الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غلق المساجد

أشرف عبد القادر

2008 / 3 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


في حديث مع صديق شكا لي كيف أن الحكومة المصرية غلّقت المساجد في شهر رمضان ومنعت الإعتكاف، فقلت له إنني لا أدافع عن الحكومة المصرية فلها أخطاء فادحة يعرفها القاصي والداني،خاصة الفساد المستشري فيها حتى النخاع، ولكن الحكومة معها الحق كل الحق في ذلك. فقاطعني محتداً:معها الحق؟! إنها تحارب الله ورسوله عندما تغلق المساجد. قلت له:الحكومة لا تحارب لا الله ولا رسوله ،ولكنها تحارب الإرهاب المتأسلم.
فلقد سمي الله المساجد ببيوته،فهل يعقل أن تكون بيوت الله عبارة عن أماكن لتفريخ الإرهابيين،وكذلك مستودعات لتخزين الأسلحة والمتفجرات والصواريخ، لقداستطاع المتأسلمون-كعهدنا بهم- قلب الحقائق،ورفع كلمات الحق ليريدوا بها الباطل،تماماً كما فعل معاوية وعمر بن العاص مع علي إمام المتقين،فقد قال الله في محكم كتابه : "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والمعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" ، وجعل من بيته مكاناً آمناً للراحة والسكينة وهدوء النفس والروح. المسجد يجب أن يكون ملاذاً للحزاني والمكروبين للدعاء، عسى أن يخفف الله عنهم كروبهم،أو لطلب الرحمة والمغفرة عن ذنب إقترفوه ،هذا هو دور المسجد كما أراده له خالقه، ولكنه تحول على أيدي المتأسلمين،ومافيا الدين "المهربين الدينيين"كما تسميهم "الأحداث المغربية"، إلى مكان لتجنيد الإرهابيين كما أوضحت لكم ذلك في مقاليّ[ "دور مساجد الضرار في تجنيد الانتحاريين" إيلاف 22/2/2008"] ومقالي ["رسالة مفتوحة إلى صيام والجعبري: لا تحولوا الجنة إلى ماخور " إيلاف 1/3/2008" ]،فقد حولوا المساجد إلى أبواق للحث على كراهية المرأة وعداء الآخر المغاير ونعت اليهود بـ"أولاد القردة والخنازير"،والمسيحيين بـ"الضالين" وأوكاراً لتجنيد الانتحاريين المكتئبين نفسياً والمكبوتين جنسياً. وأحلف بالله العظيم أن الغرب لا يكره لا الإسلام ولا المسلمين، ولكن يكره الإرهاب والتعصب وكل ما يمت لهما بصلة تحت أي مسمي،فلو كان تحت ستار الدين،فهو يكره هذا الدين، لأن الدين-أي دين- لا يحث على قتل الإنسان،أي إنسان، إلا بالحق.
عندما أغلقت الحكومة المصرية أبواب الجوامع في شهر رمضان لمنع الإعتكافات في المساجد،لم تفعل ذلك لأنها تكره الإسلام، ولكن لأنها تعلم مايدور في هذه الأمسيات، وتعلم إنها أمسيات للتآمر على أمن وسلامة الوطن والمواطنين،وتجنيد الإرهابيين، ماذا يريد المتأسلمون بعد أن فرغوا من أداء صلاة العشاء،وصلاة التراويح؟ هل يريدون أن تظل الجوامع مشرّعة الأبواب لتجنيد الإرهابيين وحث الشباب المكبوت حنسياً والمكتئب على النحر والانتحار، كما أوضحت ذلك في مقاليّ المذكورين؟ أوليس بغلقها للمساجد تأمن شر هؤلاء التجار الذين يشترون بآيات الله ثمناً قليلا يريدون به عرض الحياة الدنيا الفانية؟أليس ذلك منعاً احتياطياً لتحويل بيوت الله إلى مساجد الضرار لتجنيد القتلة؟!.
وقد ينبري لي متأسلم متحذلق ليقول لي : يا أخي كان المسجد على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كل شيء،حيث كانت تقام فيه الصلاة،وتعقد فيه الصفقات، وتجيّش فيه الجيوش. أليس كذلك؟!. أقول له:نعم. ولكن أين الظروف التاريخية والبيئية التي كانت تحيط بالمسلمين في ذلك الوقت؟ ولماذا تريدون أخذ مكان النبي صلى الله عليه وسلم،فهل ينزل عليكم وحي مثله؟ وعلينا أن ننزل الأحداث والنصوص موقعها التاريخي، فالمسلمين كانوا عبارة عن مجموعة من الخيام تعيش في صحراء قاحلة، والمسجد عبارة عن مكان محاط بسعف النخيل، وكان المنبر جذع نخلة، فهل هذا هو حال عصرنا اليوم؟ حيث البنايات العالية الضخمة لمجالس الشعب والشوري،والأحزاب،والنقابات حيث تناقش قضايا الشعب، ففي عصرنا ،عصر الإختصاص ،أصبح لكل مجال مكان خاص به ليحل مشاكله، صحيح أن الجامع كان هو كل شيء للمسلمين الأوائل، لأنه لم يكن يوجد غيره، وما سمي "جامع" إلا لأنه كان يجمع المسلمين، ولكن الآن كل شيء تغير، وما كان يصلح لفترة معينة لإناس معينين ، لا يصلح بالضرورة لنا ولروح عصرنا الآن،فكل شيء يتغير إلا قانون التغير،فالجامع-للأسف- لم يعد يجمع المسلمين بل أصبح-بفعل المتأسلمين- يفرقهم إلى شيع وأحزاب وطوائف يكفر يعضها بعضا ... السنة يسمون الشيعة "روافض" أي رفضوا بيعة أبو بكر وعمر، والشيعة يسمون السنة "نواصب" أي ناصبوا آل بيت رسول الله العداء ... وهلم تبديعاً وتكفيراً ...
علينا أن ننزل المساجد منازلها:هي دور للعبادة بعيدة كل البعد عن السياسة والشؤون الدنيوية، يجب أن تكون مكاناً وديعاً آمناً نشعر عند دخوله بالأمن والأمان والراحة الروحية والنفسية، لأننا سنكون في رحاب الله، الذي قال عن نفسه"كتب ربكم على نفسه الرحمة"، الله "الرحمن"،"الرحيم" "الغفار" "الودود"...إلخ.
نعم من حق الحكومة أن تغلق المساجد عقب كل صلاة حفاظاً على أمن وسلامة الوطن والمواطنين، وعلى من يريد أن يتهجد طوال الليل أن يلزم بيته، أوليس هو هو نفس الرب الذي نصلي له في البيت و المسجد،ألم يقل المبعوث رحمة للعالمين"اتقوا الشبهات" ألا لعنة الله على الكاذبين.
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يصوت الناخبون يوما لذكاء اصطناعي؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. ما تداعيات إلغاء إسرائيل -المحتمل- للإعفاءات المقدمة للمصارف




.. الانتخابات الأوروبية.. صعود اليمين | #الظهيرة


.. مارين لوبان تعلن استعداد حزبها لتولي السلطة إذا منحه الفرنسي




.. استقالة غانتس.. مطالبه وشروطه | #الظهيرة