الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصحافة العراقية بين المنح والمنع

محمد جبار كاظم الساعدي

2008 / 3 / 21
الصحافة والاعلام


يشكو الرأي العام من الإعلام العراقي عموما لأنه يقصر في التعبير عن نبضه وأماله ، ويشكو الإعلاميون من تضييق السلطات على حرياتهم وحقوقهم ، وتشكو الحكومة بدورها من إن الصحفيين يهزءون بالتزاماتهم المهنية والأخلاقية وقد عمت الشكوى من الجميع وأصبحت مهنة الصحافة مهنة خطرة في العراق تختلف عن بقية المهن الأخرى وبعد إن كانت الصحافة توصف بأنها مهنة البحث عن المتاعب أصبحت المتاعب وما أكثرها في العراق هي من تبحث عن الإعلام .
ومما يعقد المشكلة كما وكيفا إن الصحافة العراقية قد اتسع تأثيرها وزاد خطرها من خلال النهضة العالمية في تكنولوجيا المعلومات ووسائل الإعلام وظهور بنوك المعلومات وانتشار الفضائيات والصحف في العراق والحرية المفرطة لدى بعض الإعلاميين وعلى الرغم من إن الصحافة العراقية لم تستوعب كل هذا الجديد إلا إننا نمتلك ثقافة عريقة في مجال الإعلام إذا ما قورنا بباقي دول العالم الثالث ونحن اليوم نود إن نناقش موضوع على مستوى عال من الأهمية وقد يعد جوهر عملية التطور إذا ما تم احتوائه والسيطرة عليه وهو حرية الصحافة والصحفيين ، أو قضية التعبير وما يرد عليه من قيود وسدود وهي قضية حديثة لدينا حيث إن حرية الصحافة ليست بالضرورة هي حرية الصحفيين فقط بل هي قضية تتصل بالحريات العامة ونمو الوعي الوطني وهي قضية لازالت محل شد وجذب ومثار خلافات ، ولكننا نظن إن معالجة موضوع حرية الصحافة العراقية لا يكتمل إلا إذا ربطنا حاضرنا بماضينا وهو لا يكتمل إلا إذا نظرنا إلى حرية الصحافة على أنها ليست حرية الصحفيين أو المنتجين أو الممولين للصحافة .
فهناك جوانب ثلاثة تكاد تكون محور عملية الصحافة وهي :
أولا : جانب الملكية : وقد تختلف الملكية ما بين فردية صغيرة أو كبيرة بسيطة أو احتكارية وقد تتخذ شكل الملكية التعاونية أو ملكية حزب أو جبهة سياسية لعدة أحزاب ولبحث ملكية الصحافة تأثير خطير على حرية الصحافة لان المالك بإمكانه توجيه سياسية الصحيفة او القناة كما ويملك إنشاءها او إغلاقها او تعديل سياستها .

ثانيا : جانب الإنتاج او المنتجين : ونعني بهم الصحفيين كتابا ومحررين ومنفذين ورسامين وغيرهم ولهذا الجانب تأثير على حرية الصحافة أيضا وهو يتوقف على القوانين التي تنظم عمل الصحافة وتندرج هذه القوانين من الدستور الى قانون المطبوعات الى قانون العقوبات الى القوانين المهنية التي تنظم إنشاء النقابات .
وينص الدستور عادة على حرية الصحافة بصيغة عامة ولكن باتي دور القوانين المنظمة لتلك الحرية وهي قوانين تنظم العلاقة بين المالك والإعلاميين والدولة وما بين إطلاق حرية الصحافة وتقييد هذا الحق بالحرية قانون يمكن ان نطلق عليه قانون الإعلام او قانون الصحافة وهو ما كان يعرف سابقا بقانون المطبوعات .
وهي ان هذه القوانين تنظم العلاقة بين المالكين والموزعين والعاملين في هذا المجال وحق الرد او التصحيح وهناك الجانب القانوني غير الإجرائي والذي ينظم محاسبة الإعلاميين في قانون العقوبات فيما يمكن ان يسمى بجرائم الرأي او جرائم السب او القذف والتشهير ونشر الأخبار الكاذبة والتحريض وغير ذلك وهناك قانون ينص على أحقية الصحفيين بتشكيل نقابات تتولى الدفاع عن حقوقهم المادية والمعنوية وتنظم طريقة الانتماء الى هذه النقابات او المؤسسات ومحاسبة الإعلاميين .

ثالثا : جانب حق المواطن في الإعلام او على الإعلام في إيصال المادة او الخبر بصورة صحيحة او إشباع حاجة المواطن من الرأي والخبر وهو من بنود معاهدة حقوق الإنسان العالمي فلم يعد من حق أي سلطة منع المواطن او إخفاء المعلومات عنه وأصبح واجبا على الصحافة نشر هذه الحقائق وفي حدود بعض القيود التي يستلزمها النظام العام وان من ايجابيات هذه الفقرة انه أصبح لزاما على الإعلام نشر الحقائق ويعطي للصحفيين الحق في استيفاء المعلومات من مصادرها وتضييق حق النشر الى ابعد الحدود الممكنة .من هذه الجوانب الثلاثة تكتمل لنا النظرة الشاملة الى مشاكل حرية الصحافة في ملكيتها وإنتاجها والنشر والتوزيع .
ان الحكم على حرية الصحافة لا تكفي فيه النصوص الدستورية التي توضع او التشريعات القانونية التي تسن وذلك لان مدى حرية الصحافة يتوقف على مدى حرية التعبير والرأي وعليه فلا يمكن فرض نظرية واحدة لحرية الصحافة لان هناك أنصار للملكية الفردية او حرية إصدار الصحف بدون اذن سابق وهناك أنصار آخرون لنظرية حجب الملكية الفردية بدعوى خطورة التوجيه الفردي او تحكم الرأسمال ، ولا يحسم مثل هذا الأمر بمجرد مناقشة نظرية لأننا نظن ان لكلا النوعين من الملكية عيوبا خطيرة لان الملكية الفردية قد تؤدي الى نوع من الاحتكار ويؤدي حتما الى تأثير الإعلان بل قد يؤدي أيضا الى خطر التمويل الخارجي وهذه المخاطر يمكن علاجها برفع الأسباب المؤدية اليها وذلك من خلال :
1. منع الاحتكار على الإعلام .
2. فرض قواعد أخلاقية على النقابات الصحفية .
3. التمييز بين الإعلام والإعلان .
4. تشكيل لجان من اجل بحث كيفية تمويل الإعلام .
وبتوجيه هذه الأفكار يمكن الحد من المد السلبي للإعلام وتحويله الى مد ايجابي يسهم في بناء البلد وكذلك فرض نوع من الرقابة الاخلاقية على وسائل الإعلام التابعة للأحزاب والكتل السياسية حتى لا يصبح الإعلام تبريريا ولا يسبق الأحداث ولا يفسرها دون حيثيات واقعية بل يجب ان يكون ولاء الإعلام للشعب قبل كل شيء لان لهذا الإعلام التابع للحركات والأحزاب خطر كبير وهو احتكار الرأي الواحد وتحريم الرأي الآخر وخنقه مما يتسبب في هزيمة برنامج الإعلام الحقيقي الداعي الى توعية وتثقيف الشعب ومن المعروف ان الإعلامي والصحفي لا يمكن ان ينهض بمهمته اذا تحول الى موظف يعمل من اجل المادة فقط ويرضى بخضوع الأصغر للصغير والصغير للكبير والكبير للأكبر ومن المؤكد ان الصحفي اذا أرهقته تلك العلاقة الإدارية وهذا التسلسل يكسر قلمه ويمتهن مهنته التي تصبح إعلانا لا إعلاما ، ويشتد الأمر اذا لم يكن بإمكان الإعلامي الا الإذعان للتوجيه او الخوف من النقل او العقوبة وليس لديه فرص عمل أخرى يستنقذ نفسه من خلالها .
والعلم المتطور اليوم للإعلام يقوم بتحليل طبيعة الصحفي وطبيعة مهنته فالصحفي ليس عاملا وهو بالتالي لا يخضع لقوانين رب العمل ومن المفروض والمسلم به ان تتطور التشريعات حتى تضع في حساباتها ان الصحفي له دور نبيل يؤديه كما المعلم فالمعلم يعمل على تدريب وتهيئة الجيل بينما يعمل الصحفي على تثقيف وتوعية الشعب كما ويجب ان يحتوي القانون الخاص بالإعلام فقرة تعد هي الأهم ويجب ان تتصدر قانون الصحافة الا وهي (فقرة الضمير ) كون الصحفي يعمل عقليا ووجدانيا ولابد ان تتوافق كتابته مع ضميره ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترامب يهاجم مجددا مدعي عام نيويورك ويصعد لهجته ضد بايدن | #أ


.. استطلاع يكشف عدم اكتراث ذوي الأصول الإفريقية بانتخابات الرئا




.. بمشاركة 33 دولة.. انطلاق تدريبات -الأسد المتأهب- في الأردن |


.. الوجهة مجهولة.. نزوح كثيف من جباليا بسبب توغل الاحتلال




.. شهداء وجرحى بقصف الاحتلال على تل الزعتر في غزة