الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطفلة - الأم.. في يومها العالمي كامرأة

عماد الدين رائف

2008 / 3 / 13
ملف - الثامن من آذار 2008 يوم المرأة العالمي - لا للعنف ضد المرأة


قد تصطنع ابتسامة، أو نظرة حائرة موهمة المتحدث إليها بعدم فهم سؤاله، لكن البراءة الظاهرة في أجوبتها القصيرة المبتورة تفضحها.
في السابعة عشرة. طفلة. نحيلة في حجابها، في ثوبها الشرعي الفضفاض، الذي ألزمها نظام المدرسة ارتداءه. هي طفلة وفق تصنيف القانون الدولي، وفق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتفسيراته التي لا تنتهي.
تحمل مسؤولية عمل شاق يبدأ مع الفجر ولا ينتهي بعد الغروب. تحمل مسؤولية طفليها الصغيرين وائل (3 سنوات)، وفرح (سنة ونصف). تنطلق إلى عملها في إحدى المدارس الخاصة صباحا حاملة طفلتها الصغيرة، تتركها في حضانة المدرسة، تترك ولدها البكر مع أبيه ليتحمل شيطنته في المدرسة الأخرى حيث يعمل.
يبدأ نهار رولا، >، في المدرسة حيث تتقاسم مع زميلة لها، مهمة تنظيف الأدراج والغرف والزجاج، والمرايا، والمنافض، التي يترك فيها المدخنون هموم نهارهم الطويل. >، كلمة اعتادت عليها رولا، تختلف تعابير وجهها الطفولي في كل مرة تتلفظ بها. في الجواب عن <<كيفك اليوم؟>>، أو <<كيف صار ابنك، انشاء الله طلعتيه من المستشفى؟>>، أو <<مبسوطة بالشغل هون؟>>. الكلمات ذاتها تخرج من بين شفتيها <<الحمد لله>>. تتقاضى الحد الأدنى، ككثيرات من الفتيات أمثالها بين جدران هذا الوطن الصغير.
تقول رولا: <<كنت أعمل في مهنة أحبها، الرسم على الزجاج>>. لكن لماذا تركت تلك المهنة؟ تجيب <<هيك! الحمد لله على كل شيء>>. تشرح رولا عن موهبتها التي لم يتسن لها أن تحدث أحداً من قبل عنها، تضيف: <<في مهنة الرسم على الزجاج كنا نستعمل تقنيات جيدة تعودناها، فبعد إلصاق ورق خاص ذي رطوبة على الزجاجيات، نقوم بمسحها بشكل جيد بقطعة جلدية لكي تخرج فقاقيع المياه المحتجزة من الورق المقوى، ثم ندخل القطعة الزجاجية إلى الفرن، فتتكون قشرة رقيقة، وبعدها يبدأ عملي بواسطة الريشة>>. بعض تلك الزجاجيات ما زالت تحتفظ بها رولا تعبيراً عن براعتها في عملها، ترسم بالذهب والفضة، فتعطي الزجاج الميت جمالاً وبريقاً، في انتظار مشتر راغب فيه.
مطبخ المدرسة الصغير، الملحق بالمصلى، عالمها.
تحبه كما تحب طفلة ألعابها. من المطبخ تحرص على أن تخرج أكواب الشاي صافية <<دمعة>>، كوب النسكافيه الصباحي للإداريين، لا يزعجها، فالمقادير محددة في الظروف. للشاي نكهته، وصفاؤه الأحمر اللطيف. لمناقيش الصباح طعم مختلف حين تحمل بيد الكادحين الصغار. هاجس النظافة يطارد رولا في كل زاوية من زوايا المدرسة، خاصة الجزء المسؤولة عنه شخصيا، أما عندما غابت زميلتها، اضطرت أن تلازم ابنا لها كان مريضا. كانت رولا تؤدي جهدا مضاعفا، إذ أن همّ نظافة المكان كله كان ملقىً على عاتقها. كثيرة التأمل، لا تفرح ولا تحزن، حتى عندما تصب الملاحظات على رأسها صباً من هذا الشخص أو ذاك.
<<مسالمة أكثر من اللزوم>>، هكذا تصفها زميلة لها. حذرة في ردات فعلها، تخاف أن تفهم كلماتها بشكل خاطئ فتفضل عدم الكلام. يحبها كل من يعرفها، كما هي، ولا يجرؤ أحد أن يحول بينها وبين ما تنظر إليه خلف الأشياء في تأملها الصامت، تستند إلى حافة الباب المصنوعة من الألومينيوم الأخضر، تنتظر بصمتها أن يتحرك صاحب المكتب من مكانه كي تقوم بتنظيفة سريعة، يكسر صمتها سؤال، <<رولا، كيفك اليوم؟>>. <<إيه!.. الحمد لله>>. في يومها كامرأة، هي لا تعرف بهذا اليوم، لكنها إن عرفت، قد تصطنع ابتسامة.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهدد بحرب واسعة في لبنان وحزب الله يصر على مواصلة ال


.. المنطقة الآمنة لنازحي رفح | #غرفة_الأخبار




.. وثيقة تكشف تفاصيل مقتل الناشطة الإيرانية نيكا شكارامي عام 20


.. تقرير إسباني: سحب الدبابة -أبرامز- من المعارك بسبب مخاوف من




.. السعودية تسعى للتوصل لاتفاقيات شراكة أمنية مع الولايات المتح