الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسائل الى امراة عراقية كثيرة .......(الرسالةالرابعة)

ابراهيم البهرزي

2008 / 3 / 11
ملف - الثامن من آذار 2008 يوم المرأة العالمي - لا للعنف ضد المرأة


لام محمد وهي..أرملة إحدى الحروب العبثية.. كشك صغير ...تبيع فيه كل ما كان يشترى ويباع في سنوات الحصار المزدوج (محليا ودوليا )...........
كانت قد فارقت بسبب الكد والعمل أي بريق (نسوي ) وليس أنثوي فحسب ...فهي تتراكض من أقاصي السوق لأقاصيه حاملة بضاعة قديمة مشتراة قصد بيعها للشراة الجدد ...
في أعوام الحصار الكافرة تلك ...كان كل شيء من مقتنيات المنازل معروضا للبيع ....من مجلدات القرائين حتى لفائف الثياب الداخلية ...
وأم محمد ...الفقيرة الأرملة تسعى لوحدها كمكوك ارضي بين الباعة والشراة ...وحيدة حيث لا ابن بالغ لها يسندها في معركة الحياة الهمجية..... وقد تعرفت عليها كبائع وشا ر ( أبيع من مقتنيات البيت لاشتري مقومات البطون )...في تلك الايام
وهنالك في هذا الكشك المتداعي تعرفت إلى واحد ...صار فيما بعد من اصدق واغرب الأصدقاء! ...

