الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى المرأة في عيدها

إيمان أحمد ونوس

2008 / 3 / 12
ملف - الثامن من آذار 2008 يوم المرأة العالمي - لا للعنف ضد المرأة


يُطِلُ الربيع مزهوّاً ... يغمر الأجواء برائحته العبقة ... ويغطي البسيطة باخضرارٍ موشى بالأزاهير النضرة كما الحياة .

ويتجدد وعد الإنسانية بالأمل والعطاء ... فآذار يحمل في ثناياه أكثر من وعد وعيد ... لأنه هو العيد ذاته ... إذ يحفل بمناسبتين أنثويتين، أولاهما عيد المرأة في الثامن من آذار، وثانيهما عيد الأم في الحادي والعشرين منه .

والمرأة هذه الإنسانة المعطاءة أبداً، وتلك السنديانة الباسقة دائماً، ممتدة جذورها عميقة في الأرض التي أنجبتها ... والتي استمدت عطاءها منها، أفلا تُشبّهُ المرأة دائماً بالأرض لاتساع أفقها وقلبها ومداركها، وعمق تفكيرها ووعيها, وخصوبة عطاءاتها الجليلة والعظيمة على الدوام...؟

وكم هو جميل وعظيم أن يُحتَفَلُ بعيد من تُشَكِلُ نصف المجتمعات الإنسانية, وتمنح البشرية أجيالاً ترفد الحياة بتجدد سرمدي, وتعطي الحضارة مقومات وجودها واستمرارها الأبدي.

فهل نالت المرأة ما تصبو إليه من طموحات وآمال في أن تكون فعلاً شريكاً حقيقياً للرجل في صياغة الحياة بكل مناحيها ....؟

وهل تخطت قيود أسرها الاجتماعي لتكون على ذات الدرجة مع الرجل ....؟

قد تكون حصلت على بعضٍ من حقوقها ... لكنها مازالت في المرتبة الثانية أو أدنى، أي بعد الرجل في التراتبية الاجتماعية من حيث الحقوق, لكنها تأتي في المرتبة الأولى من حيث الوجبات الهائلة الملقاة على عاتقها دون اعترافٍ بما تقدمه.

ثمّ، هل وعتْ ذاتها ومكانتها وأنها هي المسؤولة أولاً وأخيراً عن نيل حريتها . لأن مفتاح تلك الحرية بيدها عندما تعمل على فهم واجباتها كما حقوقها, وتثقف ذاتها بكل ما يرتقي بإنسانيتها قبل أنوثتها, وينير طريق حياتها ووعيها لتكون حقيقة أهلاً لأن تصبح سيدة نفسها, وسيدة مملكتها من حيث علاقتها بشريكها وأبنائها الذين يحملون كل ما تهبه لهم من معالم الحياة وأخلاقياتها التي تحاول الحضارة الحديثة المستوردة تشويهها وتخريبها.

فالمرأة برقتها ودفئها وإنسانيتها وحدسها المرهف تستشعر مكامن الخطر على من حولها, وتحاول جاهدة إبعاد الأذى القادم نحو الحياة والمجتمع الذي تشكل نصفه، وتربي النصف الآخر، وبديهيٌ أن تكون هي من يشكل نواة هذا المجتمع بأطره وأطيافه كافة.

فكيف للضمير الاجتماعي أن يعمل أو يُبقي على عجز المرأة من خلال مفاهيم وقيم وقوانيين وشرائع سنها الرجل لمصلحته بالدرجة الأولى، وكي تنقاد المرأة خلفه بكل طواعية، خصوصاً إذا ما كانت جاهلة حقوقها، ولم تعِ ذاتها بعد...

إنّ معاناة المرأة العربية واحدة في كل بلداننا العربية، وأيضاً في البلدان الشرقية والإسلامية التي ما زالت تستمد قوانينها من تشريعات سُنّت منذ قرون...

وأيضاً تستمد بعضها من أعراف بالية تكاد تتغلب حتى على القوانين، كما في ما يُسمى بجرائم الشرف، والتي تعتمد العرف أكثر مما تعتمد القانون، لأن كثير من البلدان عدّلت في قوانينها بخصوص جرائم الشرف، لكن العرف بقي الأقوى.

ولا يمكننا أن ننفي مسألة الصراع الطبقي التي تحتم استغلال جهد المرأة كما جهد الرجل. تقول نوال السعداوي بهذا الصدد:

(( إن تحرير المرأة، لا يمكن أن يحدث في مجتمع رأسمالي، وان مساواة المرأة بالرجل، لا يمكن أن تحدث في مجتمع يفرق بين فرد وفرد، وبين طبقة وطبقة، ولهذا فان أول ما يجب أن تدركه المرأة، هو أن تحريرها، هو جزء من تحرير المجتمع كله من النظام الرأسمالي.))

وأعتقد أنه يقع على عاتق المرأة مهام كبيرة تحتاج لفكر متقد، ووعي صادق وحقيقي تجاه قضاياها عامة، وإنسانيتها خاصة، بتثقيف ذاتها وعمق اطلاعها على كافة القوانين المتعلقة بحقوقها وواجباتها، وقبل كل هذا وذاك إيمانها الحقيقي بذاتها وإمكانياتها وحقها في الحياة كما الرجل تماماً من حيث الحقوق والواجبات

وهنا تؤكد نوال السعداوي على العوامل النفسية والاجتماعية التي تعمّق التباين في مكانة كلٍ من الرجل والمرأة في المجتمع فتقول:

(( إن عدم نضج المرأة وعدم نضج الرجل -" هو السبب الرئيسي وراء معظم الانحرافات والمشاكل الاجتماعية والنفسية والجنسية، فيتحول إحساس الرجل بإيجابيته الى المبالغة في السيطرة، وميل الى الأنانية و السادية (الرغبة في الإيلام)، وتزيد من إحساس بسلبيتها، لتصبح مبالغة في الخضوع و الماسوشية (الرغبة في استشعار الألم).))

من هنا أرى لزاماً على المرأة والرجل أن يدركان تماماً أن العلاقة بينهما علاقة تكاملية من ناحية العواطف والمشاعر والحياة الاجتماعية والفيزيولوجية، فمن الضروري والهام جداً معرفتهما لطبيعة هذه العلاقة والتفريق بين التكامل والمساواة التي من المفترض أن تكون في القانون( الحقوق والواجبات)

فإلى من تهب الحياة للحياة ... وإلى من تمنح الحب والأمل والتفاؤل( أماً، أختاً، زوجةً، وابنة)) كل الحب.

كل صباح وكل آذار ونساء الأرض سعيدات .












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح


.. الرئيسان الروسي والصيني يعقدان جولة محادثات ثانائية في بيجين




.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط