الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمي التي حمتنا صغاراً من الذئاب0

عايد سعيد السراج

2008 / 3 / 21
ملف - الثامن من آذار 2008 يوم المرأة العالمي - لا للعنف ضد المرأة


الأم هي الطاقة الكامنة في ذواتنا , الطاقة الأبدية التي جعلتنا على هذا الشكل , ومن أحشائها تكوّن كل شيء فينا , وبذا نكون وبكلنا , نحبها نحب كل شيء فيها , نحن عشنا في أحشائها عماءنا وفي نور الحياة نعيش أبصارنا المطلق , فالأم هي المحبة الأبدية, وغالباً ما نعيش نحن أبناء الشرق محبتها بالشكل العفوي , وعلى أساس ذلك نجلها وهذا أجمل تقدير بل وتقديس أجابت عليه الآية الكريمة ( ولا تقل لهما أف ٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً ) فمن هنا يأتي التعبير عن الاحترام الإجلالي لقدسية الأم, وهذا ما يجب أن يكون , عندما تكون الأم لا تقوم بمهمة الإنجاب , والرضاعة , والعناية بالطفل فقط , بل في هذا الزمان الخطير , أن تعرف كيف تربي , وهنا السر الخطير لدور الأم في هذا الزمان , أمام كل هذا من الكم الهائل من التحدي الخطير الذي يحاول أن يجعل منها لا مربية فحسب بل طليعية , تسهم في خلق وبناء الإنسان الأكثر وعياًَ وفهماً لما يدور حوله من صعوبات , فالأم التي تبني الإنسان الناجح , تساهم في خلق الوطن الناجح , فالأم التي لا تعي دورها , وتقبل أن تكون ألعوبة بيد التطرف والإرهاب , تكون قد ساهمت في خلق أبناء يقومون بالإجرام , وزرع الشر , بل والدعاية له وجعله قانوناً 0 مرة وفي أعوام ماضية , زرت لبنان , وزرت ومن معي إحدى العائلات , فتحدثنا عن أشياء كثيرة حيث كان قسم من العائلة يجلس معنا بما في ذلك "أم العائلة " التي أنجبت مجموعة من الشباب , وعندما جرى الحديث عن أحداث لبنان والمقاومة والجنوب, غضبت الأم وقالت : لا وفق الله أبنائي هؤلاء وأشارت إلى الجالسين, لم يستشهد أي واحد منهم ؟ قلت لها لماذا تريدينهم أن يستشهدوا , وأنت تعلمين أنهم حاربوا الاحتلال في الجنوب , ولم يقتلوا0
أجابت : أريد واحداً منهم على الأقل يستشهد لكي أضمن دخول الجنة0
فنظرت بحزن ٍ إلى أبنائها الشباب , وتَشَبّثَ نظري على وجه الأم , مستغرباً , كيف تقبل هذه المرأة أن يموت أولادها لكي تدخل الجنة , وخرجت ومن معي من هذا البيت , متسائلاً عن مفهوم هذه الأم عن الأمومة , ولا زال السؤال عالق في ذهني , والحادثة أيضاً رغم الزمن البعيد 00 لا أريد أن أدخل في حوار هذه المسألة المعقدة , ولكنني أدرك أن الأم التي تحب بقلب كبير , وبطهارة الأم المقتنعة , والواعية لرسالتها , سوف تكون مثل أمي , التي لم تجد قراءة الحرف ولكنها كانت توهمنا أنها تعرف أخطاءنا في القراءة والكتابة , وتجعلنا نعيد الدرس أكثر من مرة أمامها - في سني ْ دراستنا الأولى , وكانت تخاف علينا من النسيم , فما بالك الموت المجاني , إذاً الأم ليست عواطف فقط , بل هي رحمة على الأبناء , وهداية, وأبعاد عن كل ما يعيب , لذا فإنني أهدي لروحها – أمي - هذه المقاطع الشعرية – وأبارك نساء العالم جميعاً بعيدهن , متمنياً الخلاص من الشرور , والحروب , والموت المجاني 0

أمي

أمي التي دثروها بعشق البراءة
كيما تدثر أحزانها بالقبرات
أمي التي صاغها المجد في ثنيات الجبال
آن الحبارى ترسم للحجل شفق الروح
أمي التي غازلها الهمُّ والبرد جاورها بالهجير
أمي التي ذرفت دمعها حين عضنا الفقر صغاراً
واحتمتنا بالقلب من وحشة الصحراء
وأطعمتنا اليدين
أمي التي صرخت في وحشة الليل ,
وأجفلت قلوب الضباع
ونحن نبصبص من ضروع الرواق على وحشة الذئب
أمي التي أيقظها هاجس الهَمِّ حدَّ التراق
نشرت نصفها على مشجب القلب
وراحت تدندن أغنية في الفؤاد
أمي التي زنرت خصرها بالشيح والنيتول
حيث القرنفل منها يفيض
أمي التي كابرت على ذروة الآلام مثل المسيح
وَشَرَدَت الخراف والنوق على أكتافها, والربيع
أمي التي وشوش الطير في معصميها أريج الحقول
وعطرها الله بالحب والدمع والأقحوان
أمي التي بللها الصيف بالمسك
وأرخى جديلتيها المساء
أمي التي يدرُّ حليب النوق من ثدييها وكذا الضياء
علمتنا كيف يُنير الحرف وجوهنا بالأصيل
أمي التي قشرت برتقال الروح كي ترضعنا فرح الليالي
كم تناجت مع رَبِّ سهيلٍ وبنات نعش ٍ
ليحفظ خرافها من أنين
عيناها أوتار ذئبٍ
مشدودتان بأسهم السماء
تبكي بلا دمع كي لا تجفل الصغار
ترتب الوسائد مع الهموم
وتقرأ على رؤوسنا آية الكرسي وصورة الرحمن
لماذا تهجريننا أمي كباراً على قارعة الطريق
كيف تسافرين بلا أحد
حميتنا من ذئاب الفلات صغاراً
كيف تهجريننا لذئاب البشر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تشاسيف يار-.. مدينة أوكرانية تدفع فاتورة سياسة الأرض المحرو


.. ناشط كويتي يوثق آثار تدمير الاحتلال الإسرائيلي مستشفى ناصر ب




.. مرسل الجزيرة: فشل المفاوضات بين إدارة معهد ماساتشوستس للتقني


.. الرئيس الكولومبي يعلن قطع بلاده العلاقات الدبلوماسية مع إسرا




.. فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران