الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرؤيا الأمريكية في نشر الديمقراطية

حسين علي الحمداني

2008 / 3 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


إن تراجع الولايات المتحدة الأمريكية في سياستها لترويج الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط محل اهتمام العديد من المفكرين الأمريكيين الذين انقسموا الى فريقين: الفريق الأول رأى ان مسألة نشر الديمقراطية في منطقة الشرق الاوسط ليست ممكنة بالنظر إلى عوامل عديدة ومن ثم ينبغي ألا تُجهد الولايات المتحدة نفسها بهذا الأمر،مستشهدين بالتجربة العراقية وآثارها المحتملة في المنطقة وما يمكن ان تكون عامل مؤثر لدول الجوار العراقي وخاصة الخليج العربي ذات الطبيعة المحافظة من جهة والعلاقات المتينة مع أمريكا من جهة أخرى. والفريق الثاني رأى انه ينبغي على واشنطن ان تستأنف سياسة الترويج للديمقراطية ونشرها في المنطقة وذلك على اعتبار ان هذه السياسة تصب في مصلحة دعم الأمن القومي الأمريكي. خاصة وان إحداث 11 أيلول ( سبتمبر) كشفت تورط بعض الأنظمة الشمولية في دعم هذه الهجمات ومن بين أعضاء الفريق الثاني المفكر الأمريكي الشهير فرانسيس فوكوياما صاحب نظرية "نهاية التاريخ" والكاتب مايكل ماكفول الأستاذ بمعهد هوفر، وأستاذ العلوم السياسية ومدير مركز الديمقراطية والتنمية وحكم القانون في جامعة ستانفورد. وقد عبر فوكوياما وماكفول عن رؤيتهما في دراسة بعنوان "هل ينبغي تشجيع الديمقراطية أم إهمالها؟، ينتقل فرانسيس فوكوياما ومايكل ماكفول، بعد أن تحدثا عن الأسباب التي تدفع إلى المضي في إتباع سياسة الترويج للديمقراطية، إلى طرح إستراتيجية جديدة تشمل مجموعة من الأدوات التي من شأنها أن تساعد في تنفيذ هذه السياسة وذلك على النحو التالي:
01ترويج الديمقراطية..إعادة التصور
مع اعتراف الكاتبين بمحدودية قدرة الولايات المتحدة للترويج للديمقراطية في الخارج، فإنهما أكدا على أن السياسات الأمريكية يمكن أَن تكون مهمة جداً في المساعدة على تنشئة التطور الديمقراطيِ وذلك من خلال وسائل غير عسكرية تهدف إلى تغيير ميزان القوى بين القوى الديمقراطية وبين الحُكام الاستبداديين، والى بناء المؤسسات الليبرالية، وبصفة عامة فإنه من بين تلك الوسائل ما يلي:
02إعادة المثالِ الأمريكيِ
يركز فوكوياما وماكفول في حديثهما عن هذه الوسيلة علي ضرورة إعادة الصورة الجيدة للنموذج الديمقراطي الأمريكي الذي طالما كان مثاراً للفخر والإعجاب،ىمشيرين إلي أن هذه الآلية تحتاج لإعادة النظر بعد الضرر الذي أصابها بشدة بسبب الطرق التي استخدمتها الإدارة لخوض حرب عالمية على الإرهاب، وما ترتب عليها من الاحتجاز الغير محدد للمقاتلين / الإرهابيين في معسكر غوانتانامو في كوبا، علاوة على التصنت الغير مخول به على المكالمات الهاتفية للمواطنين الأمريكيين والذي ساعد على خلق انطباع خاطئ في الخارج بأن الحكومة الأمريكية ستضحي بالحريات المدنية للأفراد باسم قتال الإرهاب، ومن اجل إحياء النموذج الديمقراطي الأمريكي جاءت الإشارة إلى