الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفيدرالية : نشأتها ونظامها السياسي

جمال كريم

2008 / 3 / 18
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


يقوم النظام السياسي للاتحاد الفيدرالي بناء على توفر الاسباب والمناخات التي تهدف فيما تهدف اليه بالدرجة الاساس الى اشاعة التعددية السياسية والمشاركة الفاعلة الحقيقية في ميادينها وفق أساليب ديمقراطية بعيداً عن سلطة الفرد أو مجموعة تنتهك القانون وتهدر الحقوق وترتكب الاخطاء والفظاعات بحق شرائح المجتمع المختلفة ، ، في حين يكون مجتمع المؤسسات في ظل النظام الديمقراطي أكثر عدالة في ظل القانون والرقابة الدستورية.
لقد ارتبط مفهوما الفيدرالية والاتحاد الفيدرالي حديثا ، بمبدأ حق تقرير المصير للامم والشعوب ، وهو المبدأ الذي تبلور مفهومه حديثا ايضا ، وأصبح متداولا في المواثيق الدولية ولوائح حقوق الانسان .
وأشار عدد من الباحثين وخبراء علم السياسة الى مفهومات عدة للفيدرالية ، لكنها في النهاية ، تتفق الى حد كبير من حيث الدلالة والمحتوى على تقديم شكل الدولة للمجتمعات التي يسودها التنوع والتمايز بين مكوناتها الاجتماعية ، فالفيدرالية تعني" المشاركة السياسية والاجتماعية في السلطة، وذلك من خلال رابطة طوعية بين أمم وشعوب وأقوام، أو تكوينات بشرية من أصول قومية وعرقية مختلفة، أو لغات أو أديان أو ثقافات مختلفة وذلك في نظام اتحادي يوحد بين كيانات منفصلة في دولة واحدة أو نظام سياسي واحد – مع احتفاظ الكيانات المتحدة بهويتها الخاصة من حيث التكوين الاجتماعي، والحدود الجغرافية، واللغة والثقافة، والدين إلى جانب مشاركتها الفعالة في صياغة وصنع السياسات والقرارات، والقوانين الفيدرالية والمحلية – مع الالتزام بتطبيقها – وفق مبدأ الخيار الطوعي، ومبدأ الاتفاق على توزيع السلطات والصلاحيات والوظائف كوسيلة لتحقيق المصالح المشتركة، وللحفاظ على كيان الاتحاد".
وهي " نظام سياسي من شأنه قيام اتحاد مركزي بين مقاطعتين أو إقليمين، أو مجموعة مقاطعات وأقاليم، بحيث لا تكون الشخصية الدولية إلا للحكومة المركزية مع احتفاظ كل وحدة من الوحدات المكونة للاتحاد الفيدرالي ببعض الاستقلال الداخلي، بينما تفقد كل منها مقومات سيادتها الخارجية التي تنفرد بها الحكومة الاتحادية، كعقد الاتفاقيات والمعاهدات أو التمثيل السياسي، ويكون على رأس هذا الاتحاد، رئيس واحد للدولة هو الذي يمثلها في المحيط الدولي"، والى غير ذلك من التعريفات الاخرى .
عن هذا النظام السياسي الاتحادي ،صدر مؤخرا عن معهد الدراسات الاستراتيجية ، كتاب " الفيدرالية – نشاتها ونظامها السياسي " ، وقد اعده عن كتاب "أوراق الفيدرالية " كامل وزنة .
ويشير كتاب " الفيدرالية " الى الدولة الناشئة حديثا وهي تسعى لفرض نفسها على الساحة الدولية من خلال بنى سياسية واجتماعية وثقافية ، وهذا ما يحتاج الى تضافر عدد من الجهود الوطنية التي تاخذ بعين الاعتبار تجارب الدول الاخرى ، اذا لايمكن اقامة دولة حديثة بمعزل عن تلك التجارب ، وعادة ما ينظم علائق ومسؤوليات مثل تلك الدول قانون عام يقلل من حدة الخلافات ويؤمن الاليات السليمة للتشريعات واتخاذ القرارات .
ويسوق الكتاب الولايات المتحدة انموذجا للدولة الحديثة نسبيا ، فهي قامت على " دستور وضعه مجموعة من الفلاسفة والمفكرين الاميركيين الذين عرفوا فيما بعد باسم الاباء المؤسسين . استفاد هؤلاء من تجارب الشعوب والامم القديمة ، استخلصوا دروسا وعبرا ساعدتهم في انشاء نظام الحكم المناسب ووضع أسسه ".
ويتناول الكتاب "ظروف نشأة الدستور الاميركي " ،
ويلمح المعد بالقول :"يعتمد هذا الكتيب على النصوص والرسائل التي نشرها كل من ألكسندر هاملتون وجيمس ماديسون وجون جاي تحت اسم " بابيلوس " في صحيفة ""The Federalist،وذلك بين تشرين الاول /اكتوبر 1787 وأيار/مايو 1788 ،وعرفت لهذا السبب باسم :أوراق الفيدرالية ".
ويسوق الكتاب الولايات المتحدة انموذجا للدولة الحديثة ويتناول الكتاب "ظروف نشأة الدستور الاميركي " ، نسبيا ، فهي قامت على " دستور وضعه مجموعة من الفلاسفة والمفكرين الاميركيين الذين عرفوا فيما بعد باسم الاباء المؤسسين . استفاد هؤلاء من تجارب الشعوب والامم القديمة ، استخلصوا دروسا وعبرا ساعدتهم في انشاء نظام الحكم المناسب ووضع أسسه ".
ويتناول الكتاب "ظروف نشأة الدستور الاميركي " حيث دعا هاماتون في ورقة الفيدرالية الاولى الشعب الاميركي الى "التداول بشأن دستور جديد للولايات المتحدة الاميركية يوحدها في ظل حكومة واحدة بدل تقسيمها الى عدة كونفدراليات مجزأة ".
فيما يستعرض جون جاي في الورقة الرابعة ايجابيات الاتحاد ومردوداتها المناعية ضد القوى الخارجية ،" فهي اذا رأت أن حكومتنا الوطنية ذات كفاءة وادارة حسنة – تجارتنا مقننة بحصافة ،وقوانا المسلحة حسنة التنظيم والانضباط ،ومواردنا وماليتنا تدار بحرص ،وشعبنا حر وقانع وموحد –ستكون هذه القوى الخارجية اكثر نزوعا الى طلب صداقتنا من اثارة سخطنا".
اما الورقة الرابعة عشرة فقد اكد فيها جيمس ماديسون على ضرورة الاتحاد "بوصفه سدنا المنيع ضد الخطر الخارجي ،وحافظ السلام بيننا ،وحامي تجارتنا وغيرها من مصالحنا المشتركة ،والبديل الوحيد من تلك المؤسسات العسكرية التي قوضت حريات العالم القديم ،والعلاج الشافي لامراض الفئوية التي أثبتت كونها أمراضا فتاكة لحكومات شعبية أخرى والتي ظهرت أعراض مقلقة من أعراضها على حكومتنا ".
ويتعرض الكتيب الى "السلطة والدستور"،مشيرا الى دعوة هاملتون في الورقة الفيدرالية " 23 "وتخلص لكي يكون الدستور قادرا على حفظ الاتحاد ، فان الاهداف تنقسم الى ثلاثة فروع هي :
اولا: الاهداف التي تعمل حكومة اتحادية من أجلها .
ثانيا: حجم السلطة اللازمة لتحقيق هذه الاهداف .
ثالثا :الافراد الذين تمارس هذه السلطات عليهم .
ثم يناقش الكتيب المعنى الحقيقي للجمهورية والسمات المميزة لمثل هذا النظام في "دراسة الدستور المقترح " ، ذاكرا استعراض ماديسون لتجارب بعض الدول ،التي تتبع ضمنا هذا النظام ، فيقول :"هولندا تسمى جمهورية ولكننا نجد أن ايا من سلطاتها العليا لاياتي مباشرة من الشعب ،وكذلك البندقية التي تسمى جمهورية ولكننا نرى مجموعة من النبلاء تتوارث الحكم فيها ".
وفي تقسيم السلطات يذكر الكتيب :" تستوجب صيانة الحرية فصل السلطات المختلفة ، ولذلك من المهم أن تكون لكل سلطة ارادتها الخاصة ،ما يعني أن يكون لاعضاء كل سلطة من السلطات الثلاث أقل مساهمة ممكنة في تعيين أعضاء السلطتين الاخريين .وبما أنه يجب أن تكون جميع التعيينات في هذه السلطات من مصدر السلطلة
نفسه وهو الشعب ، تقتضي الضرورة ان يتم الامر عن طريق قنوات لاتتصل مع بعضهل البعض ".
كما يشير الى اهمية السلطة القضائية وضرورة توفر الخبرة والنزاهة في القضاة الذين يوافق عليهم مجلس الشيوخ ، باشتراط أن يكونوا بعيدين عن عن التجاذبات السياسية وتأثيراتها ، فضلا عن تاثيرات أجهزة السلطتين الاخريين ، التشريعية والتنفيذية.
ويتناول الكتيب ، السلطة التشريعية ، المتمثلة مجلس النواب ، حيث تختص هذه السلطة بسن القوانين والتشريعات ، وبخاصة تلك المتعلقة بشؤون مؤسسات الامن والقوات المسلحة ، والميزانية والضرائب وما الى ذلك ، مشيرا الى مؤهلات النائب في الولايات المتحدة الاميركية ، فضلا عن مدة النيابة .
وينتقل الى صلاحيات مجلس الشيوخ ، وكذلك شروط العضوية فيه ، وفي ذلك يقول ماديسون :"لاصدار حكم على هاتين النقطتين (أي العدد والفترة) يجب النظر في الاسباب الموجبة لايجاد هذا المجلس ومعرفة المعضلات التي ستواجهها الجمهورية لولم توجد مسؤسسة كهذه .فمن أوجه الفشل في الحكم الجمهوري أن المسؤولين عن ادارة البلاد قد ينسون التزاماتهم تجاه ناخبيهم ،لذلك فأن مجلس الشيوخ بوصفه مجلسا ثانيا للسلطة التشريعية سيكون رقيبا نافعا على عمل الحكومة وسيمنع أي مخططات للخرق والغدر ".
ويتعرض الكتيب لصلاحيات رئيس الجمهورية ،بوصفه "راس السلطة التنفيذية " ،فيذكر منها : القيادة العامة للجيش ،وعقد المعاهدات ،وتعيين السفراء ،والوزراء ،وقضاة المحكمة العليا ، وغيرها من الصلاحيات الاخرى المشروطة بمشورة مجلس الشيوخ وموافقته .
كذلك يتناول صلاحيات السلطة القضائية الفيدرالية ، في كما يحدده هاملتون :" تبت في كل القضايا القانونية والحقوقية التي تنشأ استنادا الى الدستور أو القوانين أو المعاهدات المبرمة ، في القضايا ذات الصلة بالسفراء والقناصل والفوضين وفي قضايا الادميرالية والقضاء البحري ،وفي كل النزاعات التي تكون الولايات طرفا فيها ،وفي النزاعات بين ولايتين او أوأكثر وبين ولاية ومواطني ولاية أخرى وبين مواطني الولاية الواحدة وبين ولاية أو مواطنيها ودول أجنبية ومواطنين ورعايا أجانب ".
أخيرا يؤكد هاملتون :" أن أمة بلا حكومة وطنية هي مشهد مريع وان اقرار الدستور في زمن استتباب السلام بموافقة الشعب كله واختياره ،انما هو انجاز استثنائي ".

الكتاب : الفيدرالية – نشأتها ونظامها السياسي
اعداد :كامل وزنه / عن كتاب "أوراق الفيدرالية "
الطبعة الاولى 2007 بغداد / اربيل / بيروت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو بين إرضاء حلفائه في الحكومة وقبول -صفقة الهدنة-؟| ال


.. فورين أفارز: لهذه الأسباب، على إسرائيل إعلان وقف إطلاق النار




.. حزب الله يرفض المبادرة الفرنسية و-فصل المسارات- بين غزة ولبن


.. السعودية.. المدينة المنورة تشهد أمطارا غير مسبوقة




.. وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة، مقاربة مشتركة حول غزة