الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المهرجان السنوي للغناء و البكاء علي أمنا حواء ... و كل سنه و إنت طيبه

أسعد أسعد

2008 / 3 / 16
ملف - الثامن من آذار 2008 يوم المرأة العالمي - لا للعنف ضد المرأة


نظمت الإتحادات العربية أعيادها و إحتفالاتها و فاضت أنهار الشبكة العنكبوتية بالكلام و إندفعت و تدفقت المقالات و الخطب ... البعض يجامل و يهنئ و يشدد ويشجع ... و البعض ينوح علي الظلم و القهر و يعدد ما لم تصل إليه المرأة المظلومة في القرن الواحد و العشرين.
و إسبوع واحد و إنفض المولد... و كل واحد راح لحاله... و عقبال كل سنه و نشوف وشكم بخير السنه الجاية ... و كل سنه زي اللي قبلها و اللي بعدها زيها... و تخرج رئيسات الإتحادات و الجمعيات النسائية بالجوائز و الثناء و المديح من أجل النشاط الفذ الذي يبذلنه في سبيل رفعة شأن المرأة ... و تكون المؤتمرات فرصة للتسبيح بحمد زوجات الرؤساء و الملوك و الحكام و الأمراء اللائي جعلن المرأة في بلادهن المنكوبة تحت حكم بعولهن تعتقد أنها في جنة تحسدها عليها نساء أمريكا و أوروبا.
بل و تتنافس المؤسسات الدينية كل مع الآخر لإظهار أن دينه هو الذي جعل للمرأة قيمة أكثر من دين الآخر ... و أهي فرصة للسب و الشتم و الدعاء علي الآخر و الإدعاء عليه بالتأخر و التحجر و أنه هو السبب في شقاء المرأة و تعاستها...
و بينما يجري تلميع صورة حواء الشيك و المبهرجة ... الدكتورة و المهندسة و المحامية و الكاتبة و المفكرة, فإنهن جميعا ينسين خدّامة البيوت و بياعة الخضار و الفواعلية في مواقع التشييد و البناء و في الحقول و المزارع التي تحمل الطوب و الأسمنت علي رأسها و ينحني ظهرها من العمل في الحقل... و تغيب حواء الحواري و العشوائيات و تتواري أمام نجمات شاشات التلفيزيونات و الفضائيات ... فغالبا لم تسمع مطلقا أي واحدة من هؤلاء النساء المهمشات عن شئ إسمه يوم المرأة أو عيد المرأة...
و ينسي الكتاب و المفكرون و الناشطون إن قضية حواء الأصلية لا تكمن في ذاتها بل في الرجل الذي يتعامل معها, فقضية المرأة حين ترجعها إلي مصدرها نجد أنها تكمن في الصراع الطبيعي بين الرجل و المرأة , فمن هو الذي يقهر المرأة و يهضم حقوقها و يضعها و يصنفها في مرتبة أدني؟ أليس هو الرجل المتعصب المتغطرس...
من الذي يقهر المرأة في أنوثتها ؟ أليس هو رجل الدين الغبي المتعصب الذي ترجع ثقافته إلي العصر الحجري...
من الذي يقهر المرأة في ثقافتها و مكانتها الإجتماعية أليس هو السياسي الغبي الذي لا يري في المرأة إلا قاصرة عن تأدية وظيفتها جنبا إلي جنب مع الرجل... أليس هو الذي يحرمها من حقوقها في مناصب العمل و الإشتراك الكامل في البناء و الرفاهية و التقدم...
من الذي يقهر المرأة في نفسيتها و شخصيتها ؟ أليس هو الزوج أو الأب أو الأخ الجاهل الذي لا يري في المرأة سوي أنها عار ينبغي ستره و لا يري فيها سوي أنها أنثي ضعيفة شبقة تثب إلي حضن أول رجل تقابله...
أعداء المرأة وضعوا عبارة صارت مثلا في كل ثقافة و لغة "فتش عن المرأة" و المقصود طبعا إن كل مصيبة أو كارثة أو إنحراف يصيب الرجل لابد و أن تكون وراءه إمرأة... و بعض المنصفين و أحيانا المبالغين قالوا "وراء كل عظيم إمرأة" فأضاف إليها المازحون عبارة "لولاها لكان أعظم"...
في تاريخ مصر الحديث و قبل إنتكاسة المجتمع التي نعيشها الآن كرّمت مصر قاسم أمين و دعته محرر المرأة وعلي يديه خلعت المرأة الحبرة و اليشمك التركي و دخلت المدرسة و الجامعة ... و مع إنتشار التعليم و دخول المرأة إلي كافة المجالات فمن السهل أن نري إن أكثر من خمسين بالمائة من نساء مصر أميات و وضعهن في الأحياء الشعبية و القري النائية و مجاهل مصر هو وضع مذري يتوارثنه جيلا عن جيل تحت سلطة الرجل الغشيم الذي يمجد تقاليد بالية يسميها شرفه
المقالات و الندوات و المؤتمرات التي تتحدث عن حاجة المرأة و النهوض بها قد أغفلت المرأة المهمشة و غفلت عن الرجل الذي هو السبب في تهميشها.
صحيح إن الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق ... فمن هو المسؤل عن إعداد الأم... أليس هو الرجل ... لقد آن الأوان أن نبدأ البحث عن رجال لهم دور فعال في رفعة شأن المرأة ... من الذي نصر إمرأة ضد مضطهد متغطرس... من الذي فتح الباب أمام إمرأة لتنبغ و تعلوا و تتقدم في خدمة بلدها ... من الذي أمسك بيد إمرأة و أنصفها ضد مجتمع ظالم جائر... من الذي سيرحم المرأة من الزواج السري و الأطفال المجهولي النسب... من الذي يمد يده إلي فتيات الليل و يخرج بهن إلي النهار... من الذي يعمل المستحيل فيمحو أمية المرأة المهمشة...
أطالب بأن يكون في برنامج الإحتفالات بأعياد المرأة أن يكون هناك إحتفال برجال ترشحهم المرأة ... رجال لهم دور في رفعة شأن المرأة ... و أن نكرم هؤلاء الرجال و نسعي حتي يمتلئ مجتمعنا بالرجال الذين يعملون و يبذلون في سبيل إعلاء شأن المرأة ... رجال ينوّرون رجال آخرين عن مكانة المرأة ... رجال يعلمون إن تقدم الأمة يتوقف علي عمل الرجل في تقدم المرأة ... ليس فقط الطبيبة و المهندسة ... بل في إنتشال تلك المهمشة و الضائعة و المطحونة المسحوقة التي لا تعرف أي شئ عن يوم إسمه يوم المرأة العالمي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو بين إرضاء حلفائه في الحكومة وقبول -صفقة الهدنة-؟| ال


.. فورين أفارز: لهذه الأسباب، على إسرائيل إعلان وقف إطلاق النار




.. حزب الله يرفض المبادرة الفرنسية و-فصل المسارات- بين غزة ولبن


.. السعودية.. المدينة المنورة تشهد أمطارا غير مسبوقة




.. وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة، مقاربة مشتركة حول غزة