كان (مصعب ) قد تخرج من كلية العلوم باختصاص الفيزياء ...وكان مثقفا موسوعيا يجيد الحوار في الفلسفة والموسيقى والسينما ....والسحر !
ولان السوق اصبح حوتا يبتلع الأسماك الصغيرة ...فقد استعانت (أم محمد ) التي لا سند لها ..وعن طريق الصدفة (بمصعب ) العاطل عن العمل يومذاك وخصوصا أن له شكل (قبضاي ) مرعب ..بقامته الفارعة وتكوينه الجسماني المتحدي ....ووسامته الغاضبة !
(أم محمد )تسعى سعي الأبقار المشدودة للنير من اجل أن تطعم أفواه يتاماها وجلهن من الإناث الصغيرات ....ولم تعد تأتمن لغير( مصعب ) في حسابات البيع والشراء ..بعد أن خبرت أمانته ووجدته نعم الصادق الأمين ...
غير أن المشكلة الأزلية لمصعب هي مزاجه العنيد ....
فلم يكن يطيق صبرا مع الباعة والشراة من الأعراب ...وكانت له جملة مبرمجة على لسانه متى ضاق ذرعا ببائع أو شار من الأعراب كثيري المساومات :
(روح بابه ..روح ! ....عزلنا !...لا نبيع ولا نشتري )
ويختمها ساخرا وهو يغلق باب المحل :
(قد قامت الصلاة !)
كانت هذه الارملة النبيلة لها من طول الصبر ما يجعلها تصبر على مساومات الأسعار لساعات ..حتى ترضخ لأبسط الأرباح......
وما أن تنفض البيعة حتى ينفجر (مصعب ) لاعنا الأعراب والبيع والشراء ...ومؤنبا ( أم محمد ) على هذا التذلل والصبر مع من لا تساوي قيمته كلها ...نصف قيمة ما يبيعه أو يشتريه !
وكان غالبا ما (يزعل ) وينقطع عن التواجد في الكشك ليوم أو يومين (معتكفا ) بمنزله الفقير ..
فتاتي إلينا نحن أصدقاءه المجتمعين في محل الشهيد (فيما بعد ....لأسباب طائفية )صديقنا الوديع (فائق السعدي ) شبه باكية لحالها ..
:لقد (زعل ) وتركني وحيدة في هذا السوق الكافر ::
فنذهب (لمعتكفه ) لإصلاح ذات البين ...وبعد أن يخطب خطبة عن الجهل والغباء والسذاجة التي تمتلكها هذه المرأة ...نقنعه بالعودة للعمل (مساعدة ..على الأقل! )لها في الكشك الفقير الذي تقتسم معه سداد جوعها وجوع أطفالها ...وجوعه ..
فيعود ...ويزعل ...ونصالح ............
ويعود ...ويزعل ...ونصالح .وهكذا ,
ورغما من كل نزقه ........وحالات (زعله ) واعتكافه
فقد كانت هذه الأرملة الكادحة المسكينة هي الوحيدة التي وقفت معه ...بمحنتين تعرض لهما ...من قبل (مثقفين ) من أصدقاءه.................. _وبالطبع فلا مشكلة تحدث للإنسان , أي إنسان , إلا من أدعياء الأدب ,قليلي الأدب :
فعند انتهاء حرب الخليج الأولى ...تشاطر (قاصوص )على مصعب وتبرع (وما كان لذلك حينها لزوم ...او توسط مطلوب ) بتوقيع تسريحه من الخدمة العسكرية (التي أنجزها فعلا بكامل استحقاقها ) من دائرة التجنيد لوجود أصدقاء له فيها ...فاخذ دفتر خدمته العسكرية واشر تسريحه في الدفتر وأعاده إليه ...فشكره (مصعب )على ذلك ...وهو يغبط حاله على ر فقة أهل الأدب (المرموقين ) النافعين ....
وسنكمل القصة بعد وخواتيمها بعد أن نعرض لمحنته التالية مع (أديب ) آخر :
كان (هذا الأديب (شويعر ) ادعى أن حسه اليساري الاشتراكي يحتم عليه القيام بأعمال إنسانية تنجد الفقراء والمحرومين من خلال عملية استثمار اشتراكي لما يمتلكون من اجل إدامة الحياة :
فقال هاتوا (يا رفاق الجوع ) ما تدخرون من ذهب نساءكم أو ر أسمال أعمالكم لأجل (توظيفها )في مشاريع اشتراكية تعود بالربح للمساهمين (وبريع ) صغير لأجل العمل النضالي (للحزب ) ...ولم يكن أحدا على الإطلاق في تلك الليالي السود يرى وجه حزب .. اي حزب .ولا حتى كلوحة لسوداني في ضوء القمر ::
(أم محمد ) دفعت كل ما تمتلك لهذا (المناضل الاشتراكي )بناء على نصيحة من (مصعب ) فطير القلب ....ومثله فعل فطير القلب كاتب هذه السطور بان ذهب بكل المقتنيات الذهبية القديمة لزوجته المسكينة ا وتتبع وفقا للثقة ... خطانا!! ..كل فقير مملق ...سد عليه الحصار باب الرزق ..
_أم محمد _سلمت كل أسمال كشكها لهذا المناضل اليساري ..
حتى حدثت انتكاسة السوق العراقية بعد توقيع مذكرة التفاهم ..وصار الكل يبحث عن ر أسماله المودع عند : ر فيقنا الشاعر المناضل ......
وحيث كان كلنا يمتلك الكمبيالات الملزمة فقد اختفى المستثمر الاشتراكي ..
(أم محمد ) كادت تجن لغياب كل ر اسمال حياتها عند هذا الهارب ..
(مصعب ) كاد يقتله تأنيب الضمير لكونه زكى ورغب (ام محمد ) بالاستثمار ..
اذكر ليلة عودة هذا الثعلب السارق متخفيا في الليل ...وكيف قبض مصعب بخناقه قاصدا خنقه حقا ....غير إن (أم محمد ) كان تستغيث وتندب :
لا تلوث يدك بدم الكلب ...أنا متنازلة عن مالي ...شرط أن لا تبتلي بجناية يا مصعب ...
بعد شهور قصيرة (صيغت ) لمصعب شراكا (طولب )فيها بدفتر خدمته العسكرية ...للتأكد من صدق تسريحه ...!
واتضح إن ختم التسريح من الجيش كان (مزورا )!
المؤتمن على التسريح ....كان ذلك ( القاصوص ) الدعي ...
والمستفيد _في هذا الوقت بالذات _من حبس (مصعب ) هو هذا (الشاعور ) النصاب ...
حكم (مصعب ) بالسجن سبع سنوات ...
لم تكن تراجعه في محبسه القاتل في( أبي غريب ) غير أم محمد التي أضاع مالها بسبب ثقته (برفقة ) المبادئ!...
(أم محمد )المناضلة الخاسرة الكبيرة ..لا تزال بذلك الكشك الصغير تصارع العيش .
(مصعب ) حصل على وظيفة مدرس فيزياء ...ولا زالوا ينقلونه من مدرسة لاخرى ...بسبب صدقه المتناهي المخالف لزور المهنة ....
(القاصوص ) المزور ..لايزال يكتب عن ماسي الدكتاتورية ..ونضاله المجيد ضدها ...
(النصاب ) الذي لا تزال أصول الكمبيالات المتملص منها موجودة ...صار مدير مكتب أول وزير شيوعي بعد الاحتلال ..
ومن ثم ناطقا إعلاميا لمن (كانت !) أهم مؤسسة ثقافية عريقة في العراق ...
يا (أم محمد )أيتها الأمية التي لا تزال تسعى في السوق بشرف .....ثقي أن نعلك البلاستك الرخيص هو الأرقى (ثقافيا ) من (اسكافيي) الكلام الجديد...........








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح


.. الرئيسان الروسي والصيني يعقدان جولة محادثات ثانائية في بيجين




.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط