الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سبل تحسين مناخ الاستثمار في العراق

فلاح خلف الربيعي

2008 / 3 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


يواجه التوجه الحالي للسياسة الاقتصادية في العراق الهادف الى تحسين البيئة الاستثمارية وجذب الاستثمار الأجنبي، صعوبات عديدة في مقدمتها الحاجة الماسة إلى تحسين الوضع الأمني وتحسين مناخ الاستثمار.
وبقدر تعلق الأمر بتحسين مناخ الاستثمار فأن نجاح أي دولة في تحقيق هذا الهدف،يتطلب توفير عدد من العوامل، بعضها ملموس كالبنية التحتية من المطارات والموانئ والطرق ومصادر الطاقة والمياه ووسائل الاتصال، والبعض الأخر غير ملموس كالمؤسسات والنظم والسياسات والتشريعات ، كما يتجاوز مفهوم مناخ الاستثمار النواحي الاستاتيكية كالوفرة النسبية للموارد المادية والبشرية ، ليمتد إلى البحث في النواحي الديناميكية كمستوى المهارات والكفاءات التكنيكية والتنظيمية السائدة في الموقع المعني، فضلا عن مستوى البحث والتطوير ومدى كفاءة النظام المحاسبي والإداري والقضائي . فقرار الاستثمار في أي بلد ليس قرارا خاصاً بمسألة بدء الاستثمار من عدمه. لكون المستثمر يتخذ قرارات مختلفة، ويقوم بإجراءات نظامية تترتب عليها التزامات وحقوق له مع آخرين، وعليه فالقرار الاستثماري يرتبط مدى بحاجة وجود نظام محاسبي وإداري شفاف ومنظومة قضائية فعالة، كما يرتبط بمستوى الكفاءة الحدية لرأس المال التي تقاس بنسبة الإيرادات المتوقع تحقيقها في المستقبل إلى تكاليف الاستثمار الحالية،لذا فهو قرار مرتبط بالمستقبل بقدر ارتباطه بالحاضر، و بالتالي لا بد أن يؤمن المستثمر وجود استقرار سعري ومن ثم استقرار في قيمة النقود،الى جانب الاستقرار في النظام الضريبي ،كما أنه بحاجة الى سوق مالية حديثة تتيح له فرصة الحصول على الموارد المالية حينما يحتاج،كما تسمح له بالخروج من السوق عندما تقتضي المصلحة.
والشرط الأول لتوافر مناخ الاستثمار المناسب هو الاستقرار السياسي والأمني. وعلاوة على ذلك يحمل مفهوم مناخ الاستثمار معنى نسبي للمقارنة بين ظروف بلد ما وبين الظروف الموجودة في بلاد أخرى. فالعالم أصبح عالما مفتوحا. والمستثمر أينما كان ليس مضطرا الى الاستثمار في مكان محدد، وإنما أمامه العالم بأكمله للاختيار.ولذلك فقد يكون هناك بلد جاذب للاستثمار في وقت محدد فإذا به يصير غير ذلك لاحقا، لأن البلاد الأخرى المنافسة تقدم وضعا أحسن. كذلك فان سرعة التقدم التكنولوجي ، وما ارتبط به من تطور في الأوضاع الاقتصادية تستدعي بدورها تطويرا مقابلا في البيئة الإدارية المناسبة للاستثمار.
ويعرف تقرير التنمية في العالم لعام 2005 الصادر عن البنك الدولي مناخ الاستثمار،على أنه مجموعة العوامل الخاصة بموقع محدد ، التي تحدد شكل الفرص والحوافز التي تتيح للشركات الاستثمارية العمل بطريقة منتجة.ويرى التقرير أن السياسات وسلوك الإدارة الحكومية وبخاصة قضية الفساد والمصداقية تمارس تأثيرا قويا على مناخ الاستثمار،من خلال تأثيرها على التكاليف والمخاطر والعوائق المفروضة على المنافسة . لأن القرار الاستثماري مدفوع بالسعي لتحقيق الربحية ، وتتأثر الربحية بالتكاليف والمخاطر والعوائق أمام المنافسة ،وبدرجة توفر الأمن والاستقرار ، وبخاصة أمن حقوق الملكية ، ودرجة التقييد باللوائح التنظيمية والقوانين ،ونظام الضرائب ، التي تترك أثار بالغة الأهمية على التكاليف والمخاطر ، وبينت البحوث التطبيقية ،أن غالبية الشركات المتعدية الجنسية تعطي لعنصر الاستقرار الاقتصادي في الدول المضيفة أهمية كبيرة عند تقديرها لحجم المخاطر المترتبة على الاستثمار
