الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نكتة عند الحلاق، وكتاب إبراهيم عيسى: كتابي عن مبارك وعصره ومصره.

أيمن رمزي نخلة

2008 / 3 / 19
حقوق الانسان


حدث بالفعل. بينما نجلس عند الحلاق، الكل منتظر دوره لكي يُهذب رأسه. كل شخص له اتجاهاته وعقائده وميوله. الكل اتفق على تفشي الفساد حتى النخاع في البلد.
أحدنا يتذكر هروب القاتل عضو الحزب الحاكم المدعى وطني وديمقراطي وعضو مجلس الشورى الحكماء صاحب شركة السلام، الذي خرج من البلاد كما تخرج الشعرة من العجين، أو كما تخرج الروائح الكريهة من مؤخرة الفئران المذعورة من القبض عليها.
وآخر يذكر عضو ثانٍ في المجلس إياه ـ الموقر؟؟!! ـ صاحب قضية فساد أكياس الدم.
وثالث يتحدث عن المبيدات المتسرطنة ودخولها بطريقة رسمية في زراعة أخصب أراضي البلاد.
ورابع يتذكر بآسي حادث قطار الصعيد الذي راح ضحيته الآلاف الغير معدودين المعدومين، ومازالت حالة قطاع النقل والمواصلات من سيء إلى أسوء.
وغيرهم يتحدثون ويشاركون.

حالة من الكآبة العامة والضجر استشرت في كل قطاعات البلاد. الكل فقد الأمل. لا يوجد إله عادل رحيم ينتشل الشعب ويخلصه من هذه المجازر الرئاسية. حتى القدرة على المقاومة عند الشعب ماتت. فقد الشعب وجود أي طاقة للحياة. لا توجد حياة حتى غير كريمة.

وإذ فجأة!

وقف أحد المنتظرين عند الحلاق، وقال: أريد أن أحكي لكم نكتة.
الكل صمت.
لأنهم تشبعوا من أخبار وأفعال النكد التي سادت البلاد طولها وعرضها لمدة عشرات السنين.
قال الشخص:
اجتمعت مجموعة من أصحاب أحد الرؤساء في قصر الرئاسة، وقالوا للرئيس بمناسبة عيد ميلاده: أنت أفضل من جمال عبد الناصر والسادات وعمر بن الخطاب.
قال الرئيس: كيف وعبد الناصر قائد الثورة ومحرر العبيد ومُجْلس الحمير على الحصير؟
رد أحد أصحاب الرئيس: عبد الناصر كان يخاف من الاتحاد السوفيتي وأنت يا فخامة الرئيس لا تخاف منهم.
تشجع الرئيس وقال: لكن السادات كان بطل الحرب والسلام(الوهمي)؟!
رد أحد أصحاب الرئيس بقوة: لكنه كان يخاف أمريكا وأنت لا تخاف منهم. ما تريد أن تفعله من إرهاب وطوارئ لشعبك، ولا يهمك.
انتفخ الرئيس أكثر وقال: وماذا عن عمر بن الخطاب ـ المدعى الفاروق عمر ـ الذي أعز الله به الإسلام في غزواته وشراسته في الحرب والقتل؟ والمفترض أنه كان فارقاً في حكمه وعادلاً ـ كما تقول كتب السيرة المشكوك فيها؟؟؟
أضاف أحد المنتظرين عند الحلاق من المسيحيين: كان عمر بن الخطاب يحترم المسيحيين مثل ما سمعت من صديقي المسلم (هكذا يشيعون، وعكسها يفعلون).

فهم الشخص ـ الذي كان يحكي قصة أصحاب الرئيس ـ معنى تقاطع المسيحي أن هذا الرئيس الذي يتحدث عنه لا يحترم المسيحيين إلا في أقواله فقط، لكنه أكمل قائلاً:
واحد من أصحاب الرئيس قال: عمر بن الخطاب كان يخاف الله وأنت يا سيدي الرئيس لا تخاف الله.

انتهت النكتة!!!!!
لا تضحك!!

إن هذا الرئيس الذين يتحدثون عنه سراً وعلناً لا يؤمن بإله عادل يساوي بين خلقه، ويكون الجميع عنده متساوون. إن هذا الرئيس لا يؤمن بهذا الإله الذي يشرق نفس شمسه على الأشرار والأبرار. إنه يفرق بين مخلوقاته طبقاً لعقائدهم واتجاهاتهم. الإله الموجود في بقية العالم المتقدم يعتني بالطيور، وهذا في عصره ومصره ـ كما يذكر إبراهيم عيسى ـ الطيور لا تجد متنفس والحيوانات تموت جوعاً، فما بالك ببني الإنسان الذي فقد إنسانيته منذ 26 عاماً هي فترة حكمه.

في الكتاب الأخير للكاتب المبدع إبراهيم عيسى "كتابي عن مبارك وعصره ومصره" كتب الكثير عن الأيام السوداء والليالي الظلماء والغد المفقود وانعدام الأمل في عصر مبارك والعصر التالي له الذي اشتراه من المصريين ـ رغم أنفهم ـ بالقهر والتزوير والإرهاب الأمني وقانون الطوارئ وأورثه للمحروس ابنه.
كثيرون مثل إبراهيم عيسى كتبوا عن هذا الرئيس، لكن فخامته وجلاله لا يسمع ولا يشعر بمعاناة الملايين من المصريين.
سبحانه له العظمة وكل الكرامة والسلطان والمجد. سبحانه في قصوره المنيعة قاهرةً (نسبة إلى القاهرة) وشرماً (نسبة إلى شرم الشيخ)، لا علم لنا إلا ما علمنا ولا وجود للشعب إلا بوجوده فهو الخالق والبارئ والمُصور للحياة التي يعيشها هذا الشعب.

الشعب يسائل نفسه: حين يذكر الكُتاب عيوب شخص وخطاياه القاتلة للآلاف وإعدامه لمستقبل بلد وأمة بأسرها ويطلبوا منه أن يتنحى بكرامة عن الحكم ولكنه لا يفعل ذلك، ألا يعتبر ذلك فقدان لكل الأحاسيس الإنسانية والمشاعر؟


إنها لقطة من لقطات الشارع التي لا تصعد كلماته إلى الجالس على العرش مالك المُلك المهيمن على مقدرات ورقاب ذلك الشعب الذي كان يوماً ذو عزة وكرامة. لقد أصبح هذا الرئيس إله يَرحم مَن يشاء ويُذل مَن يشاء من عبيد مملكته المسجونين في سجنه الكبير المسمى مصر.
يا عزيزي الأستاذ نادر نبيل المصري يا من طلبت أن أحذف جملة إن بعض قادتنا ليس لديهم دم ولا مشاعر ولا دين ولا أحاسيس. هل مازلت بعد حديثي هذا ترى أن هناك بادرة أمل في قادة لديهم قدر من الدم والأحاسيس والمشاعر ليشعروا بعشرات الملايين المطحونين في عشش الصفيح أو الذين يقضون بقية يومهم نوماً وأولئك الساكنين بين القبور؟ الشعب مات فلا مجال في قاموسه للمقاومة.

إن شعب هذا البلد المُذل المطحون لا يمتلك من أمره شيئاً إلا الضحك. وهذه هي السياسة القذرة التي تتبعها الفئة الحاكمة للسيطرة على أنفاس هذا الشعب الميت من المهانة وهضم كل الحقوق الإنسانية.

لن أضحك على المواقع المحترمة وأقول: مع تحياتي ومسئوليتي الكاملة عن فكرة المقال.
ها.. ها.. ها... اضحكوا لكي تمر أيامكم السوداء بسلام.
أيمن رمزي نخلة
[email protected]









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقالات وإعفاءات في تونس بسبب العلم التونسي


.. تونس– اعتقالات وتوقيف بحق محامين وإعلاميين




.. العالم الليلة | قصف إسرائيلي على شمال غزة.. وترمب يتعهد بطرد


.. ترمب يواصل تصريحاته الصادمة بشأن المهاجرين غير الشرعيين




.. تصريحات ترمب السلبية ضد المهاجرين غير الشرعيين تجذب أصواتا ا