ضرورة إغلاق معسكر غوانتانامو ، وتعديل أو إلغاء القانون الذي تم تمريره في 2006 ونص على احتجاز العدو المقاتل، والتخلص من أساليب التعذيب الممنوعة، وبالتوازي، ينبغي تحسين الجُهود الأمريكية في الدبلوماسيةِ العامة. وذلك بالاستماع إلى ما يقوله غير الأمريكيين وما يريدونه بدلاً من الذي تفكر فيه الولايات المتحدة وتعتقد بأنهم يُريدون. ففي الشرق الأوسط على سبيل المثال، جادل العديد مِن العرب بأن الولايات المتحدة مكروهة ليس بسبب قيمها،ولكن لمواقفها المؤيدة دائما لإسرائيل على حساب العرب . لذا فإن نقطة البداية لدبلوماسية عامة أفضل هي التوقف عن الكلام والبدء بالاستماع إلى الشعوب الأخرى، من أجل مُقارنة المُنتج الذي تعرضه الولايات المتحدة بالتطلعات الفعلية للجماهير الديمقراطية حول العالم. وإلي جانب ذلك قد يكون من الأفضل للولايات المتحدة أَن تُخفف خطابها العام حول الترويج الديمقراطية. فالزعم المعلن بأن الترويج للديمقراطية يأتي بحثاً عن مصالح الوطنية الأمريكية، كما في الحرب على الإرهاب، قد أدى إلى الإساءة لهذا الأمر والى الولايات المتحدة ذاتها. يضاف الى ذلك ان الولايات المتحدة الأمريكية وبعد أحداث 11 سبتمبر قد اكتشفت ان غالبية الشعوب لم تتعاطف معها بسبب ما تتصوره هذه الشعوب من إن أمريكا نفسها قوة غاشمة .
03إنْعاش دبلوماسية المسار المزدوج
يقصد بـ "دبلوماسية المسار المزدوج" أن تتعامل الولايات المتحدة مع الدول الأوتوقراطية في الوقت الذي تعمل فيه أيضاً من أجل الديمقراطية في هذه البلدان، وفي هذا الصدد نجد بأنه من السذاجة الاعتقاد أن الولايات المتّحدة يجب أَن تعمل فقط مع الديمقراطيات الأخرى. فالخبرات التاريخية تشير إلى تعامل أمريكا مع الدول غير الديمقراطية كما هو حال في دول الخليج العربي ، كما أن التنوع في الأمن الأمريكي، والمصالح الاقتصادية والبيئية حول العالم تستوجب الارتباط الدبلوماسي بالحكومات الأوتوقراطية. وفي إطار تطبيق تلك الدبلوماسية ينبغي على الولايات المتحدة أن تتبع عدة وسائل تمكنها من الضغط لتحقيق الديمقراطية، خصوصاً على الدول التي تعتمد على الحماية العسكرية الأمريكية، أو على المساعدة العسكرية، أَو المعونة الاقتصادية؛ على أن يكون المنطق هو إقناع الأصدقاء بأن في إمكانهم أن يقوموا بحماية مصالحهم المادية والأمنية من خلال التغيير والتطوير ومساعدتهم على تبني التغيير الديمقراطي. ولا يقتصر الأمر على الحلفاء بل أيضاً في الدول المعادية. فالمحاولات لعزل أو معاقبة هذه الدول نادراً ما تنجح لأن الولايات المتحدة لا تملك علاقات تجارية مهمة أو استثمارات في إيران وكوبا وبورما فإن العقوبات ضد هذه الدول لن تعمل سوى القليل لمساعدة القوي المؤيدة للديمقراطية داخل هذه البلدان، ومن ثم يمكن أن تخلق العلاقات الدبلوماسية مع هذه الأنظمة، بيئة أكثر ملائمة للتطور الديمقراطيِ الداخليِ. ففي الإتحاد السّوفيتي، على سبيل المثال، اكتسبت القوى الديمقراطيةَ القوّة في أواخر الثمانيناتِ حينما كانت العلاقات الأمريكية السوفيتية تتحسّن،علي عكس ما كان سائداً في بدايات العقد حين كانت العلاقات متوترة.ومع استثناءات نادرة، فإن السياسات التي تعرض المجتمعات والاقتصاديات إلى التأثير الدولي قد ساعدت على دَفْع التغيير ديمقراطيِ، بينما تؤدي السياسات التي تَعْزل المجتمعات إلي عرقلة مثل هذا التقدم.
وعند هذه النقطة يربط الكاتبان ترويج الديمقراطية بالتنمية الاقتصادية إذ يشيرا إلى أنه ينبغي أن توضع الأولى في سياق أوسع يشمل ترويج التنمية الاقتصادية وتقليص الفقر وتعزيز الحكم الجيد. ويرجع ذلك إلى الارتباط القائم بين هذه الأهداف الأربعة. فالحكم الجيد يُقبل علي نطاق واسع كضرورة للنمو الاقتصادي، والفقر الواسع الانتشار يقوّض الشرعية الديمقراطية، والنمو يقلل الفقر، والمحاسبة الديمقراطية مطلوبة في أغلب الأحيان لمواجهة الفساد والحكم السيئ، والنمو يخلق مناخا مناسباً لتعزيز الديمقراطية، كما أن الحكم الجيد في الدول المستلمة للمعونة مطلوب أيضاً من أجل الإبْقاء علي الدعم الشعبي والبرلماني لبرامج المساعدة.
04تَحسين وإنشاء المؤسسات الدولية
ضرورة وجود مؤسسات دولية توفر البيئة المناسبة للترويج للديمقراطية ونموها ونجد في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية التي شهدت قيام الولايات المتحدة بوضع الأدوات الملائمة لخلق بيئة آمنة مستقرة في مواجهة الإتحاد السوفيتي الأمر الذي ساعد على الترويج للديمقراطية، ومن بين هذه الأدوات كان إقامة حلف الناتو، ووضع ميثاق أمني ثنائي مع كل من اليابان وكوريا الجنوبية وإطلاق اتفاقيات بريتون وودز Bretton Woods وأدواتها، صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وقد ساعدت مظلة الناتو الأمنية، متزامنة مع المساعدة الأمريكية من خلال مشروع مارشال والبرامج اللاحقة الأخرى، في منع انقلابات عسكرية شيوعية في أوربا الغربية، وفي الحفاظ على السلام بين الأعداء السابقين داخل الحلف، وكذلك في احتواء التمدد العسكري السوفيتي في أوروبا، الذي كان بالتأكيد سَيُقوّض المؤسسات الديمقراطية.
وانطلاقاً من ذلك جاءت الإشارة إلى أنه منذ هجمات 11 سبتمبر لم تنشأ منظمة دولية رئيسية جديدة من أجل الترويج للإصلاح الديمقراطي، ولم تكرّس إدارة بوش جهداً جدياً لدعم تركيز المنظمات الحالية الدولية علي ترويج الديمقراطية، حتى أن الشرق الأوسط يخلو من مؤسسات الأمن المتعددة الأطراف، وهذه المؤسسات المفترض وجودها غطت عليها تصرفات الولايات المتحدة الأمريكية بعد هجمات سبتمبر بتحشيد تحالفات دولية ذات مصالح خاصة لشن حروب تحت ذرائع شتى واحتلال دول مثل افغانستان والعراق وتهديد دول أخرى ومحاولة فرض الديمقراطية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المناظرة بين بايدن وترامب.. ما أبرز الادعاءات المضللة بعد أد


.. العمال يحسمون الانتخابات قبل أن تبدأ، ونايجل فاراج يعود من ج




.. لماذا صوت الفرنسيون لحزب مارين لوبان -التجمع الوطني-؟


.. ما نسبة المشاركة المتوقعة في عموم أسكتلندا بالانتخابات المبك




.. لجنة أممية تتهم سلطات باكستان باحتجاز عمران خان -تعسفا-