الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الذكرى الخامسة للحرب على العراق : مجزرة ويأس

سهر العامري

2008 / 3 / 18
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


مسجى بلد النخيل والنفط ، مطعون حتى الموت وطن النهرين ، تناوشه قتلة كثيرون ، فراحوا ينهشونه مثلما تنهش الذئاب طرائدها في حقد دفين توزعته قلوب الحكام في بلاد فارس ، وبلاد العالم الجديد وفي مؤامرة اصطف فيها أصحاب العمائم ممن ادعوا الإسلام على مدى سنوات زيفا مع شياطين الأرض المتربعين على العرش في البيت الأبيض .
قالوا : جئنا لقتل صدام ولتحرير العراق !
وها هو العراق وبعد خمس سنوات يذبح من الوريد الى الوريد ، لقد جاءوا لقتل العراق والعراقيين . هذه الحقيقة التي لا يمكن لأحد أن ينكرها بعد اليوم ، وبعد مرور هذا السيل من الأيام العجاف التي رأى فيها العراقيون موتا مستمرا ما رأوه على مدى تاريخهم الطويل وفي مجزرة لم يمل ذباحو البشر من المعممين دعاة الدين ومن فارعي الرؤوس دعاة الديمقراطية من قتل الناس رجالا ونساء فيه .
خمس سنوات مرت والعراقيون يعيشون فيها في بحور من اليأس وانقطاع الأمل وفي حياة لا تتوفر فيها أبسط شروط العيش ، بينما راح العملاء ممن باعوا الوطن والدين والتاريخ يكنزون الأموال ، ويشيدون القصور بعد أن كانوا هم لسنوات قريب يعيشون على أرصفة الدول ، كسلى يتغذون على الصدقات .
نعم . خمس سنوات عجاف مرت على العراق والعراقيين وهو يخوضون بدماء أبنائهم في مجزرة رهيبة ما عرف التاريخ مجزرة مثلها تواصلت على مدى هذه السنوات الطويلة . خمس سنوات ولا أمل في الخلاص إلا في أن ينهض هذا الشعب بعد أن كثر أصحاب الثأر فيه . فكم من أسرة أبيد أطفالها أمامها ، وكم من طفل ذبح والداه وهو ينظر الى سيل من الدماء تتدفق منهما .
ولكن ليتذكر القتلة هؤلاء مجتمعين أن العراقيين إذا حانت ساعة الثورة لن يرحموا أحدا من قاتليهم سواء أكان هذا القاتل معمما تعاون مع المحتلين وخان العراق وأهله أو كان هذا القاتل وضيعا من أصول معطوبة . ولي ولكم ولهم في تاريخ العراق عظة وعبرة ، فهؤلاء القتلة لم يصلوا مهما ارتفعوا زيفا الى مكانة الإمام علي عليه السلام الذي قتله العراقيون وأسالوا دمه وهو في محراب صلاته ، ولم يصلوا الى مقام الزبير بن العوام الذي بشره النبي محمد بالجنة فكان من العشرة المبشرين بها ولكن مع ذلك فقد حزّ رأسه عمر بن جرموزة من أهل العراق وعلى أرض البصرة . ولم يصلوا في أية حال من الأحوال الى مركز الخليفة الثالث ، عثمان بن عفان ، الذي سار له العراقيون من البصرة والكوفة وقطعوا عنقه بعد أن قبضوا على لحيته ، وكان ذلك في عقر داره . ليتذكر أصحاب العمائم الذين ينادوا من على منابر الصلاة بالضرب بيد من حديد على أبناء الكويت وغيرها من مدن العراق هذا المصير المحتوم ! فو الله إن قلوب العراقيين تغلي كالمراجل ، وهم بانتظار الفرصة التي ستطيح برؤوس الذين تعاون مع الأجانب من فرس وأمريكان ، وما سألت عراقيا أنا في داخل العراق إلا وقد وجدته برما ، كارها للعيش فيه . وإذا كانت شهادة العراقيين هؤلاء غير كافية ، فتعالوا معي لتقرؤوا ما قالته منظمة العفو الدولية في تقريرها الأخير عن الوضع في العراق بعد مرور خمس سنوات ، وهو التقرير الذي استعرت أنا عنوانه لمقالتي هذه.
