الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ربيع لبنان ربيع فلسطين

يحيى رباح

2008 / 3 / 19
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


علامات على الطريق -

المؤتمر الأول الذي يعقده تحالف قوى الرابع عشر من آذار الذي تشكل على إثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري، هذا المؤتمر يختزل كل المعادلات المتناقضة، والاتجاهات المتصارعة في منطقتنا العربية وامتداداتها الإقليمية والدولية، وهو خطوة متقدمة جداً على طريق مواجهة الإرث الأسود السائد في المنطقة، حين تختار القوى الإقليمية والدولية، بلداً صغيراً وشعباً صغيراً ليكون بمثابة " ماصة الصواعق" وليكون ميدان رماية للقوى المختلفة، يذوق شعبه الويلات، وتدمر مقدراته، ويفقد قراره، ويستلب مستقبله، لا لشيء سوى أن اللاعبين الكبار ومن يظنون أنفسهم كذلك اختاروا عن عمد، وسابق إصرار، أن يكون هذا البلد هو ساحة التجربة، وميدان الصراع، ونموذج الأضحية، كما حدث مع لبنان مرات عديدة، وكما يجرى في فلسطين وإن ببعض الخصوصيات.
- ربيع لبنان: هذا هو العنوان الأبرز الذي انعقد تحته المؤتمر، وكنت أصغى بانتباه شديد إلى الوثيقة التي قرأها الدكتور فارس سعيد أحد أبرز القيادات في تحالف الرابع عشر من آذار، وهي وثيقة شديدة العمق والشجاعة، فرزت الأمور بكل دقة بين اتجاهين فكريين، اتجاه السلام والوصل مع الآخر، واتجاه العنف والفصل مع الآخر، وما يندرج تحت هذين الاتجاهين من تعريف للدولة وكيف تكون، وللسلطة وكيف تمتلك أدواتها وللمقاومة ومن أين تستمد شرعيتها؟.
اعتقد أننا بحاجة ملحة جداً إلى ربيع فلسطيني يخرجنا من هول الكارثة التي نعيش فيها، وينقذنا من قاع البئر الذي سقطنا فيه، ويجدد حياتنا السياسية والوطنية التي تحولت إلى بحيرات من الدم المجاني، والخسائر الفادحة، والشعارات الجوفاء، والتوغل في حالة الانقسام التي هي بمثابة إعدام كامل لهويتنا الوطنية، ولمشروعنا الوطني، بحيث نبدو كما لو أننا متواطئين مع عدونا المتمثل بالاحتلال الإسرائيلي بينما ندعى أننا نقاومه ونواجهه، وتبدو شعاراتنا وانقسامنا على أنفسنا أفضل غطاء لهذا التواطؤ الموضوعي.
- الربيع الفلسطيني: مطلوب منه أن يعيد تشكيل مفردات الواقع الفلسطيني، بحيث لا تبقى هكذا موجودة دون أدنى فاعلية، أو موجودة ولكنها مستوعبة في أدوار نمطية شكلية باهتة، تبحث في أحسن الأحوال عن البراءة الذاتية ولا تمسك بجوهر التغيير المطلوب.
وإليكم بعض المشاهد في واقعنا السياسي والوطني التي تلح علينا بضرورة انبثاق ربيع فلسطيني:
أبرز هذه المشاهد، هي الجهود التي تجرى للوصول إلى تهدئة متبادلة في قطاع غزة، فهذه الجهود المتعثرة حتى الآن، تجري موضوعياً بين حماس وإسرائيل بوساطة مصرية، أي أن السطر الأول فيها هو التعامل موضوعياً مع الانقسام، والاعتراف به واقعياً، لأن السلطة الوطنية الفلسطينية، ليست طرفاً فيه بالمعنى السياسي، هي على علمٍ به وليست طرفاً فيه، واعتقد حسب متابعاتى المتواضعة أن إسرائيل لا تريد من مفاوضات التهدئة سوى السطر الأول، أي تكريس الانفصال والانقسام، وإحداث نوع من التراكم لمعايير تحكم قطاع غزة غير تلك المعايير التي تحكم الضفة، أما القدس فتلك قضية أخرى!.
- والمشهد الثاني: هو الأفق الغائب لما ننخرط فيه الآن، فما هو أفق قطاع غزة بوضعه الحالي؟ وما هو أفق المفاوضات التي لم تبدأ موضوعياً حتى هذه اللحظة؟ وإذا كانت بعض الدول المتجاورة في العالم التي تكون في العادة مختلفة تماماً في نظمها السياسية تسعى إلى التوصل إلى أفق محدد لمستقبلها معاً، فكيف يعجز عن هذا الانقسام الفلسطيني إلى درجة مهينة حتى أنه يعجز عن مجرد الحديث عن أفق مشترك للمستقبل، أو بديل مشترك عن الوضع الراهن، والكلمات التي نسمعها عن خيار المقاومة أو وقف المفاوضات المتوقفة أصلاً، أو العودة إلى الشعب، أو عقد المجلس الوطني الفلسطيني، كل هذه أطروحات مكررة ليس فيها جديد، وليس لها قاعدة.
- والمشهد الثالث: ان فصائل العمل الوطني الأخرى، ابتداءً من فصائل منظمة التحرير وانتهاء ببقية الأحزاب والكتل والأطر الأخرى، تعيش أيامها ولياليها تحت سقف التراشق المتبادل بين طرفي النزاع الداخلي، وكأنها مراقب محايد، وليس طرفاً في قلب المشكلة التي تتهدد الوجود الوطني، مع أن هذه الفصائل والأحزاب والكتل والأطر الأخرى موجودة في المجتمع الفلسطيني، وقادرة من خلال الثقة بالنفس أن تهيئ الأجواء لربيع فلسطيني.
- المشهد الرابع: أن درجة التلاعب الإقليمي بالمصير الفلسطيني، واستخدام القضية الفلسطينية يتزايد بمعدلات غير مسبوقة من الحدة، والانفضاح، وحتى الاستهانة، وهذا التلاعب يتطلب نوعاً من أنواع الردع غير التوسلات والمجاملات، إنه يتطلب نوعاً من الردع الأمني، واعتقد أنه يوجد لدينا خبرات سابقة في هذا المجال حين كنا قادرين على مجابهة أولئك الذين يلحقون بنا الأذى على المكشوف، وهم اليوم ظهورهم مكشوفة رغم ادعاءاتهم التافهة، وما يقال عن تحالفات تحت اسم الممانعة أو غيرها لا يبرر هذا التدخل المؤذي في مصيرنا الوطني.
- ربيع فلسطين: هو في الأساس تمرد على الذات في واقعها الحالي، واقع الانقسام والانكفاء الفلسطيني وانتظار الأقدار بسلبية، والتحية لتحالف الرابع عشر من آذار الذي انتصر للدم اللبناني المهدور، وانتصر للقرار اللبناني المقهور، وصنع ربيع لبنان.
علامات على الطريق -
ربيع لبنان وربيع فلسطين

المؤتمر الأول الذي يعقده تحالف قوى الرابع عشر من آذار الذي تشكل على إثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري، هذا المؤتمر يختزل كل المعادلات المتناقضة، والاتجاهات المتصارعة في منطقتنا العربية وامتداداتها الإقليمية والدولية، وهو خطوة متقدمة جداً على طريق مواجهة الإرث الأسود السائد في المنطقة، حين تختار القوى الإقليمية والدولية، بلداً صغيراً وشعباً صغيراً ليكون بمثابة " ماصة الصواعق" وليكون ميدان رماية للقوى المختلفة، يذوق شعبه الويلات، وتدمر مقدراته، ويفقد قراره، ويستلب مستقبله، لا لشيء سوى أن اللاعبين الكبار ومن يظنون أنفسهم كذلك اختاروا عن عمد، وسابق إصرار، أن يكون هذا البلد هو ساحة التجربة، وميدان الصراع، ونموذج الأضحية، كما حدث مع لبنان مرات عديدة، وكما يجرى في فلسطين وإن ببعض الخصوصيات.
- ربيع لبنان: هذا هو العنوان الأبرز الذي انعقد تحته المؤتمر، وكنت أصغى بانتباه شديد إلى الوثيقة التي قرأها الدكتور فارس سعيد أحد أبرز القيادات في تحالف الرابع عشر من آذار، وهي وثيقة شديدة العمق والشجاعة، فرزت الأمور بكل دقة بين اتجاهين فكريين، اتجاه السلام والوصل مع الآخر، واتجاه العنف والفصل مع الآخر، وما يندرج تحت هذين الاتجاهين من تعريف للدولة وكيف تكون، وللسلطة وكيف تمتلك أدواتها وللمقاومة ومن أين تستمد شرعيتها؟.
اعتقد أننا بحاجة ملحة جداً إلى ربيع فلسطيني يخرجنا من هول الكارثة التي نعيش فيها، وينقذنا من قاع البئر الذي سقطنا فيه، ويجدد حياتنا السياسية والوطنية التي تحولت إلى بحيرات من الدم المجاني، والخسائر الفادحة، والشعارات الجوفاء، والتوغل في حالة الانقسام التي هي بمثابة إعدام كامل لهويتنا الوطنية، ولمشروعنا الوطني، بحيث نبدو كما لو أننا متواطئين مع عدونا المتمثل بالاحتلال الإسرائيلي بينما ندعى أننا نقاومه ونواجهه، وتبدو شعاراتنا وانقسامنا على أنفسنا أفضل غطاء لهذا التواطؤ الموضوعي.
- الربيع الفلسطيني: مطلوب منه أن يعيد تشكيل مفردات الواقع الفلسطيني، بحيث لا تبقى هكذا موجودة دون أدنى فاعلية، أو موجودة ولكنها مستوعبة في أدوار نمطية شكلية باهتة، تبحث في أحسن الأحوال عن البراءة الذاتية ولا تمسك بجوهر التغيير المطلوب.
وإليكم بعض المشاهد في واقعنا السياسي والوطني التي تلح علينا بضرورة انبثاق ربيع فلسطيني:
أبرز هذه المشاهد، هي الجهود التي تجرى للوصول إلى تهدئة متبادلة في قطاع غزة، فهذه الجهود المتعثرة حتى الآن، تجري موضوعياً بين حماس وإسرائيل بوساطة مصرية، أي أن السطر الأول فيها هو التعامل موضوعياً مع الانقسام، والاعتراف به واقعياً، لأن السلطة الوطنية الفلسطينية، ليست طرفاً فيه بالمعنى السياسي، هي على علمٍ به وليست طرفاً فيه، واعتقد حسب متابعاتى المتواضعة أن إسرائيل لا تريد من مفاوضات التهدئة سوى السطر الأول، أي تكريس الانفصال والانقسام، وإحداث نوع من التراكم لمعايير تحكم قطاع غزة غير تلك المعايير التي تحكم الضفة، أما القدس فتلك قضية أخرى!.
- والمشهد الثاني: هو الأفق الغائب لما ننخرط فيه الآن، فما هو أفق قطاع غزة بوضعه الحالي؟ وما هو أفق المفاوضات التي لم تبدأ موضوعياً حتى هذه اللحظة؟ وإذا كانت بعض الدول المتجاورة في العالم التي تكون في العادة مختلفة تماماً في نظمها السياسية تسعى إلى التوصل إلى أفق محدد لمستقبلها معاً، فكيف يعجز عن هذا الانقسام الفلسطيني إلى درجة مهينة حتى أنه يعجز عن مجرد الحديث عن أفق مشترك للمستقبل، أو بديل مشترك عن الوضع الراهن، والكلمات التي نسمعها عن خيار المقاومة أو وقف المفاوضات المتوقفة أصلاً، أو العودة إلى الشعب، أو عقد المجلس الوطني الفلسطيني، كل هذه أطروحات مكررة ليس فيها جديد، وليس لها قاعدة.
- والمشهد الثالث: ان فصائل العمل الوطني الأخرى، ابتداءً من فصائل منظمة التحرير وانتهاء ببقية الأحزاب والكتل والأطر الأخرى، تعيش أيامها ولياليها تحت سقف التراشق المتبادل بين طرفي النزاع الداخلي، وكأنها مراقب محايد، وليس طرفاً في قلب المشكلة التي تتهدد الوجود الوطني، مع أن هذه الفصائل والأحزاب والكتل والأطر الأخرى موجودة في المجتمع الفلسطيني، وقادرة من خلال الثقة بالنفس أن تهيئ الأجواء لربيع فلسطيني.
- المشهد الرابع: أن درجة التلاعب الإقليمي بالمصير الفلسطيني، واستخدام القضية الفلسطينية يتزايد بمعدلات غير مسبوقة من الحدة، والانفضاح، وحتى الاستهانة، وهذا التلاعب يتطلب نوعاً من أنواع الردع غير التوسلات والمجاملات، إنه يتطلب نوعاً من الردع الأمني، واعتقد أنه يوجد لدينا خبرات سابقة في هذا المجال حين كنا قادرين على مجابهة أولئك الذين يلحقون بنا الأذى على المكشوف، وهم اليوم ظهورهم مكشوفة رغم ادعاءاتهم التافهة، وما يقال عن تحالفات تحت اسم الممانعة أو غيرها لا يبرر هذا التدخل المؤذي في مصيرنا الوطني.
- ربيع فلسطين: هو في الأساس تمرد على الذات في واقعها الحالي، واقع الانقسام والانكفاء الفلسطيني وانتظار الأقدار بسلبية، والتحية لتحالف الرابع عشر من آذار الذي انتصر للدم اللبناني المهدور، وانتصر للقرار اللبناني المقهور، وصنع ربيع لبنان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تغلق -الجزيرة- والقناة القطرية تندد بـ-فعل إجرامي- •


.. حسابات حماس ونتنياهو.. عقبة في طريق المفاوضات | #ملف_اليوم




.. حرب غزة.. مفاوضاتُ التهدئة في القاهرة تتواصل


.. وزير الاتصالات الإسرائيلي: الحكومة قررت بالإجماع إغلاق بوق ا




.. تضرر المباني والشوارع في مستوطنة كريات شمونة جراء استهدافها