الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسؤولية السلطة في تفشي الفساد في مؤسسات الدولة

صاحب الربيعي

2008 / 3 / 20
السياسة والعلاقات الدولية


إن تفشي الفساد في مؤسسات الدولة هو إنعكاس لفاسد السلطة القائمة لأنها معنية بتوزيع المسؤوليات الإدارية في مؤسسات الدولة وزج عناصر غير كفوءة وعديمة الخبرة فيها، وفي الغالب تكون من عناصر حزب السلطة لفرض توجهاتها على مؤسسات الدولة وبذات الوقت مكافأة عناصرها الحزبية على مسيرتهم النضالية.
إن مبدأ المكافأة والمنفعة للعناصر الحزبية الذي تعتمده السلطة أدى لإضعاف مؤسسات الدولة، لأن غالبية القائمين عليها من أنصاف المتعلمين، همهم الأول تجيير الموارد المالية للمؤسسة وإمكانياتها لتحقيق منافعهم الشخصية والحزبية.
إن ظاهرة الفساد هي نتيجة لأسباب متعددة منها: فساد هرم السلطة فحين تكون النزاهة معدومة في عقل (دينمو) السلطة يتفشى الفساد إلى سائر جسد السلطة، فلا جدوى من محاسبة ومساءلة صغار الموظفين مقابل إعفاء كبارهم منها فالاختلاس ونهب المال العام لايتم إلا من خلال شبكة (مافيا) فاسدة تحتل مرافق أساسية في جهاز الدولة وتعمل على تقاسم المال غير المشروع.
وبذات الوقت فإن هذه الشبكة الفاسدة من الموظفين تحتاج إلى مظلة حماية لتغطية خروقاتها القانونية وتمرير القرارات الإدارية غير المشروعة، فلابد أن يكون على رأسها أحد كبار الموظفين في الدولة ويحتمي هوالآخر بمظلة حزبية فاسدة أو رئيس وظيفي أكثر فساداً يجني حصد الأسد من عمليات نهب أموال الدولة.
يقول ((مايكل بارنتي))"إنه من خلال تجارب عديدة في العالم تبين أن تبوء أشخاصاً من ذوي القدرات المتواضعة لمناصب عليا في الدولة، أدى لفسادهم وتورطهم بفضائح مالية كبيرة، بالرغم من إدعائهم بالمُثل والقيم العليا".
إن أوجه الفساد المتعددة في مؤسسات الدولة ليست حالة عرضية ومؤطرة بزمن محدد خلاله تصاب مؤسسات الدولة بالفساد، وإنما عبارة عن (بؤر فيروسية) معدية تصيب عقل السلطة أولاً وتتفشى فيما بعد إلى سائر جسد السلطة والدولة بالتدريج وليس العكس. وآلية تفشي فيروس الفساد في جسد السلطة والدولة يحتاج إلى نفوذ قوي وقادر على إضعاف سلطة القانون وخلق بؤر ومناخات ملائمة لنمو فيروسات الفساد في المرافق الأساسية للسلطة ليتفشى الفساد بسهولة وعبر القنوات الإدارية إلى سائر العاملين في مؤسسات الدولة.
هناك تأثيران لفيروس الفساد على موظفي الدولة، فيروس اقتصادي يهدم قناعة الموظف براتبه الشهري الذي يتقاضاه من الدولة ويحاكي همومه المعيشية غير المتناسبة مع إرتفاع نفقات الحياة المعيشية. وفيروس سياسي مؤطر بقرار إداري وصادر من جهة عليا قادر على إقصاء الموظف المحصن ضد الفساد، فهذا الحقن المتواصل لفيروس الفساد في جسد السلطة والدولة من قبل كبار السياسيين والموظفين يكون تأثيره أقوى من تأثير الردع القانوني الذي قد تمارسه أطراف مسؤولة ومحصنة ضد الفساد في جسد الدولة.
إن الصراع بين رجال السلطة ورجال الدولة على خرق أو فرض القانون قد يتحول إلى صراع وجود وإزاحة لفرض التوجهات عن طريق التصفيات الجسدية، التهم المُغرضة، الإهانة، التهديد، الفصل..يقوم بها عادة رجال السلطة ضد رجال الدولة والذي يفضي في أغلب دول العالم النامي على انتصار ماحق لرجال السلطة الفاسدة على رجال الدولة المحصنين ضد الفساد.
يقول ((مايكل بارنتي))"إن ديمقراطية القلة ليست وليدة وجود أشخاص فاسدين يحتلون وظائف عليا في الدولة، بل انعكاس للنظام الاقتصادي-السياسي برمته ولطريقة توزيع المراكز في السلطة داخل هذا النظام".
كما أن تفشي الفساد في مؤسسات الدولة من قبل السلطة الفاسدة يحتاج إلى (ثقافة تبرير!) تقنع بها الراشي والمرتشي للقيام بفعل الرشوة تحت يافطة مبررات (أخلاقية-عاطفية!) كـ: إنخفاض الأجور، الغلاء الفاحش، الإكرامية، المنفعة المتبادلة، تعويضات الحرمان عن النضال، والمكافأة الحزبية...إلخ.
بهذا فإن عقل السلطة الفاسدة يروج لتوجهات تبريرية لإقناع المُغفالين من الناس للقبول بواقع الرشاوى أو بمقولات تعفي السلطة من المسؤولية كالقول: أن الشعب فاسداً فماذا تعمل السلطة؟. أو ماذا تعمل السلطة هل تزج الشعب كله في السجن باعتباره فاسداً؟. وبذات القدر يمكن أن تروج السلطة ذاتها للفساد لإتخاذه حجة لاستخدام العنف المفرط ضد (المجتمع الفاسد بنظرها!)، لتعفي نفسها من مسؤولية الفساد ومن مطالبات نخب المجتمع بالخدمات وفضح خروقاتها للقانون.
يعتقد ((باريتو))"أن الفساد الاقتصادي والاجتماعي يعود إلى غياب التوجيه الأيدولوجي والثقافي الملائم نتيجة فقدان صلاحية الأيدولوجيا وفساد القائمين عليها وعدم صلاحيتهم لقيادة النظام الاجتماعي والسياسي".
إن اجتثاث الفساد من مؤسسات الدولة لايقتصر على إنشاء هئيات للنزاهة أو لجان للرقابة المالية والإدارية وإنما بوجود عقيدة للنزاهة في عقل السلطة ونقاء سيرة رجالها وشجاعتهم في اتخاذ قرار سياسي حازم في تطبيق القانون على كافة العاملين في مؤسسات الدولة بما فيهم رجالات السلطة والسياسيين المتنفذين، بالإضافة إلى إشاعة ثقافة النزاهة في المجتمع وتفعيل القيم الدينية والاجتماعية التي تحرم تعاطي الرشوة وتدين المرتشين والمفسدين أي كان شأنهم السياسي والاجتماعي والوظيفي.
وأخيراً تشريع قوانين تحدد صلاحيات رجالات السلطة في مؤسسات الدولة وتميزهم عن رجالات الدولة من أصحاب التخصصات والخبرات غير المعنيين بشكل السلطة وعقلها لأنهم عقول الدولة التي تمثل الوطن والمجتمع بعكس السلطة المتغيرة التي تمثل منتسبي الأحزاب السياسية ليس إلا.
الموقع الشخصي للكاتب: http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رسالة تعزية من الجزائر بوفاة والدة ملك المغرب، تثير الجدل!!


.. فيديو كليب بوسي والليثي ضمن قاي?مة ا?سوء فيديو كليبات ????




.. الهند: انتشار -مرعب- لكاميرات المراقبة في كل أرجاء البلاد


.. فرنسا: ما الذي سيحدث في اليوم التالي لجولة التشريعيات الثاني




.. إسرائيل تقتل فلسطينيين بغارة جوية في مخيم نور شمس قرب طولكرم