الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العدالة والمساواة في الخطاب النسوي الفلسطيني

ريما كتانة نزال

2008 / 3 / 10
ملف - الثامن من آذار 2008 يوم المرأة العالمي - لا للعنف ضد المرأة


بشكل عام؛ قفزت الحركة النسائية الفلسطينية؛عن تقديم خطاب نسوي واضح اتجاه قضية تحرير المرأة، ينطلق من تحديد طبيعة الإشكال لموقعها الدوني في المجتمع؛ مما أدى الى ابقاء مفهوم العدالة والمساواة لدى الحركة النسائية مشوشا وملتبسا.
قفز الخطاب النسوي الفلسطيني عن طرح مفهوم واضح للتمييز ومبرراته؛ بالذهاب مباشرة الى طرح المطالب المتعددة الحقوقية والسياسية والاقتصادية كبديل وآلية مؤقتة؛ فطالب بحق العمل والتعليم وبالمساواة في الأجور؛ وطالب بإجراء تعديلات على القوانين السياسية والاجتماعية؛ من أجل جسر الفجوة على مستوى مشاركة المرأة في مراكز القرار؛ عبر تبني التمييز الايجابي في قوانين الانتخابات.
تحركت أسباب الوضع الدوني للمرأة في مساحة واسعة من الذرائع او التبريرات؛ فقد اعتبرت الأسباب الفسيولوجية المتعلقة بالقوة الجسدية وبالقدرات العقلية كذرائع للإقصاء والتهميش؛ وتم طرح المبررات العقائدية والخصوصيات الثقافية؛ وتم التذرع بسلًة العادات والتقاليد والأعراف المتوارثة؛ وبالتراث الماضوي كأسباب ومبررات جوهرية لتحديد عمل وموقع المرأة في المجتمع.

نقاش المبررات سواء المتعلقة باختلاف التكوين الجسدي أوالعقلي أفضل من تجاهلهما؛ وبرأيي أنه يجب ان لا تقلقنا نحن النساء الفروق الجسدية؛ فلسنا بوارد المنافسة في أعمال تتطلب القدرات العضلية؛ ولا أرى غضاضة من جانبي الاعتراف بالتباين العضلي والفروق الجسدية دون المبالغة في تضخيمها من أجل استثمارها لتضييق مشاركة النساء؛ والاعتراف بالفروق الجسدية يزيح عبئا عن كاهل النساء ويريح النقاش؛ دون السماح باستثمارها لتبرير تقسيم العمل المجحف؛ والاستناد اليه في تحديد وتقنين والأدوار الاجتماعية والقيادية للمرأة، فالاعتراف بالإختلاف الجسدي يضع جانبا البعد السطحي للمشكلة؛ من أجل الانتقال الى نقاش الجوهر بادعاء الفروق في القدرات العقلية؛ والتي يفترض ان تناقش بحضور العلم فقط؛ حيث لا أساس علمي يثبت ما يذهبون إليه من فروق ذهنية لصالح الذكور لتبرير التمييز؛ سواء على مستوى الذكاء أو الاستيعاب أوالتفوق العلمي؛ ولدينا الجواب الواضح في نتائج الذكور والاناث في امتحانات الثانوية العامة لسنوات متواصلة والتي تظهر تفوقا ملحوظا للإناث على الذكور.
مشكلة المرأة يمكن احالتها لأسباب ترتبط بالتربية النمطية التي تتلقاها؛ والتي لا تخلق الشخصية المستقلة القادرة على اتخاذ القرار؛ وتربيتها لتنشأ كإنسانة ضعيفة خائفة اتكالية، وتعَد الفتيات عموما للقيام بالأدوار المرتبطة بالدور التقليدي للمرأة، وفي كل الأحوال فهي مواصفات متفاوتة الدرجة ومستحيل تأبيدها.

من هنا يجب أن يحدد الخطاب النسوي الفلسطيني في شقه الاجتماعي؛ الإشكالية التي تقف وراء التمييز والوضع الدوني للمرأة؛ بأنها تكمن في الأسباب الثقافية السائدة وبالمفاهيم التقليدية الموروثة؛ فالمرأة بالمفهوم التقليدي ملكية عامة وخاصة للعائلة والعشيرة والمجتمع والقرية والاب والاخ والزوج والابن، وهناك منطق وصاية وسيطرة على حرية خياراتها؛ وعلى خروجها من المنزل واسبابه ودواعيه؛ وتحديدا عندما يتعلق الامر بقراراتها المصيرية؛ فالعلاقات الاسرية الفلسطينية محكومة بالعلاقات الاقطاعية، التي اعطت السيطرة والسلطة المطلقة للرجل؛ وفرضت الخضوع على الفئات الأضعف في الاسرة؛ بسبب كونهم امتدادا طبيعيا لملكيته؛ يحق له وللعائلة التصرف بقرارهم، وعليه فإن قيادة المرأة تعتبر مشكلة للرجل؛ لذلك يحكم عليها دونما تدقيق بأنها غير مؤهلة للمهام الإستثنائية، ويحسم الجدل في هذا الشأن باستحضار الماضي والتراث؛ ويغلفا بهالة من القداسة لممارسة الارهاب الفكري المسبق لقمع حرية النقاش وتحديد فضائه؛ بإ طلاق مقولة عدم فلاح المرأة في الشأن القيادي؛ ويتم استحضار الماضي لتقوية الحكم للهروب من نقاش استحقاقات الحاضر، وعلاج مشاكله استنادا لمعطياته واحتياجاته.
المرأة في الثقافة السائدة أيضا تسكن في مساحة الاخلاق؛ وينظر اليها على أساس كونها مخلوق ضعيف لا يستطيع الدفاع عن ذاته؛ والمفارقة هنا بأنها في الوقت الذي ينظر لها كمخلوق ضعيف وعاجز عن اتخاذ القرار؛ يتوقف عليها وعلى سلوكها اسم العائلة وشرفها؛ لذلك يبرر التشدد في التعامل مع حركتها؛ وهي من متطلبات العمل القيادي سواء لأغراض المشاركة السياسية أو الاقتصادية والاجتماعية؛ الذي يتطلب أحيانا منها التنقل والسفر وربما الاختلاط؛ وقد كان هذا النقاش حاضرا حتى لدى قيام بعض الفتيات بالعمليات الاستشهادية التي تتطلب السفر والتنقل على انفراد!

وأخيرا؛ وعلى ضوء بعض ما يدور من نقاش حول ماهية الخطاب النسوي الفلسطيني الذي نريد؛ وهو الخطاب الذي ينطلق من منصة العدالة والمساواة للجميع على أساس المواطنة؛ أرى بأن النقاش لأهميته يجب ان لا يُسلق؛ وأن يأخذ مداه اللازم لإنضاجه؛ وتحديد أساسه ومرجعيته الفكرية المستندة الى المرجعيات الفلسطينية الوطنية للمجتمع الديمقراطي المتعدد؛ والى مواثيق حقوق الانسان، مع الاخذ بالاعتباربأن إطلاق مسمى الخطاب النسوي عليه؛ لا يعني بأنه خطاب خاص بالمرأة وحدها؛ ولا يعني بأن المرأة تأخذ شيئا من حصة الرجل؛ بل إنه الخطاب الذي يطرح قيم المشاركة والعدالة والمساواة للمجتمع الفلسطيني بنسائه ورجاله؛ وهو الخطاب الذي يطور معيار تقدم المجتمع بمدى تقدم المرأة؛ ليصبح الحكم على وجود المرأة المتخلفة في المجتمع؛ كدليل على وجود الرجل المتخلف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح