الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجندي الامريكي الجيد هو الجندي المقتول

فلاح حسن عبود
(Falah Hassan Abood)

2008 / 3 / 20
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ان الاحتياطي الهائل للنفط جعل من العراق هدفا للغزوالامريكي قبل خمس سنوات. لذا يجب الاصرار على اعتبار العراق بلدا محتلا من قبل امريكا وبريطانيا، لان الغزو تم وفق قرار فردي لقادة الدول الغازية ، حيث ضربت عرض الحائط كل قرارات مجلس الامن وتمت الاستهانة بالتظاهرات المليونية في كل من امريكا وبريطانيا وبلدان اخرى. فقد ادعوا ان العراق يمتلك برامج لاسلحة الدمار الشامل ومرتبط بمنظمة "القاعدة"،ولكن الوقائع اثبتت بطلان هذه الحجج الواهية. ويبقى قرار الحرب قرارا اجراميا في كل حال من الاحوال،وبالتالي هي حرب غير عادلة وهي حرب ابادة جماعية .

كان العراق بحاجة ماسة الى التغيير الديمقراطي ، واما الاحتلال فلم يات بشكل ديمقراطي لا من حيث الممارسة ولا المشروع، علما انه لا يوجد احتلال ديمقراطي على الاطلاق. كما يحاول المحتل افهامنا ان هذه هي الديموقراطية ، فهذا المستوى من الكذب والافتراء يدلل على الاستخفاف بالعقل العراقي . فاذا كانت اول كذبة تحسب على الكاذب فما يليها يحسب على من يصدق.

لا شك ان الاحتلال هو الشر الاكبر، وقد ادى الى دمار كامل للعراق ، بشكل مخالف للقاعدة الطبية ،التي تقول: اذا لم تستطع مساعدة المريض فلا تضره.هذا اذا افترضنا ان الاحتلال جاء ليقدم العون والمساعدة ، الا انه في الواقع جاء لقتل العراق المريض بالديكتاتورية ، واوصل بلدنا الحبيب الى النتائج الكارثية .

معروف ، ان الامريكان لم يأتوا لاسقاط النظام السابق وحسب ، بل جاؤا للسيطرة على العراق ونهب ثرواته، الا انه لم يكن لقمة سائغة كما توهموا. ونحن لسنا بصدد معاداة امريكا كبلد ، لكننا ضد الاحتلال الامريكي ومشاريعه الامبريالية، فالاحتلال يطبق القاعدة، التي تقول: ليس المهم ان تنتصر، بل المهم ان لا تمنح الفرصة لعدوك كي يستعيد انفاسه ويوجه لك الضربة المعاكسة. لذا نراهم يمارسون الاعمال الاجرامية الواحدة تلو الاخرى طبقا لمبدأ المافيا الذي ينص : لكي تخفي فضيحة اصنع فضيحة اكبر. فسراق المليارات من اموال الشعب العراقي هم من الذين اتوا مع المحتل وهم صنيعته بلا شك ويبقى المحتل يتحمل المسؤولية الكبرى عن كل ما جرى ويجري في العراق.

اما الحديث عن كون العراق اصبح محتلا بعد الغزو بقرار من مجلس الامن ، فهذا لا يلغي حق المطالبة بالتعويض وانما يؤكده. ويقينا بان من جاء مع المحتل و المتعاونين معه لن يجرؤا على المطالبة بالحقوق المشروعة لشعب العراق . اما الاكتفاء بالخروج من البند السابع مقابل توقيع اتفاقية" صداقة " مع المحتل فهذا يشكل قمة الانحطاط السياسي وهو دلالة على ان هذه الحكومة لا تستطيع تمثيل مصالح العراق ، وهوبلد مسلوب السيادة. الاجدر بحكومة المالكي ان تتوجه للشعب العراقي وتعلن كونها مكرهة على توقيع هذة الاتفاقية وتترك القرار للشعب العراقي.

واما عن فضائع المحتلين فحدث ولا حرج، فبعد حصار جائر لعدة سنوات ، قامت قوات المعتدين بغزو بلدنا وهي مدججة باكثر الاسلحة فتكا ودمارا، واستخدمت اليورانيوم المنضب، ودمرت المصانع والمعسكرات والمتاحف والمكتبات وكل مرافق الدولة ماعدا وزارة النفط في دلالة واضحة لطبيعة الغزو واهدافه. واستخدمت كل وسائل التعذيب الجسدي والنفسي في سجون الاحتلال ،وهذه جرائم تبقى وصمة عار توسم جبين امريكا ، على الرغم من بعض المحاكمات التي جرت في محاولة لذر الرماد في العيون. قد يبدو للوهلة الاولى ان الامريكان قد غرر بهم من قبل البعض.وواقع الحال ان المحتل يمد يده لكل من يقدم الخدمات. ولا توجد خدمات مجانية في عالم السياسة فكل شئ له ثمن ،لا سيما في الحب والحرب حيث كل شئ مباح. هناك من توهم بان امريكا جاءت لتحريرالعراق ، وستغادر بعد فترة، فيا لقصر النظر..
دفع شعبنا ووطننا ثمنا غاليا لا يقاس بمدى الوعود التي قطعتها قوات الاحتلال على نفسها. فهي لم تستنفذ كل الخيارات لحل المشكلة العراقية وفضلت الاعتماد على الحل العسكري بشكل كامل، مستبعدة الخيارات الاخرى. وهذا لا ينفي مسؤولية النظام السابق في عدم السعي لحل مشكلة الديموقراطية السياسية، وعدم تقديره للعدوان والتصدي له بالشكل المطلوب. فلو توفرت الممارسات الديموقراطية والوحدة الوطنية الحقيقية لما الت الامور الى هذا الدمار،ولهب شعب العراق لمقارعة الغزو والاحتلال .

لم يقدم العملاء والجواسيس خدمات للاجنبي كالتي قدمها البعض من ساسة العراق، وليس هناك اكثر سطوعا من ما يذكر عن العميل السوفييتي كيم فيلبي ،الذي قدم للاتحاد السوفييتي معلومات خطيرة عن بلدان عديدة ، لكنه ابى تقديم اية معلومات عن وطنه الام بريطانيا. اما سولجينتسن ، الذي كان باعتراف الكل معارضا ثابتا وعلى طول الخط للاتحاد السوفيتي ، وتبقى تصريحاته ذات شأن كبير حين قال : اخشى عندما نهدم النظام الشيوعي سنهدم البلد. هذه الكلمات تدلل مدى حرص الكاتب الكبير على مصلحة بلده. كم تمنيت ان يكون لدينا ساسة من هذا النمط ، الذي يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.
اذا كان هولاء الساسة قد علموا مسبقا بالمخططات الامريكية وشاركوا بها ، فهذا يعني انهم شركاء بالجريمة ، اما اذا كانوا يجهلون ما يضمره الامريكان ، "وهو امر مشكوك فيه"، فان عليهم تقديم الاستقالة والاعتذار للشعب العراقي بعد كل ما حصل ، ويصبح الحديث عن حسن نية الامريكان مجرد سذاجة سياسية ، لان سؤء الظن من حسن الفطن. فاين هي الوطنية يا ساسة العراق "الجديد "؟ .
السؤال المطروح هو : ما العمل بعد ان توصلنا الى قناعة ان الاحتلال جاء ليبقى؟ فهل نستسلم كما استسلم النظام السابق وترك الساحة ؟ . ام اننا سنقاوم؟ ، الاجابة بلا شك ان نقاوم ، فتاريخ الشعوب يحدثنا عن مقاومة المحتل ، وهوحق تكفله الشرائع السماوية و يقره القانون الدولي طبقا لمقررات الامم المتحدة. وعليه فان حرب المقاومة هي حرب عادلة بكل المقاييس.

السؤال الاخر هو : ما هي اساليب النضال لاخراج المحتل؟ ان كل الاساليب هي مشروعة وفي مقدمتها الكفاح المسلح اضافة الى الاشكال الاخرى السياسية والجماهيرية والبرلمانية والاعلامية والقضائية .
متى اصبحت امريكا صديقة للعراق ؟ وهل يعقل ان تكون ارواح الشهداء و دماء العراقيين لا تستحق الاعتبار؟، كي ندخل في اتفاقية مع دولة كانت وما تزال تدمر كل ما هو خير في بلدنا بشهادة الامريكيين انفسهم.

لا يوجد ادنى شك في ان الحكومة الحالية ستنفذ ما يفرضه الامريكان وخاصة معاهدة " الصداقة" المزمع عقدها وكذلك قانون النفط والغاز. ويبدو ان هذه الحكومة لم تتعلم من دروس ماضي الشعب العراقي وتضحياته ، حيث لم يتمكن احد من سلب شعبنا روح التطلع للحرية . فشعبنا لم يستكن ولن يرضخ لمعاهدات جائرة تكبله بقيود المحتلين.

ان عقد الاتفاقية مع المحتل سيجعل الوضع السياسي اكثرتصعيدا وسيوقد جذوة النضال التحرري لخلق الوضع الثوري الذي سيحول العراق الى مقبرة للغزاة ، وعندها سيكون الجندي الامريكي الجيد في العراق هو الجندي المقتول.

*
كتبت هذة المقالة بمناسبة الذكرى الخامسة للغزو الامريكي للعراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين مؤيد ومعارض.. مشرعون أمريكيون يعلقون على قرار بايدن بتجم


.. السويد.. مسيرة حاشدة رفضا لمشاركة إسرائيل في مهرجان غنائي في




.. نائبة بريطانية تدعو حكومة بلادها إلى الضغط على إسرائيل لوقف


.. أخبار الساعة | عمالقة النفط يدعمون حملة ترمب بمليار دولار




.. أخبار الساعة | -بوينغ- تسجل 3 حوادث جديدة خلال 48 ساعة