الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوهام القبض على الدكتاتور 5 الإمبراطور الحافي

حمزة الحسن

2003 / 12 / 21
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


في خطاب علني مرتجل منتصف الثمانينات قال الدكتاتور  وهو يتحدث إلى مجموعة من قيادات حزبه حاثا إياهم على تقبل العيش في أسوأ وأحلك الظروف قائلا: تعلمت من نابليون حكمة تقول ان "على القائد أن يتعلم المشي في ذروة مجده".

وفكرة المشي حافيا لإمبراطور عراقي في ذروة مجده وحكمه هي أحد مفاتيح الدخول الذهبية إلى أعماق الدكتاتور وهي الفكرة التي صبغت  دولة وحزبا ومرحلة وبشرا.

وهذه الفكرة هي الوجه الآخر لعالم الدكتاتور الداخلي أو صورته عن نفسه اليوم وغدا لأن " المشي حافيا" أمر ليس هواية بل هو فن إدارة الدولة والحزب والمستقبل: بمعنى أوضح الطريقة التي تبدو فيها هذه القوى ـ الحزب والدولة  والدكتاتور ـ في ظروف زلزالية قد تقذف بالجميع خارج المنازل والمدن والنفوذ والقوة.

وهاجس المشي حافيا( لا أدري ان كانت صورة هزيمة نابليون في "واترلو"  ماثلة في ذهنه مع موسيقى جنائزية نحو منفى بارد؟!) ليس هاجسا نفسيا فحسب، انما هو هاجس سياسي أولا وأخيرا.

 وحسب هذا التصور مطلوب من الحزب أن يغوص، في قمة مجده في عالم السرية، كي لا يجد نفسه يوما في مواجهة أحداث غير مستعد لها: هذا هو أحد الأسباب ـ ليس السبب الرئيسي ـ الذي جعل الدكتاتور يبني دولة سرية في مواجهة الدولة التقليدية، والجيش الخاص في مواجهة الجيش التقليدي، والأمن الخاص، والحزب الخاص، والعشيرة الخاصة، والحزبي الخاص، والمدن الخاصة ـ حيث توجد مدن حزبية مغلقة ! ـ والمشفى، والراتب، والشيخ، والجنرال الخاص ..الخ ... في مواجهة  نقائض هذه القوى التقليدية.

لذلك فإن الذي دمر في كل تلك الحروب العسكرية والسياسية والاقتصادية ـ بما في ذلك الحرب الأخيرة ـ هو الدولة التقليدية، والجيش التقليدي، والمؤسسات البوليسية التقليدية، في حين غاصت دولة المافيا، دولة الحزب السري، دولة العصابة، في الأنفاق، وفي عوالم سرية معدة سلفا حتى قبل خطاب الإمبراطور الحافي.

إن السلطة الجديدة، في ضوء الطريقة التي تم فيها التغيير، لا تحكم سوى أجزاء ممزقة  فوق سطح الأرض وستظل إلى أمد بعيد، أما عالم ما تحت الأرض فهو لدولة الأجهزة السرية.

وهذه( الدولة) كانت معدة وجاهزة بحكم التكوين النفسي للدكتاتور وهواجسه، للغوص في عالم العتمة الباردة، عالم الأنفاق، عالم الأشباح. فهي في ذروة السلطة كانت غاطسة في السرية: فالقيادات الحزبية والبوليسية العليا تعيش في مجمعات سكنية محظور على المواطن العادي دخولها ناهيك عن السكن فيها، وهؤلاء يحملون أسماء حزبية خاصة سرية، ولهم مستشفيات خاصة، بل لهم مقاهيهم ونواديهم وحدائقهم الخاصة. كل شي خاص، بما في ذلك سجونهم الخاصة التي كانوا يعاقبون فيها دون أن يدخلوا سجون( العامة) لأن ذلك يعتبر إهانة.

هذه الازدواجية: بين دولة علنية تحكم مزقا من سطح الأرض، ودولة مافيوية سرية  تحكم عالم تحت الأرض، ستطبع صورة الأيام القادمة بدم عراقي  يسكب في الشوارع حسب نبوءة إمبراطور حافي القدمين،
 وحافي الضمير!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -