الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لن نتسول حقوقنا يا رئيس الوزراء!

رمضان متولي

2008 / 3 / 11
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


تعلم الجيل الذي أنتمي إليه أن كل شيء في مصر محظور وأنه لا حقوق لنا على الإطلاق إلا ما يسمح به من في موقع السلطة أو القوة. كما تعلمنا أيضا بالتجربة أن كل شيء مباح إذا كنت تستطيع بأي وسيلة من الوسائل إقناع من هم في موقع السلطة أو القوة بما تريد بالأسلوب الذي يفضلونه هم، سواء بالرشوة (نقدية أو عينية) أو بالتوسل والاستضعاف أو التخويف بعلاقة خاصة مع سلطة أعلى– ولكن لا يمكن عن طريق الحق أو القانون.

هذا ما تربى عليه جيلنا، وتعلمه جيدا خصوصا من كان يسكن منا في الأحياء الفقيرة التي تسميها السلطة عشوائية لتبرير كل أشكال الاعتداء عليها – حتى هدم المنازل والتشريد. فقد عرفنا ضابط الشرطة الذي يستقل عربة خاصة بالاستحواذ عنوة على إحدى سيارات الميكروباص وسائقها ليهبط هو وجنوده ومخبروه على إحدى المقاهي المنزوية ويبدأ في لعن وسب الجالسين بأقذع الألفاظ بعد أن يفلت من يفلت عن طريق الجري ثم ينتقي بشكل عشوائي أيضا مجموعة من الشباب يصطحبهم إلى قسم الشرطة حيث لا حقوق ولا قانون إلا إرادة من بيدهم الأمر والنهي ويستطيعون فرض ما يريدون.

تعلمنا أيضا أن القانون وضع لخدمة الأقوياء، وأن السلطة والثروة لا تعجز عن تطويع القانون لخدمة أغراضها حتى أصبحت مصر فعلا بلا قانون – رغم كثرة القوانين وتعددها – بسبب تعدد مراكز القوة والثراء التي ترغب في تمرير مصالحها مهما كانت الوسيلة، وتفاقم الأزمات واتساع رقعة الحرمان بما ينشأ عن ذلك من حاجة السلطة إلى تجاوز القانون لردع من يطالبون بحقوقهم ويجهرون بمظالمهم.

تذكرت كل ذلك عندما قرأت تصريحات للدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء نشرتها يوم الخميس الماضي جريدة المصري اليوم أكد فيها أن الإضراب محظور على موظفي الحكومة خاصة الأطباء وأن التسامح مع موظفي الضرائب العقارية كان استثناء، وأن صاحب الحق يستطيع أن يأخذه عبر قنوات التعبير القانونية. ذلك مع أن رئيس الوزراء ربما يعلم أن حظر الإضراب على موظفي الحكومة معناه العملي إغلاق واحدة من أهم قنوات التعبير التي أقرتها جميع القوانين في العالم وأحكام القضاء المصري، ولا يستثنى من ذلك موظفو الحكومة ولا الأطباء ولا غيرهم.

كما أن "استثناء" إضراب موظفي الضرائب العقارية لم يكن نتيجة لإدراك الحكومة أخيرا بوقوع الظلم عليهم كما قال الدكتور نظيف، وإلا لماذا لا تستثني الحكومة إضرابات كل من يثبت وقوع الظلم عليهم ومن بينهم الأطباء؟ ولماذا لم تستثن في الماضي إضرابات كفر الدوار في 1995 وجناكليس وغيرها كثير مع إدراكها بوقوع الظلم عليهم؟ ومن قال إن الحكومة مستعدة لرفع الظلم عن المظلومين ومعاقبة من ظلموهم؟

الناس لا تلجأ للإضراب والتظاهر رغبة منها في ممارسة تلك الشعائر "الجميلة"، ولا رغبة في التشفي بلي ذراع الحكومة على الاستجابة لمطالبهم. وإنما يلجأون إلى ذلك بعد أن جربوا جميع أشكال الاحتجاج القانوني الأخرى والتوسل والاستعطاف بل وتسول حقوقهم من كل من هب ودب. وبعد أن سدت كل الأبواب أمامهم (وأبواب المسئولين لدينا موصدة بإحكام) يلجأون إلى وسيلة الإضراب والتظاهر للمطالبة بحقوقهم والإعلان عن سخطهم وغضبهم. ورغم قيام الحكومة بحظر الإضراب أو التظاهر، يضرب الناس ويتظاهرون مؤكدين حقهم في الإضراب وحقهم في التظاهر، وهذا هو ما يحدث الآن وسيحدث في المستقبل حتى وإن رفض ذلك رئيس الوزراء.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشيف عمر يبدع في تحضير جاج بالفريكة ????


.. ما تأثير وفاة رئيسي على السياسة الخارجية الإيرانية؟ • فرانس




.. كيف سقطت مروحية الرئيس الإيراني رئيسي؟ وما سبب تحطمها؟


.. كيف حولت أميركا طائرات إيران إلى -نعوش طائرة-؟




.. بعد مقتل رئيسي.. كيف أثرت العقوبات الأميركية على قطاع الطيرا