الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عرض كتاب أحاديث إلى الشباب للراحل سلامة موسى

باسنت موسى

2008 / 3 / 15
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


الشباب هم الفئة الأكثر إبداعاً وقدرة على استيعاب المتغيرات داخل أي مجتمع لكنهم في مجتمعاتنا العربية أصبحوا الفئة الأكثر اندماجاً داخل فلك الدعاة الدينيين الجدد وهذا الاندماج ليس دليل نمو المد الديني كاتجاه فكري فقط وإنما أيضاً دليل على أن الثقافة والقراءة سلوكيات بعيدة عن نفوس الكثير من شبابنا مما جعلهم أرض خصبة لتحقيق أهواء البعض، واليوم نقدم كتاب "أحاديث إلى الشباب" للراحل سلامة موسى والذي يحوي رسالات تلغرافية هامة لقطاع الشباب.
"السلوك السيكولوجي الناضج"
هناك ثلاث كلمات تنفعنا كثيراً في فهم السيكولوجية
الكلمة الأولى: هي النيوروز أي جنون العواطف و "النيوروزي" هو شخص يتعقل الأشياء لكنه يحس بضغط العواطف بشكل كبير قد يجعله عاجزاً عن مقاومة تلك العواطف، فهو يخاف أو يتشكك كثيراً أو يجد رغبة جنسية شاذة لا يمكنه حبسها وحين يتعقل يجد أن كل هذه المخاوف والشكوك مجرد أوهام لكن على الرغم من إدراكه هذا إلا أنه لا يمكن أن ينفض تلك الأوهام عن نفسه وبالطبع هذا يعوقه عن النجاح والحياة السوية.

الكلمة الثانية: هي السيكوباتية وهي مرض نيوروزي خاص هي مرض الإجرام فالسيكوباتي يرتكب الجريمة ويبدو أمام الناس وكأنه رجل سوي فهو عدو المجتمع من حيث لا يهتدي له المجتمع.

الكلمة الثالثة: هي السيكوز أي جنون العقل، والمجنون يخترع لنفسه عالم آخر غير العالم الواقعي ويستأنس به ويعيش عليه وذلك بعد انقطاعه عن الواقع، هذا النوع علاجه شبه مستحيل إلا إذا كان في بداية مرضه أما النيوروزي والسيكوباتي فيمكن معالجتهما.

الناس الغير منتمين لأي من تلك الطرز الثلاثة فأنهم يعدون أسوياء أي ليس بهم مرض نفسي ولكن مع الأخذ في الاعتبار أن جميع الأمراض النفسية أو العقلية لها بذرة في الشخص السوي ولكنها بذرة ضعيفة خامدة لا تظهر إلا في فترات ثم نبرأ منها.
الأخلاق السوية التي تبعد عن الأمراض الثلاثة سالفي الذكر تندرج في طرازين في أغلب الحالات
** طراز الشخصية التي تعتمد على العادات والتقاليد.
** طراز الشخصية التي تعتمد على العقل والمنطق والابتكار.
والطرازان يتداخلان لأنه ليس هناك مَن لا يستسلم لكثير من العقائد والعادات والتقاليد وذلك لأن العيش في كنف تلك العقائد والعادات لا يحتاج لبذل مجهود من التفكير، والأغلب أنه عندما تتغلب العقيدة يركد الشخص ويصبح خائفاً من التفكير والابتكار حيث يهنأ بسلوكه الهاديء في المجتمع.

"شبابنا وكيف نثقفه"
التثقيف العام ليست مشكلته في المدرسة أو الجامعة وإنما هو مشكلة العمر كله وهو مجهود شخصي يجب على الشاب القيام به من خلال الكتب المبسطة والجرائد الجادة المجلات الخامة ، فالثقافة مجهود شخصي وعلى الشباب أن يسأل عنها ويدرس طوال عمره إلى أن يموت وذلك لأننا ننمو بما نقرأ وندرس وقد يقال أن المدارس والجامعات تعلمنا وتثقفنا وهى بالطبع تقوم بجزء من التعليم والتثقيف لكن ليس هناك حكومة على وجه الأرض تسمح لمعلميها وأساتذتها بأن يعلموا التلاميذ أو الطلبة معارف تخالف وتناقض الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية لهذه الدولة ولهذا السبب لا نجد الثقافة الحرة إلا في مؤلفات الأحرار الذين يؤلفون لغير المدارس والجامعات ويكفى أن نذكر أن أعظم المؤلفين الذين غيروا هذه الدنيا كـ "داروين" و"فولتير" و"روسو" و"نيشته" وغيرهم، قد قاطعتهم الجامعات وعاقبتهم المدارس التلاميذ الذين ضُبِطوا متلبسين بقراءة مؤلفاتهم مع أنهم غيروا البشرية بمؤلفاتهم تلك.

