الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قطاع غزة قطاع لليأس والموت ..؟!

عبد الكريم عليان
(Abdelkarim Elyan)

2008 / 3 / 22
القضية الفلسطينية


قبل بضعة أيام قتلت امرأة من غزة في أثناء الولادة بمستشفى الشفاء .. بالضبط كما يروى في الأفلام المصرية ..! قتلت المرأة وأنقذ طفلها المولود .. المرأة تركت خلفها خمسة من الأبناء والزوج الذي ترمل بين ليلة وضحاها والطفلة المولودة ، كل هذا نتيجة تصرف الطبيب المناوب الذي انفرد باتخاذ قرارات ( طبية ) غير مسئولة .. ولا أعتقد أن هناك طبيبا واحدا يرضى على نفسه بأن يقوم بما قام به هذا الطبيب ، ولا يفترض بأن يقوم جاهل بعمل ما عمله ، ابنة المرأة المقتولة وهي أيضا امرأة وأم كذلك دخلت مع أمها كشك الولادة قالت : أن أمها دخلت المستشفي في حالة ولادة طبيعية ولم يسبق لها أن شكت من شيء وأن أمها كانت قد ولدت سبعة مرات قبل وفاتها ، وأضافت أن أمها ولدت بشكل طبيعي إلا أنها بعد الولادة أصابها نزيف حاد لم يتوقف وامتلأت غرفة الولادة بالدم بعدها طلب الطبيب منا وحدات من الدم ، وطلب مساعدة من قسم العناية المركزة ، بعدها خرجت أنا وزوجي لإحضار وحدات من الدم من بنك الدم الذي يبعد عن مستشفى الشفاء قرابة الخمسمائة مترا إلا أن ذلك سرق منا كثيرا من الوقت والجهد ، عندما عدنا بالدم وجدت أمي قد فارقت الحياة ... عرفت فيما بعد أن الزوج قد تقدم للنيابة العامة طالبا فتح تحقيق قضائي لمقتل زوجته .. سألت أحد الأطباء الذين أعرفهم عما يدور في المستشفى ، فقص علي قصة مع زوجة أخيه لا تختلف كثيرا عن قصة هذه المرأة ..؟
يبدو أن حالة اللامبالاة قد انتابت كل العاملين في مستشفى الشفاء ، وبدلا من أن يكون عنوانا للشفاء قد أصبح مقبرة للمرضى ويحق لهم تغيير أسمه إلى ( مستشفى الموت ) إن جاز لنا التعبير .. مستشفى الشفاء بغزة هو أكبر مستشفى في قطاع غزة الذي أصبح قطاعا للطالبان والجهلاء .. إذ من المعروف أن هؤلاء قاموا بإقصاء عددا كبيرا من الأطباء والمدراء المشرفين على الصحة العامة ليس من أجل تحسين المستوى الصحي لمواطني غزة بقدر ما هو توطيد لحكم الأمراء والجهلة .. للأسف الشديد وجدوا من يساندهم ممن باعوا قسمهم لشرف المهنة الإنسانية حتى يتسنى لهم جمع الأموال من الفقراء والبسطاء من شعبنا المظلوم .. حدثني صديق بأنه صاحب أمه التي نقلت من مستشفى كمال عدوان إلى مستشفى الشفاء في حالة هبوط حاد في ضغط الدم بمرافقة طبيب الإسعاف ، وفي مستشفى الشفاء حيث وصلت والدته لم يجدوا طبيبا لإسعافها .. وبعد مدة استدعوا عدد من الأطباء الذين لم يهتموا بالمريضة ؛ فاستدرك صديقي الأمر وقام بعمل ما على ( الطريقة المصرية .. ) وعلى الفور أسرع الطبيب بعمل اللازم حتى استعادت المريضة عافيتها .. في مستشفى الشفاء أصبحت الأسرة حديد ( خردة ) بدون فرشات ولم نعرف أين اختفت فرشات الأسرة بعد انقلاب حماس واستلامها لكل شيء ؟ من سيرقد في المستشفى للعلاج سيضطر إلى إحضار فراشه من بيته ..؟ إذا زرت قسم الطوارئ ـ لا سمح الله ! بعد الكشف سيقول لك الطبيب لا يوجد علاج في المستشفي وما عليك إلا شرائه من الخارج وبالطبع سوف تدفع ثمنه مضاعفا مرات عديدة لأن الأسعار ارتفعت في كل شيء هذا إن وجدت ؟؟ اثني عشرة سنة وأكثر دفعت خلالها أكثر من ثلاثة آلاف من الدولارات بدل تأمين صحي ، وفي المرة الوحيدة التي زرت بها الرعاية الأولية نتيجة لإصابتي بإنفلونزا حادة لم أجد إلا ( الأكامول ) الذي يمكن شراءه من الخارج بأرخص من رسوم العلاج..؟
هذا ما صنعته حكومة الانقلاب ( حكومة التغيير والإصلاح ) ؟؟
هذه هي غزة من الناحية الصحية فما أدراك من النواحي الأخرى ؟ الاقتصاد مثلا حدث ولا حرج ، لا يوجد شخص واحد يعمل في القطاع الخاص لأن إسرائيل تمنع دخول المواد الخام مهما كان شكلها ونوعها .. وكل ما تسمح بدخوله بعضا من الطعام كي يجعلوا سكان غزة بين الموت والحياة .. لا يوجد أي إنتاج في غزة فقط ! فيها من يستلمون الرواتب ، العدد الأكبر من الموظفين الذين التزموا بيوتهم بناء على تعليمات الحكومة في رام الله واضطهاد الأمراء والجهلة في غزة .. وعدد لا يزيد عن خمسة عشر ألفا من الذين يعملون في وكالة الغوث الدولية ، وعدد قليل جدا يعملون مع منظمات ( NGos ) ، وعدد آخر غير معروف يعمل مع سلطة الانقلاب الذي قسم الشعب إلى لونين لا يوجد ثالث بينهما .. السوق التجاري في غزة لن يتحرك إلا في الأسبوع الذي يستلم فيه الموظفين رواتبهم وبعدها تموت الحياة في أسواق غزة ، ويبدو أن تجار غزة الدمويين قد فهموا أنه لا مناص إلا من الاستفادة قدر الإمكان من هؤلاء البسطاء فالأسعار هنا ، ترتفع بشكل مجنون ولا تعود إلى سابقتها ويلقون كل اللوم على المعابر التي تغلق باستمرار .. خذ مثلا : مشكلة الوقود الذي يدخل بالقطارة ، وكل محطة تبيع الوقود تأخذ حصتها إلا أن المواطن ليس بمقدوره شراء لترا واحدا من أي من هذه المحطات ، وفي الصباح تجد الوقود معبأ في جالونات يباع على الطرقات بأسعار مضاعفة فلتر البنزين الذي سعره يساوي خمسة شواقل ونصف الشاقل يباع في الجالون بعشرين شيقلا .. هذه الظاهرة ليست في الوقود فقط ، بل في كل أنواع المواد الاستهلاكية ، وظاهرة الوقود طفت على السطح لأنها الأكثر استهلاكا ، فالدقيق مثلا يختفي من السوق فجأة ليظهر بعد يومين بأسعار خيالية ،، وهكذا دواليك في كل المنتجات .. وفي خطاب السيد هنية الأخير بعد الانتصار الكاذب تطرق إلى كسر الحدود مع الجانب المصري ، فقال : إن أهل غزة ابتاعوا ما يلزمهم من مصر الشقيقة وعادوا إلى أرض الوطن ... والحقيقة أن أهل غزة لم يجدوا في مصر ما يبتاعونه سوى بعض الأجهزة والأدوات الكهربائية والسجائر وعادوا خائبين .. من منهم اشترى شوالا من الدقيق ؟ من منهم اشترى شيء من غاز الطبخ ؟ بالطبع لا يمكن المواطن أن يشتري كتابا مادام الطعام مفقودا ؟؟ أما تجار الحروب الذين يعرفونهم أمراء حماس قد هربوا الأسمنت والدخان والأنواع التي يمكنهم أن يجلبوا من ورائها أموالا طائلة ..؟
أما الإعلام والثقافة فانعدما تماما من غزة وأصبح معلوما للجميع أنه لا يوجد إعلام في غزة سوى الإعلام الذي تريده حماس فالصحف منعت من دخول غزة والإذاعات دمرت وتوقفت عن البث ، وكذلك تم الاعتداء على عدد من الصحفيين ، ومنع كل العاملين في تلفزيون فلسطين من مزاولة عملهم ، وتم حرق عدد من المكتبات العامة ، وكذلك تعرضت العديد من المؤسسات الثقافية للاعتداء والحرق والتفجير، لم يتبق شيء سوى إعلام ومؤسسات الأمراء ..! إنهم لا يريدون إلا تثبيت وتوطيد حكمهم مهما كانت النتائج ومهما كانت حياة الموتى ! يكذبون كل شيء .. لا يصدقون إلا أنفسهم المريضة .. كل يوم وكل ساعة توجد صدامات بينهم وبين الناس على أبسط الأمور .. كل الناس تعاني من الكثير ، لكنهم لا يريدون المواجهة خوفا من بطشهم وافتراءاتهم ، لكن هذا لن يستمر طويلا خاصة إذا كان يتناقض مع المصالح العامة للشعب . إذا كانت حركة حماس قد سيطرت على كل مؤسسات السلطة ، فلماذا لا تقوم على خدمة الشعب وتغيير وإصلاح هذه المؤسسات كما زعموا ويزعمون ؟؟ من السهل جدا استخدام القوة في السيطرة .. لكن من الصعب جدا تقديم الخدمات العامة للناس وتوفير حياة كريمة لهم في ظل الصراعات والتناحر السياسي القائم ؟ قد تكون المبادرة اليمنية هي المنقذ للجميع والخروج ببياض الوجه ! والفرصة الأخيرة لكل الأطراف .. وإلا سيكون للشعب الفلسطيني في غزة الحكم والخروج من القمقم ..!










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا: ماذا وراء زيارة وزيريْ الدفاع والداخلية إلى الحدو


.. إسرائيل وحسابات ما بعد موافقة حماس على مقترح الهدنة في غزة




.. دبابة السلحفاة الروسية العملاقة تواجه المسيرات الأوكرانية |


.. عالم مغربي يكشف عن اختراع جديد لتغيير مستقبل العرب والبشرية




.. الفرحة تعم قطاع غزة بعد موافقة حماس على وقف الحرب