يقول التقرير :
* العراق لا يزال من البلدان الأكثر خطرا في العالم بعد خمس سنوات على تدخل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
* تسبب انعدام الامن بنزوح اكثر من اربعة ملايين عراقي.
* مئات الاشخاص يقتلون كل شهر في العنف السائد.
* حياة عدد لا يحصى مهددة كل يوم بالفقر وانقطاع الكهرباء وامدادات المياه ونقص الغذاء والمنتجات الطبية.
* عن العنف المتزايد ضد النساء والفتيات.
* عمليات القتل التي تقوم بها الميليشيات الطائفية.
* والتعذيب وسوء المعاملة من قبل القوات العراقية واحتجاز الاف الاشخاص --يقدر عددهم حاليا ب60 الفا- غالبا بدون توجيه تهمة وبلا محاكمة، كان له "اثر مدمر مما تسبب بنزوح أكثر من اربعة ملايين عراقي".
* لا يزال ثلاثة عراقيين من أصل اربعة محرومين من مياه الشرب.
* ونحو ثلث السكان -حوالى ثمانية ملايين-- يعتمدون على المساعدة العاجلة للعيش .
* نصف الشريحة العاملة من السكان عاطلة عن العمل .
* وان اربعة عراقيين من اصل عشرة يعيشون باقل من دولار في اليوم.
* ان ادارة صدام حسين كانت رمزا لعدم احترام حقوق الانسان لكن ابداله لم يحمل قطعا اي راحة للشعب العراقي".
* وحتى في منطقة كردستان العراق الاكثر هدوءا "فان الوضع الاقتصادي الافضل لم يترافق بقدر اكبر من احترام حقوق الانسان".
* فالمشكلات الامنية "اعاقت الجهود" لارساء النظام "لكن حتى عندما كانت السلطات العراقية في موقع (يؤهلها) حماية حقوق الانسان فشلت بشكل كبير".
* فالمشكلات الامنية "اعاقت الجهود" لارساء النظام "لكن حتى عندما كانت السلطات العراقية في موقع (يؤهلها) حماية حقوق الانسان فشلت بشكل كبير".
* ان جميع الاطراف انتهكت حقوق الانسان، وان بعضها ارتكب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية.
وعلى هذا أقول : ما نفع العراقي من إسقاط نظام جائر مثل نظام صدام الذي كانت سياط أتباعه تأكل من أجساد العراقيين بنظام آخر يثقب أجسادهم بالمزرف الكهربائي ( الدريل ) لمجرد أن اسم جد وزير الداخلية الذي أصبح وزير المالية فيما بعد هو صولاغ الذي يعني في اللغة الفارسية : الثقب ؟
ذاك هو ملخص تقرير منظمة العفو الدولية التي مقرها لندن والذي ساوى وأزاد بين صولاغ وأمثاله من الحكام في العراق ، وبين صدام وأتباعه في أن كلا الطرفين قد ارتكبا جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية . فما نفع العراقيين من ذلك ؟
لقد نقل لي رجل دين وطني مخلص خبرا مؤكدا يقول : إن زعماء الميليشيات التابعة للأحزاب في البصرة قد وزعوا أرصفة لتحميل النفط في موانيء المدينة فيما بينهم ، فهذا الرصيف لحزب الدعوة ، وذاك للمجلس ، والآخر للفضيلة وهكذا ، فكيف لا يعيش أربعة من أصل عشرة من العراقيين بأقل من دولار في اليوم ، مثلما يقول تقرير منظمة العفو الدولية المذكور ، وحال ثروة العراق نهبا لكل من هب ودب ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد زيارة بوتين للصين.. هل سيتحقق حلم عالم متعدد الأقطاب؟


.. كيربي: لن نؤيد عملية عسكرية إسرائيلية في رفح وما يحدث عمليات




.. طلاب جامعة كامبريدج يرفضون التحدث إلى وزيرة الداخلية البريطا


.. وزيرة بريطانية سابقة تحاول استفزاز الطلبة المتضامنين مع غزة




.. استمرار المظاهرات في جورجيا رفضا لقانون العملاء الأجانب