الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شهد العزله 21_60

احمد بخيت

2008 / 3 / 16
الادب والفن


21
ذهبتُ
إلى بياضِ الموتِ
عبْر نعومةِ الثعبانْ
وكنتُ أحسّ موسيقا الفناءِ
تَخِبُّ في الشريانْ
وأُمّي تشتري بالدمعِ
أيامي
من الأكفانْ!!

22
سلاماً يا غيابَ أبي
بريدُكَ
فصلُ غبطتِنا
فهل تتقبّلُ المدنُ البعيدةُ
طعمَ خُطوَتِنا؟!
وهل أعددتَ متّكَأً
لنهبطَ
في محطّتِنا؟!

23
أذان الفجر يبلعه
عواء قطارنا الأسيان
ويحمِلُنا لمجهولٍ
نشيرُ إليهِ بالعنوانْ
شَمالاً
في اتجاهِ
الخوفِ
والأحلامِ
والنسيانْ!!

24
أتينا
من صعيدِ الشوقِ
أفئدةً جنوبيّةْ
نفتّشُ
تحتَ وجهِ الشمسِ
عن خبزٍ
وحرّيّةْ
وعن بيتٍ نربّي فيهِ
لهجتَنا الصعيديّة!!

25
أتينا طيبةَ الغرباءِ
من أبوابِها السبعةْ
فَراشاً
صاعداً للكشفِ
في صوفيّةِ الشمعةْ
فكانَتْ طيبةٌ أنثى
تلخّص عمرَها
دمعةْ!!

26
بيوتٌ
لا تراها الشمسُ
لا تَنْسَى
ولا تُنْسَى
وأحزانٌ معتَّقةٌ
وصبرٌ
يهزِمُ البؤسا
وآمالٌ مؤجَّلةٌ
ولم تتعلمِ اليأسا!!

27
(حَوَارِي) مِصْرَ
حانيةٌ على الفقراءِ
كالسكِّينْ
تدسُّ خشونةَ الأيامِ
في أبنائها الماشينْ
وتُشبِعُ جُوعَ تَوْرِيَتِي
وتدعوهم
حَوَاريِّينْ!!

28
رأيتُ هناكَ طفلاً ما
يرى الدنيا بأعيُنِهِمْ
يزوِّج مستحيلَ خُطاهُ
يا لَيلَى
لممكنِهم
يرقّ لهم
إذا قرأَ الرضا
في وجهِ مؤمنِهم!!

29
وكانَ هناكَ شعرٌ ما
قريباً من أصابعِهِ
عميقٌ
ساخنٌ
عذْبٌ
مريرٌ في فواجِعِهِ
طقوسُ طفولتي وصِبايَ
بعضٌ
من مقاطعِهِ!!

30
أنا
هو ذلك الولدُ
المصابُ بكبرياء الرُّوحْ
كثيراً ما يُرى خَشِناً
وممتلئاً أسىً
وجموحْ
فإنْ أبحرتِ داخلَهُ
تَكَشَّفَ عن حنانِ
مَسيحْ!!

31
أنا
زهوُ الأبِ الحدّادِ
حُلْمُ شبابِهِ الناضرْ
على إيقاعِ ساعدِهِ الفَتِيِّ
ترنّمَ الطائرْ
أنا الحدَّادُ
يا لَيلَى
وزنْدُ أبي
هُوَ الشّاعِرْ!!

32
خُذِي
ما شِئتِ من سَهَرِي
وكُوني
الليلَ والشمْعا
خُذِي
ما شِئْتِ من تَعَبِي
وكُوني
الخبزَ والنّبْعا
عسانا نلتقي بالصبح
في مُدُنٍ بلا جوعى!!

33
أنا
من هؤلاء الناسِ
أبناءِ الترابِ الحيّْ
وأبناءِ العذابِ الفرضِ
أبناءِ الأسى الجبريّْ
يَمُرُّ السهمُ
في دَمِهِمْ
فيرتدُّ النزيفُ إليّْ!!

