الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من الرياض الى دمشق تتواصل البيانات

حسين علي الحمداني

2008 / 3 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


منذ كنا أن تعلمنا نقرأ الصحف طالعنا إخبار مؤتمرات القمة العربية وتابعناها بحكم سذاجتنا السياسية وكنا أيامها نرى أن زعمائنا قادرون على التغيير ومجابهة التحديات وأتذكر كنا نتسمر إمام شاشات التلفاز لنتابع رؤساء أمتنا وهم يصلون مطارات العواصم العربية التي احتضنت مؤتمرات القمة وكيف يحيط بهم رجال أمنهم الخاص ومستشاريهم , وتابعنا جلساتهم بوجوه مكفهرة لا تعرف أن تبتسم وكنا ساعتها نقول ويقولون لنا إن هؤلاء الزعماء يحملون هموم 250 مليون عربي , وكلما ذكر اسم فلسطين تساقطت دموعهم ودموعنا.
وبحكم سذاجتنا السياسية آنذاك كنا في لهفة لسماع البيان الختامي لمؤتمر القمة ونعود نتسمر أمام التلفاز وفي الصباح تنفذ الصحف بسرعة ويعود القادة العرب كل لجواريه وتستل الأقلام من غمدها لتمجد للقمة وتقبض.
وبمرور الزمن والقمم اكتشفنا إن البيان الختامي للقمة الأولى يشبه البيان الختامي للقمم اللاحقة الذي يؤكد على التضامن العربي ووحدة الصف وتحرير فلسطين وأضيفت في القمم اللاحقة مدن وأراضي أخرى بحاجة للتحرير فكان الجنوب اللبناني في فترة والجولان وسيناء والجزر العربية الثلاثة ثم العراق , والديباجة نفسها تتداول.
معنى التكرار هذا يؤكد فشل الجامعة العربية في إيجاد قواسم مشتركة بين القادة العرب وربما يتصور البعض إن القادة العرب متفقين وهذا هو الخطأ بعينة إذ إن بعد عام 1990 والغزو ألصدامي للكويت والذي أحدث شرخ كبير ليس في العقلية العربية فقط بل في جميع مفاصل المنظومة العربية السياسية والاقتصادية والاجتماعية وهذا التحول انعكس أول ما انعكس على مؤتمرات القمة العربية التي لم تستطع أن تجتمع لفترة طويلة وباتت القمم العربية ليست ضمن اهتمامات المواطن العربي الذي اكتشف بمرور الزمن إن ما يحدث في اجتماعاتها ما هو إلا تحصيل حاصل لأفكار القادة العرب الذين يبحثون عن مجد شخصي ويتاجرون بقضايا العرب. وكما هو معروف فان العالم تغير كثيرا منذ عام 1945 سنة تأسيس الجامعة العربية وبعد أكثر من 63 سنة ظلت جامعتنا تراوح مكانها بل كادت تتوقف في منتجع شرم الشيخ لولا إصرار بعض قادة العرب على الانعقاد الدوري في العواصم العربية المنهكة بالاستعداد لقمة لا تقدم ولا تؤخر في الشرق الأوسط .
ما الذي ستبحثة القمة العربية؟ هذا السؤال ممكن أن يوجه أي طفل لأبيه حين يجده متسمرا أما التلفاز؟
بالتأكيد سيخرج الإعلام العربي فور انتهاء القمة بأوصاف جميلة لها ورائعة وربما تشكل انعطافة في مسيرة التضامن العربي وما أكثر الانعطافات التاريخية عند العرب لدرجة إن البعض يعتبر كل مؤتمر قمة هو إنعطافة جديدة.
باعتقادي الشخصي إن الجامعة العربية انتفت الحاجة لها لأن العالم اليوم لا تحكمه البيانات السياسية والشجب والاستنكار والدعوة للتضامن بل العالم اليوم عالم الاقتصاد والمعرفة وان قادتنا عبر جامعتهم يحاولون تكريس نظرياتهم السابقة في تفريغ العقل العربي من محتواه واجبار المواطن العربي على سماع بيانات تشبه المعلقات دون أن تجد له حلولا لمشاكله الاقتصادية فالأمية في الوطن العربي نسبتها عاليه وهدر الحقوق المدنية مرتفعة والسجون تغص بمعتقلي الرأي والمحاكم الصورية هي سمة النظام العربي , كل هذه وغيرها يجب ان ينظر إليها قادتنا العرب الذين تقع عليهم مسؤولية تحويل الجامعة العربية إلى ملتقى اقتصادي يرفع القدرات الاقتصادية للعرب وان يبحثوا قضايا واقعية من صميم مشكلات العرب لا من خيالات حكامها. ففلسطين دولة وان كانت ناقصة السيادة والعراق دولة وان تواجدت القوات الأمريكية على أراضيها كما تتواجد في مصر والأردن والخليج . ولبنان دولة وان اختلفت قواه السياسية في انتخاب رئيس وللجامعة العربية وبعض أعضائها اليد الطولي في عرقلة المسيرة الديمقراطية في لبنان. نعم يا قادة امتنا العالم العربي يجب أن ينتقل للتغيير وعليكم تقع مسؤولية التحول المنتظر فلا تتوقعوا أن يتسمر شعبكم أمام التلفاز ساعات طويلة ليستمع لخطب سمعها من قبل , ولا تنتظروا نفاذ الصحف الحكومية صباح اليوم التالي لأنها تشبه بعضها البعض , كونوا كقادة أوربا احملوا حقائبكم الصغيرة وافتحوها واستقرؤأ احتياج شعبكم وتأكدوا ستكون القمة هي الانعطافة الحقيقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المناظرة بين بايدن وترامب.. ما أبرز الادعاءات المضللة بعد أد


.. العمال يحسمون الانتخابات قبل أن تبدأ، ونايجل فاراج يعود من ج




.. لماذا صوت الفرنسيون لحزب مارين لوبان -التجمع الوطني-؟


.. ما نسبة المشاركة المتوقعة في عموم أسكتلندا بالانتخابات المبك




.. لجنة أممية تتهم سلطات باكستان باحتجاز عمران خان -تعسفا-