الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثلاثية التهدئه والحصار والحوار

يحيى رباح

2008 / 3 / 24
القضية الفلسطينية


اعتقد أنه أصبح معروفاً للجميع، وخارج إمكانية الإنكار، أن الشقيقة مصر، وبدرجة عالية من الرضى والاهتمام الاميركي والأوروبي، تبذل جهداً مكثفاً وغير اعتيادي، لتحقيق رزمة كاملة من التفاهمات ذات الطبيعة الأمنية السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وبين الفلسطينيين أنفسهم، وأن هذه الرزمة من التفاهمات ليست بعيدة مطلقاً عن الأجواء السائدة في المنطقة، سواءً على صعيد العلاقات العربية العربية، أو على صعيد التجاذبات الإقليمية فنحن نعلم أن قدرنا كفلسطينيين أن قضيتنا المعقدة ومنذ نشوئها قبل أكثر من قرن من الزمان، تدار في إطار نظرية "الأواني المستطرقة" حيث كل العناصر، وكل العوامل، وكل الأطراف تدخل على بعضها سواء بشكل إيجابي أو سلبي.
- هذا الجهد المصري الملح:
يتمحور تحت عنوان ثلاثية التهدئة والحصار والحوار، مع العلم أن كل ضلع في هذا المثلث يعانى من صعوبات واستعصاءات وتشعب في مصادر القرار.
- لنأخذ مثلاً التهدئة:
فلكي تكون ذات قيمة، وقابلة للتحقيق فيتوجب أن تكون شاملة، أي في الضفة والقطاع، وأن لا يستثنى أي فصيل فلسطيني مهما كانت نظرة إسرائيل إليه، وأن تكون التهدئة متبادلة، أي يلتزم بها الجانب الإسرائيلي في نفس الوقت، وليس على طريقة إبدأوا أنتم أما نحن فسوف نرى.
- حتى هذه الصيغة للتهدئة:
تدخل فيها عناصر تشويش كثيرة، من بينها مثلاً هل التهدئة تشمل الممارسات الإسرائيلية الأخرى مثل موجات الاستيطان، وهدم البيوت في القدس، واستمرار الحفريات، وإذلال الناس على الحواجز ونقاط التفتيش أم أن كل ذلك متروك للمفاوضات في مرحلة لاحقة.
وكيف تنظر إسرائيل إلى بعض الفصائل والمجموعات العسكرية بما فيها بعض مجموعات شهداء الأقصى أو الجهاد الإسلامي أو غيرها، هل إسرائيل ستطبق على هؤلاء قانون الملاحقة المستمرة بدعوى أنهم مطلوبون لها أو بدعوى أنهم خنجر إيراني في الخاصرة الإسرائيلية كما تزعم.
ومن الذي سيحكم على المعايير التي تستخدمها إسرائيل في الحكم على هذا الشخص أو هذه المجموعة إن كانت على وشك تنفيذ هجوم انتحاري أم لا.
هذه بعض الأسئلة من قائمة طويلة، وهي تشير كلها إلى ضرورة دخول طرف ثالث، طرف قادر، طرف محايد، لتجليس هذه التهدئة على الأرض، وحمايتها من نقاط التشويش الخطيرة، فهل هذا الطرف موجود حقاً.
- أما على صعيد الحصار:
فإن القضية لا تقل تعقيداً، لأن حركة الأفراد وحركة البضائع على معابر رفح، وصوفا، وكارنى، وإيريز، وكرم أبوسالم، وهي معابر قطاع غزة، هي حركة مهددة باستمرار من قبل التفسير الإسرائيلي الذي يختلف من يوم لآخر، وأي مسألة صغيرة تؤدى إلى إغلاق هذه المعابر، وكان ذلك يحدث بشكل شديد القسوة حتى قبل أن تسيطر حماس على قطاع غزة، وكانت المشاهد اليومية على المعابر تثير السخط، وتضرب في الصميم علاقاتنا الداخلية الفلسطينية نفسها، وكانت تلك المعابر نموذجاً للفوضى، وهذه الفوضى كانت العنوان الأبرز لإغلاقها من قبل الإسرائيليين قبل وجود المراقبين الأوروبيين وبعدهم ويحتاج الأمر إلى طرف ثالث، إلى قوة مراقبة، إلى جهة قادرة على ان تسيطر على هذه الفوضى، وأن تحد من غموض المعايير التي تحكم بها إسرائيل على استمرار أو تعطيل هذه المعابر فهل يوجد في الأفق شيء من ذلك.
- أما الحوار الوطني:
فهو الحلقة المركزية سواء اتفقنا على التهدئة أم تأخرنا لبعض الوقت، وسواءً انكسر الحصار كلياً أو جزئياً أو بقينا نعاني من تداعياته، فإن الحوار الوطني هو الموضوع الملح والمركزي في حياتنا وبدونه فإن كل شيء آخر مرهون بالفشل
الحوار يعنى وحدة المشروع الوطني
الحوار يعنى وحدة الأرض الفلسطينية
الحوار يعنى حكومة وحدة وطنية
الحوار يعنى نظاماً سياسياً فلسطينياً بملامح معروفة.
واعتقد من خلال المتابعة اليومية أن الحوار الوطني هو الغائب الأكبر، وهو الضحية الكاملة، وأشعر مثل غيري بالصدمة من قوة هذه الشهوة المقيتة الملعونة لتغذية الانقسام والانفصال التي تجتاح أيامنا وليالينا وتستغرقنا في أدق التفاصيل، لدرجة أن كل موجات العنف الدموي الإسرائيلي ضدنا، وبهذا القدر من الوحشية والاستهتار، وكل هذه التهديدات والاحتمالات الخطرة، لم تستطع أن تعيد سجالنا الإعلامي والتعبوي إلى قاعدته الرئيسية وهي أن الاحتلال هو أول الشرور، وأول الأولويات، وأول الأخطار المحدقة بحياتنا الوطنية ولا أعرف ما الذي سيقوله الباحثون والدارسون حين يخضعون صحفنا الحزبية، ونشراتنا، ومواقعنا الالكترونية، وقنواتنا الفضائية للدراسة والبحث والتحليل بعد خمسين سنة ماذا سيقولون عنا وكيف أننا تركنا الاحتلال وراء ظهورنا، حتى حين يقتلنا الاحتلال بهذه القسوة والوحشية فإننا نستخدم قسوة القتل والموت في تأجيج خلافاتنا الداخلية إنه شيء مريع، وشديد السوداوية، ويطعن عدالة قضيتنا في الصميم.
- السؤال الآن:
إذا كنا نبحث عن فرصة لتهدئة شاملة ومتبادلة طرفها الرئيسي هو الاحتلال وإذا كنا نبحث عن فرصة لفكفكة الحصار وطرفها الرئيسي هو الاحتلال فهل يمكن أن نبحث بجدية وصدق وشرف عن فرصة حقيقية للحوار الوطني نكون فيها نحن كفلسطينيين طرفها الوحيد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الهدنة في غزة: ماذا بعد تعقّد المفاوضات؟ • فرانس 24


.. هل تكمل قطر دور الوساطة بين حماس وإسرائيل؟ • فرانس 24




.. 4 قتلى وعدة إصابات بغارة إسرائيلية استهدفت بلدة -ميس الجبل-


.. القوات الجوية الأوكرانية تعلن أنها دمرت 23 طائرة روسية موجّه




.. حماس وإسرائيل تتمسكان بشروطهما.. والضبابية تحيط بمصير محادثا