برمتها. ومن الواضح أن الشركات الكبرى استطاعت أن تلتف حول القانون لتحقيق مصالحها عن طريق تقديم مبالغ التبرعات للأحزاب التى تتولى الإنفاق على المرشحين وهذا الأمر دفع السناتور ماكين والسناتور فينجولد أن يتقدما بقانون جديد فى عام 2002 وهو قانون إصلاح الإنفاق على الحملات الانتخابية الذى وضع قيودا على تبرعات المؤسسات والشركات الضخمة والأثرياء بيد أن هذا القانون رفع المبلغ الذى قد يتبرع به الأفراد للمرشحين للمواقع الفيدرالية من 2000 دولار إلى 4000 دولار فى الدورة الانتخابية. وتجدر الإشارة أن هناك انتقادات توجه لقانون إصلاح الإنفاق بأنه منح الفرصة لقدامى المرشحين لكى يحققوا تفوقهم على المرشحين الجدد فيما يختص بالتمويل الانتخابى.

ومما سبق يتبين لنا أن التجربة الأمريكية رغم العيوب التى تشوبها فإنها تستحق الدراسة بل يمكن الاستفادة منها خاصة فى الدول التى تتجه بجدية نحو الديمقراطية بحيث يضع فى الحسبان ضرورة كبح جماح رأس المال وتقليص دوره لتفادى إفساد العملية الانتخابية. أما المناظرات الانتخابية فقد تعطى الفرصة للناخبين للمقارنة بين المرشحين وتساعدهم فى التأكد من أن أصواتهم لا تذهب هباء بل ينالها الأكفاء من المرشحين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد سنوات من القطيعة.. اجتماع سوري تركي مرتقب في بغداد| #غرف


.. إيران تهدد بتدمير إسرائيل.. وتل أبيب تتوعد طهران بسلاح -يوم




.. وفاة طفل متأثرا بسوء التغذية ووصوله إلى مستشفى شهداء الأقصى


.. مدرسة متنقلة في غزة.. مبادرة لمقاومة الاحتلال عبر التعلم




.. شهداء وجرحى بينهم أطفال في استهداف الاحتلال مجموعة من المواط