الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل ستأتي اللحظة التي نقرر فيها حل السلطة الفلسطينية؟

عماد صلاح الدين

2008 / 3 / 14
القضية الفلسطينية


كانت تجربة أوسلو التي قادها الراحل عرفات مغامرة خطيرة جدا في سياقات ثلاثة أساسية: أولها، الاعتراف المسبق بإسرائيل دون ثمن أو مقابل تبادلي وفوري حقيقي لصالح الفلسطينيين ،ولو على صعيد الاعتراف النظري المجرد بحقوقهم المشروعة. وثانيها، قيام قيادة منظمة التحرير الفلسطينية بشجب المقاومة ونبذها على اعتبار أنها عنف وداخلة في سياق الإرهاب المجرم مع الاعتذار وإبداء الندم على أعمال النضال والكفاح المسلح السابقة ،والتعهد بعدم ارتكاب وتنفيذ أعمال من هذا القبيل في المستقبل. وثالثها ،قبول قيادة المنظمة وحركة فتح بنقل الواجبات والالتزامات التي يفرضها القانون الدولي والإنساني الدولي منه خصوصا على "إسرائيل" ككيان احتلالي وتحويل هذه الأعباء والالتزامات في السياق القانوني والخدمي المدني الإنساني إلى سلطة حكم ذاتي محدودة الإمكانيات والصلاحيات في آن واحد . هذا القلب والعكس الحاد لطبيعة الأشياء في المشهد الفلسطيني الكلي المحتل جاء كسابقة خطيرة وفريدة من نوعها ربما على مستوى التاريخ القديم والتجربة المعاصرة في سياق ما استقر وعَرف عليه واقع الممارسة في طبيعة العرف الدولي والعلاقات الدولية عموما المنظّمة لاحقا في إطار القانون الدولي وارتباطاته وملحقاته المختلفة والعديدة .

وبرأي المتواضع أن الراحل عرفات كان يدرك ماهية وحجم المغامرة الخطيرة هذه التي أقدم عليها ، ولكنه على أية حال كان يضع هدفا واحدا وزمنيا لهذا المغامرة الخطيرة . وبغض النظر عن مدى عقلانية أو عدم عقلانية هذه الخطوة ، فعرفات كان يعتبرها ضربا من الواقعية السياسية التي لابد من تجريبها وإتباعها في ظل المعطيات الإقليمية والدولية السائدة في حينها ، وبمجمل الحال كان عرفات بصفته صاحب الكلمة الأولى في المنظمة وفتح والسلطة الجديدة يريد تحقيق هدف الدولة المستقلة ، ومن اجل عيون هذه الدولة الحلم والوعد قدم تنازلات واستحقاقات سياسية وأمنية وغيرها وبشكل جنوني إن جاز التعبير ، على أمل تحقيق ذلك الحلم والهدف الكبير .

وفي هذا السياق ، لم يكن ياسر عرفات يخادع شعبه حول حقيقة أهدافه الوطنية ، نعم هو قد استحقاقات خطيرة على المستوى القانوني و السياسي والأمني لإسرائيل ، لكنه لم يكن ينظر لنفسه وللسلطة التي يقودها على أنهما وكلاء خدمة أمنية وسياسية للاحتلال . هو لم يكن ليقبل بسلطة حكم ذاتي إلى ما لانهاية ، هو لم يقبل بان يكون قائما على حماية امن" إسرائيل" ومطاردة واعتقال عناصر المقاومة الفلسطينية إلى ما لانهاية ، وهو أيضا لم يكن ليقبل بتحمل مسؤوليات الاحتلال الخدمية والإنسانية والقانونية إلى ما لانهاية . انه باختصار كان يريد دولة ولو على حساب بعض حقوق شعبه سياسيا وقانونيا وخدميا ، ولكن ذلك إلى حين ، وهو أيضا كان صادقا حتى مع "إسرائيل" حول الشراكة السياسية والأمنية والاقتصادية والعبور المشترك إلى العالم العربي ، ولكن كل ذلك بثمن الدولة المستقلة التي أرادها للفلسطينيين . هذا هو طموح الراحل عرفات ، ولنا في كامب ديفيد الثانية وفي حصاره وقتله بالسموم دليلان قويان وبارزان .

كًشف إذن الخداع والتضليل الإسرائيلي المدعوم بالغطاء والنفاق الأمريكي والأوروبي والدولي عموما حول طبيعة هدفه وغرضه من مشروع السلام في مدريد وأوسلو ، لكن المشكلة تفاقمت وتعقدت كثيرا بفعل أولئك الذين يعتبرون الشراكة مع "إسرائيل" سياسيا وامنيا واقتصاديا خطا استراتيجيا لا يمكن القبول أو التطلع إلى غيره مهما حدثت أو طرأت على المنطقة وعلى ميزان العلاقات الدولية تغييرات ايجابية لصالح معادلات إقليمية ودولية تصب لصالح القضية الفلسطينية .إننا بالفعل أصبحنا أمام جهات فلسطينية وعربية "اعتدالية" تدخل في الحلف الأمريكي و"الإسرائيلي" ليس إلا ، وللعلم وكما أوضح الأستاذ الدكتور بشير موسى نافع الباحث في التاريخ العربي الحديث في مقال له حول " حقيقة موقف السلطة وبعض العرب من المسألة الفلسطينية" المنشورة في صحيفة القدس العربي اللندنية في آذار - 2008 ، فإن اتفاق أوسلو لم يكن في أساسه إطارا للتسوية وإنما كان بحسب الشروط الأمريكية و"الإسرائيلية" الغالبة فيه إطارا للشراكة للسياسية والأمنية والاقتصادية مع"إسرائيل" ، وان الوحيد الذي انتفض على حقيقة وجوهر هذا الإطار هو عرفات وحده ، لان اغلب المحيطين والمقربين منه فلسطينيا كانوا قد أداروا الظهر منذ أمد ليس بقصير للصحراء " العرب" واتجهوا صوب المتوسط " أمريكا وأوروبا" . وهؤلاء المقربون من عرفات فلسطينيا هم من خرجوا عليه في نهاية المطاف وتحديدا في أوج حصاره في المقاطعة برام الله عام 2003 .

وأمام حقيقية هذه الشراكة والتحالف مع إسرائيل ، فليس غريبا على القيادة الفلسطينية الرسمية أن تعلن تمسكها ليلا نهارا بالتفاوض كخيار تاريخي واستراتيجي، وهو الخيار الذي ثبت بالتجربة انه لا يعني سوى التسليم بما تطرحه الولايات المتحدة وإسرائيل من رؤية للتسوية . وهذا الخيار يتطلب من القيادة الفلسطينية الرسمية أن تستبعد المقاومة المسلحة نهائيا من نهجها بل وإدانتها وتحقيرها أيضا ، ويتطلب أيضا إقصاء بل وإفناء كل الحركات الأخرى التي تنهج خط المقاومة ، وهو أخيرا وليس آخرا يتطلب السكوت الحقيقي والجوهري على السلوك "الإسرائيلي" باتجاه إقامة المستوطنات وتوسيعها وإتمام بناء الجدار وغيرها من الإجراءات الإسرائيلية إلى الحد الذي تشبِع فيه إسرائيل أطماعها ورغباتها بشأن مشروعها القائم على السيطرة على معظم ارض فلسطين التاريخية . أليس هذا الذي يجري على الأرض برغم انابوليس وجولات اللقاء الفلسطينية "الإسرائيلية" العديدة ، أليس هذا -وهو الأهم -ما تعنيه إستراتيجية التفاوض بالمعنى السياسي والدبلوماسي ؟.

للأسف أن دور السلطة الفلسطينية أصبح محل نظر وذلك من زاويتين :
الأولى : أن السلطة الفلسطينية تعمل على إرضاء الاحتلال من خلال العمل على أمنه ، والذي يجري في الضفة واضح جدا ، من اعتقالات واستهداف للمقاومة الفلسطينية ، ومن خلال القيام بالتزامات الاحتلال القانونية والمدنية والخدمية التي يفرضها عليه القانون الدولي.
الثاني: تكرار الوعود للشعب الفلسطيني بمستقبل سياسي ، والنتيجة لاشيء ، بل كوارث أصابت الناس والقضية.

لقد كانت هناك دعوات كثيرة من قبل كتاب محسوبين على المفاوض الفلسطيني تدعو إلى النظر في دور السلطة ومستقبلها ، بل إن البعض منهم دعا إلى التفكير في حلها . هذه الدعوات كانت في ظل انقطاع الرواتب في عهد حكومة حماس بسبب الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني . واليوم بعد اتضاح فشل مسيرة نهج التفاوض بشكل جلي لمن كان يشك بغير ذلك ، وفي ظل وصول تعنت" إسرائيل" ورفضها لمجرد تهدئة لوقف عدوانها على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة ، أليس مطلوبا الآن تحديد الموقف ولو مستقبلا من سلطة تحت الاحتلال ، لا تريد منها"إسرائيل" سوى أن تكون أداة وظيفية عندها امنيا وخدميا ، وأيضا كواجهة سياسية وقانونية لذبح الشعب الفلسطيني واعتباره مجرما وإرهابيا إذا أراد أن يدافع عن نفسه في وجه إرهاب كيان "إسرائيل" الاحتلالي ، فإلى متى هذه المهزلة يا ترى ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل حسن نصر الله.. هل تخلت إيران عن حزب الله؟


.. دوي انفجار بعد سقوط صاروخ على نهاريا في الجليل الغربي




.. تصاعد الدخان بعد الغارة الإسرائيلية الجديدة على الضاحية الجن


.. اعتراض مسيرة أطلقت من جنوب لبنان فوق سماء مستوطنة نهاريا




.. مقابلة خاصة مع رئيس التيار الشيعي الحر الشيخ محمد الحاج حسن