لا ينبغي على الشباب أن يقولوا أنهم تعلموا من المدارس بما يكفى فما نحصل عليه من المدارس والجامعات محدود وصغير لذلك يجب أن نخص كشباب مكتبة البيت بمبلغ شهري ننفقه على شراء الكُتب وليس استعارتها ذلك لأن ما ندفعه من ثمن للكتاب يبعث بداخلنا إحساس الواجب السيكولوجي بضرورة قراءته ثم أن القراءة الناجحة تحتاج منا أن نقرأ بالقلم نكتب على الهوامش ونعلق وبالطبع لن نستطيع ذلك في كتاب مستعارة، لنبدأ من الآن في تخصيص جزء من راتبنا الشهري لشراء الكتب وتجليدها أحسن تجليد ونشتري الرفوف الجميلة لها فالكتب أصدقاؤنا وعلينا إلا نقتني منها ما يغشنا لذلك علينا أن نمتحن أنفسنا وكتبنا من وقت لأخر ونسأل أنفسنا هل نرتقي بما نقرأ ونزداد بصيرة وعمق في الإحساس الإنساني أم لا؟ وتلك الأسئلة تساعدنا على عدم الاسترسال في سخافات وعقائد وخرافات يزعم الآخرين أنها حقائق.

التثقيف على الدوام ذاتي كما أن الهضم ذاتي، فأنا لا أستطيع أن أهضم لك طعامك لأن هذا الهضم يتوقف على ذوقك في اختيار الطعام وعلى كفاءتك في هضمه وكذلك الشأن في الثقافة فأنت الوحيد القادر على اختيار ما تحب ونبذ ما تكره وبالطبع هذا تابع لكفاءاتك في الهضم ولكن كما نستمع لنصيحة الطبيب في اختيار الطعام الحسن يجب علينا أن نسأل ونستشير بشأن الثقافة السليمة لترتفع رؤوسنا بأشرف الأفكار وأنفعها.

"إنهاض الشباب بعد سقوطهم"
قد ينشأ بعض الشباب في وسط يعمل على اعوجاج نفسه منذ أن كان طفلاً حيث لا يرى القيم الصحيحة الرؤية الصادقة،ولا يجد الأخلاق القويمة التي من خلالها تستقيم الحياة وتلك المصادفات السيئة تكثر في مجتمعات وبيئات بعينها، فقد يعيش الصبي مع زوجة أب أو زوج للأم ولا يجد معهم الأبوة أو الأمومة التي هي من حقه وتلك البيئة بمفرداتها تحمله على أخلاق معينة تؤدى لاعوجاج شخصيته وليس بضروري أن يكون أحد أبوين هذا الطفل غريباً فقد يكون أبواه على غير وفاق تظهر بينهم أمارات النفور كل ساعة مما يعكس في نفسه أسوأ الانعكاسات إذ ينشأ وهو يجهل كلمات الحب والحنان والرقة ويعرف نقيضها من الكلمات التي تدفع للاعوجاج.
هناك ما هو أصعب إذ قد يعيش الصبي في عائلة غير عائلته لظروف تحتم على والديه هذا فيجد قريب له أو غريب عنه فاسد جنسياً يستخدمه فترتبك حياته وتعوج أخلاقه.
حالة "ع": شاب في الخامسة والعشرين يفكر في إحراق القاهرة وممارسة اتصالاً جنسياً شاذاً مع سيدة بعينها وتلك السيدة تمثل بذهنه صورة المرأة الشريفة وذلك لأنه يكره الشرف ولا يطيق رؤية رجل شريف أو امرأة شريفة وذلك لسبب بسيط هو أنه غير شريف فقد حدث له وهو دون الثانية عشرة من عمره أن فسق به عمه وأستمر يفسق به لمدة عام ولذلك هو لا يطيق أن يسمع عن رجل أو امرأة شرفاء ويتمنى أن يحرق القاهرة ليموت هذا المجتمع الذي حرمه من شرفه منذ صباه.
لهذا الشاب وغيره ممن مروا في طفولتهم بتجارب نفسية سيئة يقول "سلامة موسى":
((ما هو الذي يجعلنا شرفاء في الدنيا؟ أن نهوى الأشياء العظيمة، نحب الأشعار ونقرأها بل نؤلفها إن استطعنا ونحب الموسيقى ونصادق الأصدقاء الأشراف ونقتني الكتب والتحف ونقرأ تاريخ الإنسان ونخدم الناس بعمل منتج وننتج أكثر مما نستهلك ونسافر كل سنة إلى الشواطيء ونبني بيتاً يقوم على الحب بيننا وبين الزوجة ونشتغل بالسياسة والاقتصاد ونسأل لماذا يكون في الدنيا فقر واستعمار ونكافح الظلم عند المستبدين والظلام عند الرجعيين ونجعل لحياتنا دلالة وليس معنى فقط.
تعمد الارتقاء كل يوم بترك عادة قبيحة واتخاذ أخرى حسنة، بعمل بار بدلاً من عمل نجس، لا تتعمد نسيان ما حدث لك وإنما قم بأعمال إيجابية تجعلك تحس الشرف في نفسك والدلالة لشخصك في مجتمعك وعندئذ تنسى دون تعمد ما حدث في صباك، ضع لنفسك برنامجاً لهذا العام أو لهذا الشهر بحيث تحاسب نفسك في أخر المدة على ما كسبت منه ثم جدد برنامجك وأهدف إلى السمو)).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم المعارضة والانتقادات.. لأول مرة لندن ترحّل طالب لجوء إلى


.. مفاوضات اللحظات الأخيرة بين إسرائيل وحماس.. الضغوط تتزايد عل




.. استقبال لاجئي قطاع غزة في أميركا.. من هم المستفيدون؟


.. أميركا.. الجامعات تبدأ التفاوض مع المحتجين المؤيدين للفلسطين




.. هيرتسي هاليفي: قواتنا تجهز لهجوم في الجبهة الشمالية