الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حلبجة...السادة أمنوا منازلهم جيداً

صائب خليل

2008 / 3 / 17
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تحت وابل من المطر الربيعي، انطلقت الى مدينة دلفت الصغيرة ذات الجالية العراقية النشطة، حيث اقيم بعد ظهر هذا اليوم احتفال بمناسبة مرور عشرين عاماً على جريمة حلبجة. إضافة الى الرغبة بالتعرف اكثر على ما جرى في تلك المأساة و"تعريف قلبي" عليها وليس عقلي فقط، كما كتبت في مقالة لي، فقد كنت ارغب في مقابلة النائب الإشتراكي هاري فان بومل، الذي كان معنا في لجنة الشرق الأوسط في الحزب الإشتراكي الهولندي، وكان هناك نائبة عن اليسار الأخضر اعرفها ايضاً، لكنها لم تأت، اضافة الى نائب عن الحزب الليبرالي (الأمريكي بلا منازع) والذي كان "ضابط العدالة" في محاكمة "انرات" الذي ادين بتصدير مواد كيمياوية الى صدام حسين وهو يعلم بما سوف تستخدم به, وحكم عليه بالسجن 17 عاماً بعد جهود بطولية للمنظمات الكردية في هولندا ودون دعم من اية جهة.

بعد ان قدمت شابة كانت قد تعرضت للضربة الكيمياوية ونجت منها، كلمتها، القى فان بومل كلمة وكذلك تيفن الليبرالي وأكد كل منهما التزامه بدعم الجهود الرامية للإعتراف بالجريمة كـ "جريمة إبادة"، ثم كانت هناك فرصة للأسئلة، ربما كان اهمها اولاً سؤال من مديرة الحفل فتساءلت: "لماذا يصعب الى هذه الدرجة اقناع السياسيين في هولندا بنوع هذه الجريمة، اليست جريمة واضحة؟" وكان سؤال اخر من احد منتسبي "إتحاد الشبيبة" سأل : "لماذا لم ينتبه الغرب الى هذه الجريمة ويدينها وقت حدوثها؟ لماذا توجب الإنتظار 20 عاماً لنسمع منكم هذا الكلام؟ لماذا يحدث نفس الأمر لمثل هذه الجرائم في مختلف بلدان العالم؟" والسؤال الثالث هو عن امكانية تقديم اخرين مسؤولين عن الجريمة اضافة الى انرات.

لم اسمع جواباً واضحاً عن السؤالين الأولين وكان "تيفن" بارعاً طبعاً في تجنب الجواب الحرج بتحويل السؤال الى سؤال تكنيكي وليس اخلاقي. اما السؤال الثالث فكان هناك جواب واضح لديه عليه وهو ان معظم المذنبين الذين صدّروا المواد الكيمياوية قد فعلوا ذلك قبل عام 1984 ولم تكن في حينها عملية ممنوعة، ليس في هولندا فقط بل في العالم كله، ولذا لن يكون ممكناً ملاحقتهم قانونياً.

ولما لم يكن الوقت كافياً للجميع حاولت استغلال فسحة الراحة لتوجيه سؤالي مباشرة الى السيد تيفن، فقلت له: "لكن في حالة إقرار الجريمة كجريمة إبادة فسيكون بالإمكان ملاحقة هؤلاء اليس كذلك؟ فحسب علمي فأن مرتكبي مثل هذه الجرائم لن يعفيهم انها لم تكن ممنوعة في بلادهم، بل حتى ان كانوا يعملون تحت الأوامر العسكرية..فهل هناك علاقة بين صعوبة اقرار الجريمة كجريمة إبادة وبين هذه الحقيقة باعتبار انها قد تحرج عدداً كبيراً من امثال انرات في مختلف بلدان الغرب؟ قال: "لا..حتى إن اقرت كجريمة إبادة لن يكون سهلاً ملاحقة هؤلاء لأنهم انما كانوا يصدرون مواد يمكن استخدامها لأكثر من غرض". الححت: "وماذا لو امكن اثبات انهم كانوا يعلمون ان موادهم ستستخدم لإبادة البشر كأسلحة كيمياوية"؟ قال: "حتى في هذه الحالة لن يمكن ملاحقتهم، لأن هناك فرق بين من يرتكب جريمة الإبادة ومن "يتيح الجريمة" ولذا ليس هناك طريقة للإمساك بهم" سألت: "ألا يعتبر المشارك في جريمة مجرماً؟" فأجاب وقد ضاق صبره قليلاً: "لايعتبرون "مشاركين" بل هم "أتاحوا الجريمة" فقط حسب القانون" قلت: "وهؤلاء لا يمكن ملاحقتهم؟ " قال "لا"!

أدركت ان "السادة" قد أمنوا انفسهم جيداً ضد القانون، وقد يسقط واحد او اثنان كعمل لايزيد كثيراً عن الإستعراض، لكن لن يكون السقوط كبيراً ليصيب كباراً او يؤثر على حماس الجدد لتسهيل او ارتكاب المزيد من هذه الجرائم. شكرت الضيف وابتعدت تحت رذاذ المطر أدمدم كلاماً مع نفسي عن جدوى كل هذه الوعود والكلام الكبير...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. متداول.. أجزاء من الرصيف الأميركي العائم تصل شاطئا في تل أبي


.. قطاع الطاقة الأوكراني.. هدف بديل تسعى روسيا لتكثيف استهدافه




.. أجزاء من الرصيف الأمريكي الذي نُصب قبالة غزة تظهر على شاطئ ت


.. حاملة طائرات أمريكية تصل إلى كوريا الجنوبية للمشاركة في تدري




.. طلاب فرنسيون يحتجون من أجل غزة بمتحف اللوفر في فرنسا