الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عَرَب

سعدون محسن ضمد

2008 / 3 / 12
السياسة والعلاقات الدولية


إيران أدركت ذلك أخيراً وقررت أن تطوي صفحة الجاسوسية وتفتح صفحة الدبلوماسية. هذا ما أقرأه بزيارة رئيسها أحمدي نجاد إلى العراق. فهذه الزيارة تؤشر ـ فيما تؤشر ـ إلى أن إيران جادة بتعاملها مع دولة العراق (المدنية) الجديدة.
زيارة نجاد لا تعني أن إيران ستكف نهائياً عن التدخل (غير المشروع وغير المكشوف) بالشأن العراقي، فليس هناك دولة لا تتجسس على جيرانها أو لا تمارس داخل حدود هؤلاء الجيران أنشطة جاسوسية. لكن هذه الزيارة تعني بالتأكيد أن الثقل الأكبر من الأنشطة المعنية بالشأن العراقي داخل المؤسسات الإيرانية بدأت تتوجه توجهات دبلوماسية.
مرحلة الجاسوسية كانت جولة رابحة بالنسبة لإيران ليس مع العراق فقط بل مع العرب وأميركا أيضاً. فحرب الثماني سنوات علَّمت الإيرانيين مقدار الخسارة التي يمكن أن تتسبب بها الحدود غير المحروسة جيداً.. وهذا ما دفع بهم لخوض الجولة الأولى مع الوضع العراقي الجديد بأجندة جاسوسية.
الآن دخلت إيران إلى العراق وهي تحمل قرضا بقيمة مليار دولار وكماً هائلاً من التصريحات والوعود والتطمينات وبالتأكيد بعض الجمل التي تنطوي على لغة تحدٍّ واضحة. وهذا التصرف يعني أن إيران لا تراقب فقط ـ كما يفعل العرب ـ بل وتتصرف على أساس المراقبة. بمعنى أنها تدرس تحولات المراحل العراقية وتجري بعض التغييرات على استراتيجيتها المتعلقة بهذه المراحل.
أزاء مثل هذا النشاط الإيراني كيف يمكن للدول العربية المجاورة للعراق أن تكسب الجولة معها في حمى التسابق على إحراز المكاسب وحماية المصالح وهي تصرف مع الوضع في العراق ببرود غير مفهوم؟ يمكن أن نقول أن الدبلوماسية العراقية تتحمل جزءاً صغيراً من هذا البرود لكن بالتأكيد سنقول بأن الجزء الأكبر منه تتحمله العقلية السياسية العربية التي لم تحرز أي انتصار مهم لأي من قضاياها المصيرية، ولا ينتظر منها أن تحقق مثل هذا الانتصار. قبل زيارة نجاد كان الاجتياح التركي محكاً مهماً بالنسبة لتلك الدبلوماسية، لكن كان برودها مخجلاً جداً ليس لنا كعراقيين فقط بل لكل العرب وحتى للأتراك.
على كل حال، أعتقد بأن التاريخ العربي يشهد بأننا شعوب لا تستطيع المبادرة، نـحن مجتمعات لا تفعل بل ترد على أفعال الآخرين، وهذا مرض مخيف لا يؤدي لأن نكون تابعين فقط، بل ومستنزفين بالتأكيد. الفعل العربي إزاء العراق توقف عن حد الجاسوسية، وحتى في هذا السياق فإنه لم يفعل شيئاً غير تمويل العمليات الإرهابية والجعجعات الإعلامية. أنا لا أدعو للتدخل العربي ولا أتمناه ولكنني لا أفهم التصرف العربي ولا أرضاه، لا لشيء إلا لكوني عربياً، ولأن هذه الكينونة مكونة من جزئين؛ الأول تكويني والثاني ثقافي ولأن الجزء الأول لا يمكن تغييره فأنا أتمنى أن نسارع للتركيز على الجزء الثقافي من هذه الكينونة، علينا أن نخرج من إطار هذه الثقافة المريضة فهي حقاً تعاني من مرض يجدر بنا التخلص منه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتماع مصري إسرائيلي أميركي مرتقب بشأن إعادة فتح معبر رفح| #


.. المتحدث باسم الخارجية الأميركية لسكاي نيوز عربية: الكرة الآن




.. رئيس مجلس النواب الأميركي يعلن أن نتنياهو سيلقي كلمة أمام ال


.. أربعة عشر متنافسا للوصرل إلى كرسي الرئاسة الإيرانية| #غرفة_ا




.. روسيا تواصل تقدمها على جبهة خاركيف وقد فقدت أوكرانيا أكثر من