الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معادلة الحرية

رمضان متولي

2008 / 3 / 16
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


لن تستطيع أغلبية الشعب المصري الحصول على حريتها إلا إذا كانت مستعدة لدفع ثمن هذه الحرية، ولن تستطيع الحصول على حقوقها إلا إذا كانت مستعدة للنضال من أجل هذه الحقوق حتى النهاية. هذا ما نتعلمه من دروس الواقع والتاريخ الذي علمنا أن الشعوب تستحق حكامها.

فإذا تخلت أو أحجمت أغلبية الشعب المصري عن الدفاع عن مصالحها وحقوقها في هذا البلد، تتولانا سلطة لا تعبأ بمصالحنا وحقوقنا، وتركز على مجموعة مصالح أخرى على حساب جماهير الشعب المصري التي تنتهك حقوقها ويبدد مستقبلها ومستقبل أبنائها وتداس تحت الأقدام.

أبرز مثال على ذلك ما يحدث حاليا من السلطة التي تغتصب بلادنا ، وتزيف الحقائق حتى تزعم أنها سلطة شرعية تحكم باسمنا رغم أنها تضيعنا وتعمل ضد مصالحنا. زيف هذا الادعاء يتجلى في العديد من الأمور والقضايا نختار منها الآن ثلاث قضايا مترابطة تعبر عن منظومة المصالح الحاكمة في مصر. القضية الأولى هي اتفاقية، أو بروتوكول، تصدير الغاز إلى إسرائيل بأسعار تقل كثيرا عن الأسعار في الأسواق العالمية، والقضية الثانية هي توجه الحكومة لإلغاء دعم السلع الغذائية التي يعتمد عليها الفقراء تحت دعوى ترشيده واستبداله بالدعم النقدي، والقضية الثالثة تخفيض الضرائب على رجال الأعمال ومساندتهم في تحقيق أرباح هائلة وثروات طائلة بينما ينتشر الفقر والبطالة والمرض وسط غالبية المصريين.

أما عن القضية الأولى، فإن الحكومة تصر على تصدير الغاز إلى إسرائيل، وهو أحد الموارد الطبيعية الهامة التي يملكها الشعب المصري افتراضا، بأسعار مدعومة تقل عن الأسعار العالمية التي بلغت أكثر من 10 دولارات للمليون وحدة حرارية بريطانية في مارس الجاري بينما يباع لإسرائيل بأقل من 3 دولارات للمليون وحدة حرارية بريطانية، ويرفض الدكتور فتحي سرور أن يناقش مجلس الشعب مسألة تصدير الغاز لإسرائيل باعتبارها "مسألة سياسية" لا يختص بها المجلس!

في نفس الوقت الذي تدعم فيه الحكومة إسرائيل، تحقد على فقراء الشعب المصري وتزعم أن دعم السلع الأساسية هو السبب في عجز الموازنة العامة للدولة وتخطط عمليا لإلغائه. فمشروع الدعم النقدي الذي تروج الحكومة له ليس إلا ستارا مخادعا لإلغاء الدعم تماما، حيث أن الأموال التي سيتم دفعها للفقراء في هذا الإطار سوف تلتهمها الزيادة المستمرة في الأسعار بسرعة فائقة نتيجة للتضخم الذي خرج تماما عن السيطرة.

المعنى البسيط لذلك أنه إذا كانت الحكومة تصر على دعم الإسرائيليين وتحارب المصريين في لقمة عيشهم، فإن منظومة المصالح التي تدافع عنها السلطة في مصر ترتبط أكثر بإسرائيل وتنفصل عن مصالح المصريين. أغلبية الشعب المصري تعتبر إسرائيل عدوا لها، فإسرائيل هي التي احتلت أراضينا وقتلت أسرانا بدماء باردة ونهبت مواردنا تحت قوة السلاح، أما الحكومة المصرية فتعتبر إسرائيل صديقا لها وتساعدها في نهب مواردنا من الغاز الطبيعي دون موافقتنا ودون أي اعتبار لرأينا ومشاعرنا ولا حتى مصالحنا. وإذا كان ذلك أحد شروط اتفاقيات كامب ديفيد، فمعنى ذلك أننا لم ننتصر في حرب أكتوبر 1973، لأن المنتصر في أي حرب هو الفريق الذي يتمكن من تحقيق أهدافه، وإذا كانت إسرائيل استطاعت بعد هذه الحرب ضمان استمرار نهب مواردنا ونزع سلاح سيناء وتعجيزنا عن تعديل تلك الشروط تكون بذلك هي الفريق المنتصر، وعلينا أن نناضل من أجل إسقاط هذه الشروط وإلا حقت علينا الهزيمة.

أما فيما يتعلق بتخفيض الضرائب على رجال الأعمال ومنحهم طاقة مدعومة وحمايتهم بسلسلة من القوانين والتسهيلات التي تسمح لهم باستغلال العمال المصريين وتصدير عرقهم وكدهم مع دعم الطاقة والموارد الطبيعية إلى الخارج حتى تتزايد أرباحهم على حسابنا وحساب الأجيال القادمة، فإنه يكشف أيضا أن السلطة في مصر اختارت أن تعبر عن منظومة مصالح فئة قليلة من أصحاب الثروة والنفوذ والتي هي بالضرورة ضد مصالح الغالبية العظمى من المصريين الفقراء، ودليل ذلك أن ثمار الإصلاح لم تسقط منها قطرة واحدة على فقراء الشعب المصري كما وعد رئيس الوزراء بل ازدادوا فقرا على فقرهم وتدهورت أحوالهم إلى الأسوأ بينما تعاظمت ثروة أصحاب الحظوة من الأقلية المرتبطة بدوائر النفوذ والبيزنس.

إذا كنا فقراء مصر نستحق الحرية ونستحق حياة أفضل وحكما أرشد فإن علينا أن نثبت ذلك استنادا إلى الدرس التاريخي الذي قدمته الشعوب عبر تجاربها الماضية وهو أن الشعوب تستحق حكامها.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غموض يلف أسباب تحطم مروحية الرئيس الإيراني؟ • فرانس 24


.. التغير المناخي في الشرق الأوسط: إلى أي مدى مرتبط باستثمارات




.. كيف يسمح لمروحية الرئيس الإيراني بالإقلاع ضمن ظروف مناخية صع


.. تحقيق لـCNN يكشف هوية أشخاص هاجموا مخيما داعما للفلسطينيين ف




.. ردود الفعل تتوالى.. تعازى إقليمية ودولية على وفاة الرئيس الإ