34
هُمُ الفقراءُ
مِلْحُ الأرضِ
قلبُ العالَمِ الدافئْ
خُطاهمْ
في مدائِنِهِ المُدانةِ
تَوبَةُ الخاطئْ
فهل تَتَنَكَّرُ الأمواجُ
يا ليلايَ
للشاطئْ؟!!

35
قرأتُ
كتابَ من يمشونَ
مقهورينَ
منسيِّينْ
فأسمَعَنِي هُتافَ الرُّوحِ
يخفقُ
في عذابِ الطينْ
فكيفَ أغمِّضُ العينين
عن صوفيّةِ الماشينْ؟!

36
أهاجرُ
من تفاعيل الخليل()
لحزنيَ الرائعْ
ألحّنُ
ضحكةَ الأطفالِ
أو تنويمةَ الجائعْ
فهل علِمَ البلاغيّونَ
أن الشِّعْرَ
في الشارعْ؟!

37
رأيت شجارَ أرملةٍ
تغالط بائعَ الألبانْ
وثقبُ ردائِها المبتلِّ
يجلِدُ
جارَها الشهوانْ
وطفلاً عاريَ الفخذَيْنِ
يحبو نحوَها
بأمانْ


وكهلاً
يحرسُ الإعياءَ
في ركنٍ من المقهى
وكلُّ هزائمِ الأيامِ
خلفَ الضّحْكَةِ البلها
يرى تنُّورةً
فيُطِيلُ
عمرَ النظرةِ الولهى!!

39
وخلفَ نوافذِ الأوهامِ
تقعي
العانسُ الشمطاءْ
تخبّئُ
في الليالي السُّودِ
عجْزَ الخصلةِ البيضاءْ
وحُلمُ العُرْس في أهدابها
يغفو
على استحياء!!

40
هنالِكَ
رغمَ هذا الضعفِ
وجهُ القوّةِ البسّامْ
سطوعُ الرُّوحِ في الإنسانِ
ضدَّ
جهامةِ الآلامْ
صمودُ الساعدِ العالي
أمامَ
ضراوةِ الأيامْ!!

41
أُسَمِّي الشِّعرَ
دائرةَ الدمِ الوهَّاجِ
حولَ الجُرْحْ
لأنَّ صِياحَ هذا الديكِ
حينَ يرشُّ ضوءَ الصبحْ
يخيِّرُني
فإمّا البَوحُ
يا لَيلَى
وإمّا البَوحُ!!

42
رأيتُ إرادةَ الفقراءِ
وَهْيَ تخوضُ حربَ الخبْزْ
وتنزِفُ
دونَ فلسفةٍ
ودونَ بلاغةٍ
أو عجْزْ
رأيتُ صلاةَ دمعتِهِمْ
فكيفَ أرى
ولاَ أهتزّْ!!

43
أضيئيني
بنارِ الخلقِ
وانتسبي
إلى نبضي
أكُن مِشكاةَ عرفانٍ
وإنجيلاً
منَ الرفضِ
أضيئيني
أكُن وحياً إلهيّاً
على الأرضِ

44
رأيتُ الحبَّ
في شجنِ الأزِقّةِ
يحرُسُ الإنسانْ
سمعتُ سعالَهُ في الفجرِ
يُطعِمُ رُوحَهُ القرآنْ
ويغسِلُهَا
من الأيامِ
في تسبيحةِ الكروانْ

45
أليسَ الحبُّ
معجزةَ السماءِ
وموسمَ النعمةْ؟
فكيفَ يصيرُ
في عُلَبِ الأسى
ومدائنِ النقمةْ
حصاناً
عاجزاً في القَيدِ
يطلُبُ
طلقةَ الرحمةْ؟!

46
أضيئني
بماءِ الحُبِّ
حتّى أقهَرَ الأحزانْ
وأُبدِعَ آيةَ الخُلْدِ
التي لا تعرِفُ النسيانْ
وأقطفَ
مِنْ سماءِ اللهِ
فجراً
ساطعَ الإيمانْ!!

47
على شبّاك جارتِنا
رأيتُ الفُلَّ
والريحانْ
أغاني العندليبِ
تقولُ
ما لا يفهَمُ الجيرانْ
فيا شُبّاكَ جارتِنا
تُراكَ تقولُ:
كانَ..
وكانْ؟!

48
ذهبتُ
إلى زمانِ الحُبِّ
حتّى لحظةِ التوديعْ
وفيهِ عرفتُ أنّ خطايَ
في ليل الحنينِ
شموعْ
وأني فيهِ سوفَ أضيعُ
أحياناً
وسوفَ أضوعْ!!

49
ذهبتُ لشارعٍ
يُفضي
إلى أسوارِ مدرستي
لأوّلِ رعشةٍ في العمرِ
لا تحتاجُ
للّغةِ
لضحكةِ طفلةٍ للآنَ
تكبُرُ
في مخيِّلَتي

50
هناكَ عرفتُ
كيف أعطِّرُ الذكرى
لأبكِيها
وأحملُ يُتْمَ دمعتِها
بقلبي
كي أربِّيها
وأحرسُها
من النسيانِ
منّي
من لياليها!!

51
هناكَ
عرفتُ كيفَ أتوهُ
في برّيةِ الأشواقْ
وأقرأُ صمتَ عاشقةٍ
مكلَّلةٍ
بدمعِ فراقْ
لأعرفَ أنه لا بدّ
من ألمٍ
ومن عُشّاقْ!!

52
وراءَ أصابعِ المخلوقِ
تقبَعُ
شهوةُ الخلْقِ
ومن قلقِ الجمالِ المرِّ
تُقطَفُ
وردةُ الشوقِ
ومن شطحِ الخيالِ الحرِّ
تُشرِقُ
آيةُ الصدقِ

53
أضيئيني
فإنَّ الشِّعْرَ
هندسةٌ إلهيّةْ
تَرُدُّ
لكائناتِ الأرضِ
نفحتَهَا السماويّةْ
تحوِّلُ قسوةَ الدنيا
إلى حُبٍّ
وحرّيّةْ!

54
رأيتُ أمومةً في الفجرِ
تعجِنُ خُبزَنا بالحُبّْ
وتُنْضِجُهُ على مَهَلٍ
على مَهَلٍ
بنارِ القلْبْ
وتعطينا الصِّبا
وتسيرُ
باسمةَ الخُطى
للشَّيبْ!!

55
رأيتُ ملابسي تنمو
على حَجَرٍ
بشطِّ النِّيلْ
وأمي في خيالِ الشطِّ
تعصِرُ
قلبِيَ المبلولْ
رأيتُ ملابسي تنمو
هل الأيامُ
حبلُ غَسيلْ؟!

56
رأيتُ الكائناتِ هناكَ
تكتُبُ
شِعرَها العالي
وترفَعُ وجهَهَا للهِ
في صمتٍ
وإجلالِ
وكنتُ على ضفافِ النايِ
أشرَبُ
دمعَ موّالي!!

57
تقولُ شُجَيْرَةٌ
للريحِ:
جرِّبْ مهنَةَ الأشجارْ
رَضِيتُ أنا
بأنْ أرضَى
وأنتَ اخترتَ أن تختارْ
إذا أوغلتَ
في الأعماقِ
تعرفُ لذّةَ الإثمارْ!!

58
يقولُ الرِّيحُ للأشجارِ
ذُوقِي لذّةَ الإبحارْ
رأيتُ ابنَ الترابِ يُقيمُ
حولَ ثمارِكِ الأسوارْ
ضربتُ شراعَهُ
فمضى
وجرَّبَ
واصطفى
وأنارْ!!

59
وتهمِسُ وردةٌ للشوكِ:
ما أقساكَ!
ما أقساكْ!
أقابلُ زائري بالعطرِ
تجرَحُ أنتَ
مَن يلقاكْ
لماذا يُصبِحُ الوخْزُ الأليمُ
هِوايةَ الأشواكْ؟!

60
يقولُ الشوكُ:
يا أختاهُ
لم تتفهّمِي لُغزِي
فليسَتْ حِرفَةَ الآلامِ
شرّاً
فاشكُرِي وَخْزِي
فبالقبحِ الجميلِ
حرسْتُ
عجزَ الحُسنِ
لا عجزي!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟


.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا




.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس