الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قانون مجالس المحافظات بين إقرار البرلمان ونقض الرئاسة

جاسم الحلفي

2008 / 3 / 14
دراسات وابحاث قانونية


يباشر مجلس النواب أعماله في منتصف الأسبوع القادم، بعد عطله قصيرة، أعقبت جلسات عمل مهمة وحساسة تُوجت بالتصويت على ثلاثة قوانين مهمة، هي ميزانية عام 2008، وقانون العفو العام، وقانون مجالس المحافظات. ولابد من الاشارة الى ان هذه القوانين تعد، الى جانب مشروع قانون النفط والغاز، وما يمكن ان يتضمنه من تأمين حقوق وتوزيع عادل للثروة لعموم الشعب العراقي، من أهم القوانين وأكثرها حساسية، ولهذا أثارت وتثير الجدل والنقاش الواسع حولها، وينظر إليها المهتمون باعتبارها يمكن ان تساعد في خلق أجواء ايجابية تساهم في دفع العملية السياسية وتخليصها من حالة الركود الذي تعاني منه.

غير ان مسار الإحداث يشير الى ان البرلمان والكتل السياسية ستدخل في نقاش وصراع جديدين، قد تسهم في خلق تجاذبات وتوترات جديدة، لم تكن مطلوبة، بعد ان تم نقض قانون مجالس المحافظات من قبل مجلس الرئاسة، وإعادته، مرة أخرى، لمجلس النواب لدراسته مجددا.

في هذا السياق أبدى عدد من الكتل النيابية رفضه واعتراضه على إعادة قانون مجالس المحافظات ثانية إلى مجلس النواب، لأن التصويت عليه جاء ضمن التصويت على القوانين الثلاثة سالفة الذكر، كحزمة واحدة وفي صفقة واحدة اثر نقاش وجدال واسعين وبعد توافقات دقيقة بين الكتل السياسية.

ورغم ان الدستور يقر لهيئة الرئاسة ويعطيها حق عدم التصديق على القوانين التي يقرها مجلس النواب وإعادتها اليه مرة أخرى، ودستورية هذا الحق الذي لا يستطيع احد ان يطعن به ، لكن ذلك سيخلق مناخا لا يساعد على العمل والتنسيق المشترك والتوافق المطلوب، ما يسبب في تعطيل عمل مجلس النواب وإشغاله بصراعات غير مجدية وغير مفيدة في وقت يتطلب فيه العمل المسؤول والدؤوب من اجل حسم ملفات عديدة، تخص حياة الناس ومستقبلهم.

ان الجو السياسي في العراق يأخذ بالتأكيد التوازنات وتناسب القوى بنظر الاعتبار، لكن مصلحة واستقرار العراق وبنائه، تظل هي الهاجس الأكبر الذي ينبغي ان يتبناه الجميع، بغض النظر عن المصالح الشخصية والحزبية لهذا الطرف او ذاك.

ان من الصعوبة بمكان العودة الى المركزية في إدارة الدولة، لأن التوجه الجديد لبناء الدولة العراقية الحديثة يعطي أهمية للإدارة اللامركزية وحسب الدستور، وان تلعب اللامركزية في إدارة الدولة دورا رائدا في بناء العراق الجديد، وان يفسح في المجال للطاقات والإمكانيات المحلية كي تؤدي دورها في عملية البناء والتقدم. ولكن يجب ان لا يفهم من ذلك، بالمقابل، انه يعني إضعاف الدولة، وتراجع دورها المركزي، ما يمكن ان يؤدي الى دولة ضعيفة لا تصمد إمام التحديات. لذا يعتمد البناء القوي والصحيح للدولة الديمقراطية الفدرالية على المعادلة المتوازنة بين المركز ودوره وصلاحياته، وبين دور الأقاليم والمحافظات، وعلى التوزيع العادل والصحيح للسلطات والثروات، وحسن الإدارة ودقة التنظيم.
وبهذا المعنى أرى ان ما يحتاجه العراق، ضمن توجهاته الحالية نحو اللامركزية في الإدارة والحكم، هو بناء حكومة اتحادية مركزية قوية وحكومات أقاليم ومحافظات قوية أيضا.

وضمن ظروف العراق الملموسة وتوازن القوى السائد في هذه المرحلة، يعتبر قانون المحافظات الذي تم إقراره من قبل مجلس النواب، قانونا ملائما وممكنا ويمثل المشترك الوطني بين مختلف الإطراف.

وحتى تتم انتخابات مجالس المحافظات في وقتها المحدد في الأول من تشرين الأول القادم وعلى وفق القانون الجديد، لا بد ان يتم التوصل الى توافق سياسي يمكن مجلس النواب من إقرار القانون بقوة ثلاثة أخماس أعضاء مجلس النواب، وليس بتوفّر النصاب، كما يقول الدستور، لذا تبدو مهمة إقرار القانون مجددا في مجلس النواب صعبة للغاية، وعلى هيئة الرئاسة ان تلعب دورا يتناسب مع هذه المهمة الكبيرة، وذلك بفتح حوار هادئ وهادف ومتواصل مع ممثلي الكتل السياسية في البرلمان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا.. تفاصيل خطة حكومة سوناك للتخلص من أزمة المهاجرين


.. مبادرة شبابية لتخفيف الحر على النازحين في الشمال السوري




.. رغم النزوح والا?عاقة.. فلسطيني في غزة يعلم الأطفال النازحين


.. ألمانيا.. تشديد في سياسة الهجرة وإجراءات لتنفير المهاجرين!




.. ”قرار تاريخي“.. القضاء الفرنسي يصادق على مذكرة اعتقال بشار ا