الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوهام القبض على الدكتاتور 4 نقد الأساطير الاجتماعية والمرايا المتعاكسة

حمزة الحسن

2003 / 12 / 20
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يخرج الدكتاتور عادة من وهم الأوهام وهو وهم الفراغ السياسي والتاريخي والاجتماعي، أي الوهم الذي يكبس على وعي الجميع، وهو وعي غائب ومغيب في آن، ويجعلهم في حالة ترقب عند تخوم المدن أو التاريخ أو الغيب في انتظار ظهور الأمل الملهم في هذه العتمة الباردة.

وهذا الوهم، وهم القلق، والانتظار، والقائد الغائب، هو وهم  له ما يبرره على مستوى الميثولوجيا في كل عصور التاريخ، لكن إعادة إنتاج هذا الوهم في السياسة يمثل نكوصا وضربة قاسية  للوعي البشري وللمعرفة.

فليس القائد هو الغائب بل وعي الأمة أو وعي الجماعة لكن هذا الوهم الملتوي يظهر على غير حقيقته كما في كل الأوهام التاريخية الأخرى.

ومما يزيد من غياب الوعي السياسي والمعرفي هو مواصلة نخب السياسة ـ وتبعتها نخب الثقافة في منافسة على قضم الضباب ! ـ في ممارسة شناعة تملق الجمهور وتقديس أخطاء الجماهير على حساب كل شيء، كل شيء، بما في ذلك تقديس الجهل، والأساطير، والأوهام، بل بيع الوهم لها إذا تطلبت حاجات السياسة ـ وليس ضرورات المعرفة ـ وإقامة، على سبيل المثال، التحالفات مع قوى بوليسية بحجة صيانة المستقبل أو دفعها نحن مواقع أفضل الأمر الذي قاد إلى مزيد من تغول السلطة، وإلى مزيد من تغول الدولة وتحولها إلى عصابة.

وهذا الوهم ـ المتواصل حتى اللحظة ! ـ يتجدد كل حقبة فهو مرة التحالف مع الفاشية لدفعها نحو الوطنية أو الاشتراكية أو التقدمية وأسفر هذا الوعي العاطل عن حمام دم لم ينقطع حتى هذه اللحظة وبدا التاريخ كله من صنع دكتاتور واحد واختفى الآخرون ـ كما في كل مرحلة ـ خلف واجهة المسرح ليظهر الرجل الوحيد المجرم في مملكة فراشات السياسة!

وبيع الوهم يتواصل اليوم من خلال التحالف أيضا مع سلطة الاحتلال( بدون مكاسب حقيقية تستأهل!) بعد غسل الشعارات القديمة لكي تدخل في سوق التداول: أصبح اليوم هذا التحالف، يقولون، لتجنب  مواجهة غير متكافئة، بعد أن كان سابقا لدفع سلطة وحشية نحو الأجمل كأن عملية تكون الفاشية تحدث في  صالون حلاقة وليس في قوانين سوق ومال وسياسة ولغة وتاريخ ومصالح وصراع.

إنه الوهم في كل مرة يعيد تلقيح نفسه لأن مراجعة حقيقية ونقد للأساطير الاجتماعية وفتح سجلات المجتمع  للفحص والنظر الجديد لم تقع ولن تقع في الأقل على يد هذه الشرائح المشغولة بمكاسب السياسة اليوم على حساب مكاسب المستقبل: لأن مكاسب المستقبل ستكون من حصة الأجيال القادمة وليس في العقل السياسي العراقي ـ بل العربي ـ والمشرقي عامة هذا البعد في النظر، وهذه الأخلاقية السياسية.

هكذا يؤدي بقاء الأساطير الاجتماعية حية وطرية في الوعي الجماعي اليوم إلى إعادة صوغ شكل الدكتاتور مرة أخرى من صورة رجل إلى صورة مؤسسة.

ومن يدري، ربما، يكون الرجال الأربعة الذين جلسوا مع الدكتاتور بعد القبض عليه قد شاهدوا،مندهشين، في وجهه صورة أربعة رجال منعكسة في مرآة مهشمة، وربما شاهد هو الآخر صورته منعكسة في هذه الوجوه في مرآة  في طور التكوين !

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك


.. إسرائيل -مستعدة- لتأجيل اجتياح رفح بحال التوصل -لاتفاق أسرى-




.. محمود عباس يطالب بوقف القتال وتزويد غزة بالمساعدات| #عاجل


.. ماكرون يدعو إلى نقاش حول الدفاع الأوروبي يشمل السلاح النووي




.. مسؤولون في الخارجية الأميركية يشككون في انتهاك إسرائيل للقان