الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أولمرت واستيطان القدس

برهوم جرايسي

2008 / 3 / 19
القضية الفلسطينية


انتشرت في وسائل الإعلام الإسرائيلية، في الأيام الأخيرة، أنباء مفادها، أن كثافة البيانات الإسرائيلية عن بدء مشاريع استيطانية في القدس المحتلة، ناجمة عن ضغوط تمارسها كتلة "شاس" الدينية، على رئيس الحكومة، إيهود أولمرت، كون هذه الكتلة تشكل ضلعا أساسيا في الائتلاف الحاكم، ومن دونها فإن الحكومة ستسقط.
ولربما حين يسمع أولمرت نشرات الأخبار تتحدث عن "الضغوط" عليه لكي يسرّع استيطان القدس، يبتسم ابتسامة عريضة، لأن له مصلحة عليا مرحلية لبث مزاعم كهذه، ولهذا، فقد يكون أولمرت نفسه المبادر لبث مزاعم "الضغوط عليه".
في أحد الأيام سيرحل أولمرت عن الحلبة السياسية، وستكون مناسبة لتلخيص حياته السياسية، وسيجد أن من أبرز المحطات التي سيتم التوقف عندها، هي فترة رئاسته لبلدية الاحتلال لمدينة القدس المحتلة، منذ خريف العام 1993 وحتى مطلع العام 2003.
ويُعرف عن هذه الفترة أنها شهدت أكبر مشاريع استيطانية في القدس الشرقية المحتلة، إن كان من حيث التخطيط أو التطبيق، وكل هذا بتزامن مع بدء مرحلة المفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية، ضمن مسار أوسلو.
فصحيح أن الاستيطان لم يبدأ في تلك الفترة، ولكنه لم يكن بالحجم الذي نراه اليوم، إذ لا مبالغة حين نقول إنه منذ العام 1993 وحتى اليوم ازداد عدد المستوطنين في القدس بحوالي الضعفين، إذ كان عددهم، حسب التقديرات، يتراوح ما بين 60 ألفا إلى 80 ألفا، أما اليوم فإن الحديث يجري عن حوالي 190 ألف مستوطن، يقيمون في أحياء هي عمليا مستوطنات ضخمة أقيمت على أراض في محيط القدس من الجهات الثلاث، الشرقية والجنوبية والشمالية، وتم ضمها للمدينة المقدسة.
ومن أبرز المشاريع الاستيطانية التي قادها أولمرت، بناء الحي الاستيطاني الضخم، "هار حوما" الجاثم على جبل أبو غنيم، الفاصل بين مدينتي بيت لحم والقدس، ويضم آلاف الوحدات السكنية، وما يزال يتضخم، إضافة إلى توسيع أحياء قائمة.
ومنذ أن بدأ أولمرت مزاولة منصبه رئيسا لبلدية الاحتلال، أعلن بوضوح أن على رأس أولوياته تعزيز الاستيطان في القدس، وتجول في أنحاء مختلفة من العالم، وبالذات في الولايات المتحدة، من أجل تجنيد كبار الأثرياء اليهود لدعم الاستيطان، ومن أبرزهم الاسترالي اليهودي إيرفان موسكوفيتش، الذي يدعم الاستيطان بالأساس في داخل البلدة القديمة والأحياء المحيطة بها.
ومن المحطات البارزة في ولاية أولمرت كرئيس لتلك البلدية، إصراره على فتح النفق من تحت الحرم القدسي الشريف، في نهاية شهر أيلول (سبتمبر) من العام 1996، الذي اندلعت إثره أولى المواجهات المسلحة بعد أوسلو، بين قوات الأمن الفلسطينية، وقوات الاحتلال، وسقط فيها أكثر من 80 شهيدا فلسطينيا، كما قتل حوالي 15 جندي احتلال.
وإذا تابعنا الأنباء التي ترد تباعا حول غالبية المشاريع الاستيطانية، التي تطبق حاليا في القدس المحتلة، نجد أنها تنفيذا لمخططات وضعت في سنوات سابقة، مثل العامين 2000 و2001، وحتى قبل ذلك، وكلها فترة كان فيها أولمرت رئيسا لبلدية الاحتلال.
بمعنى آخر أن أولمرت ليس بحاجة لمن يضغط عليه من أجل أن يوسع الاستيطان في القدس المحتلة، فهو على قناعة "أيديولوجية" بهذا الأمر، وهو أيضا من الذين شاركوا بشكل أساسي في وضع أخطر المخططات الاستيطانية في المدينة، بهدف اختلاق أغلبية يهودية مصطنعة، من خلال تغيير منطقة نفوذ المدينة وبناء حواجز استيطانية ضخمة قادرة على فصل القدس المحتلة كليا عن سائر أنحاء الضفة الغربية المحتلة، ومن ثم استخدام الحزام الاستيطاني الناشئ، من الغرب إلى الشرق، لبتر الضفة الغربية إلى قسمين شمالي وجنوبي.
وبالنسبة لمسألة ما يسمى بـ "ضغط كتلة شاس" الدينية، فهو يندرج في إطار تقاسم الأدوار داخل الحلبة السياسية، لمواجهة احتمال ظهور ضغوط على إسرائيل في الحلبة الدولية، أما على صعيد الرأي العام الإسرائيلي، فإن أولمرت مطمئن لحقيقة أن الرأي العام لديه يدرك تماما أن مشاريع استيطانية ضخمة كهذه لا يمكن أن تتم لولا رغبة حكومية شاملة.
سيأتي ذلك اليوم، وبالذات في أقرب حملة انتخابية برلمانية، لنسمع أولمرت يجاهر بحقيقة الضغط الوهمي عليه من أجل الاستيطان في القدس، ويفاخر بما حققه من استيطان، علما أنه منذ الآن يقول إن القدس ليست خاضعة لأي قرار يتعلق بما يسمى "تجميد الاستيطان"، الذي لم يتجمد للحظة واحدة.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الوقود الأحفوري سيظل أساسياً حتى منتصف القرن


.. ملك الأردن يلتقي الرئيس ورئيسة الوزراء الإيطاليين خلال زيارة




.. أمطار غزيرة للمرة الثانية خلال أسبوعين في الإمارات


.. شاهد: هزّت صورة المدنية المثالية؟ أمطار عاتية تضرب دبي مجددا




.. معالي الشيخ خالد بن عبدالله يفتتح فندق كونراد مرفأ البحرين ا