وبناءا على كل ما تقدم يتضح أن مناخ الاستثمار ، مفهوم ديناميكي مركب ينطوي على عدد من الأبعاد القانونية والاقتصادية والسياسية ، تشمل مجموعة التشريعات والقوانين ، الى جانب السياسات الاقتصادية و المؤسسات و الخصائص الهيكلية المحلية و الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية التي تؤثر في ثقة المستثمر و تقنعه بتوجيه استثماراته الى بلد دون أخر . وتلعب العوامل الاقتصادية الدور المحوري في تكوين المناخ الاستثماري، ومن أهم تلك العوامل:- القوانين الاستثمارية ومدى استقرارها، والسياسات الاقتصادية الكلية ،الأهمية النسبية للقطاعين العام والخاص في النظام الاقتصادي،مدى توفر عناصر الإنتاج و أسعارها النسبية،حجم السوق المحلي والقدرة التصديرية.
ولتحسين مناخ الاستثمار وجذب الاستثمار الأجنبي للمشاركة في عملية إعادة إعمار العراق ، يجب أن تتواصل جهود الحكومة لرفع درجة الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي ،وتعمل على تحسين موقع العراق في المؤشرات الدولية الخاصة بتحديد درجة المخاطرة في عملية الاستثمار ، بعد ترك لنا النظام البائد سجلاً سيئاً في تلك المؤشرات ،والتي من أهمها :-
مؤشر الحرية الاقتصادية :- وهو مؤشر مركب يضم 10 عوامل تمنح أوزانا متساوية ويحتسب المؤشر بأخذ متوسط هذه المؤشرات الفرعية التي تشتمل على ما يأتي :-لسياسة التجارية ، وضع موازنة الحكومة ،حجم مساهمة القطاع العام في الاقتصاد ،لسياسة النقدية وبخاصة مؤشر التضخم ،تدفق الاستثمارات الخاصة و الاستثمار الأجنبي المباشر ،وضع القطاع المصرفي والتمويل ،مستوى الأجور والأسعار ،حقوق الملكية الفكرية ، التشريعات والإجراءات الإدارية والبيروقراطية ، أنشطة السوق السوداء .
المؤشر المركب لثروة الأمم الناهضة:- يضم ثلاث مؤشرات فرعية هي :-
1- مؤشر البيئة الاقتصادية ويضم هذا المؤشر21 عنصراً تغطي المؤشرات الاقتصادية الرئيسية ،وهي مؤشر الاندماج بالاقتصاد العالمي
2-ومؤشر بيئة أداء الأعمال ومؤشر البنية التحتية للمعلومات: ويضم هذا المؤشر21 عنصراً تغطي مؤشرات التعليم والبنية التحتية للمعلوماتية ومؤشرات انتشار المعلوماتية
3-ومؤشر البيئة الاجتماعية: ويضم هذا المؤشر21 عنصرا تغطي مؤشرات التنمية والاستقرار الاجتماعي و مؤشرات الصحة وحماية البيئة والطبيعة
وتمنح هذه المكونات أوزانا متساوية ،ويدل ارتفاعه الرصيد المسجل على مركز متقدم في المؤشر وهذا يعني وضعاً أفضل من حيث مؤشرات ثروة دول الاقتصادات الناهضة
مؤشر التنافسية العالمي :- يصدر المؤتمر الاقتصادي الدولي في دافوس تقريرا سنويا عن التنافسية العالمية ،ويتكون هذا المؤشر من متوسط 8 عوامل تمنح أوزانا متساوية وهي درجة الانفتاح الاقتصادي، دور الحكومة وضع القطاع المالي،البنية الأساسية،البيئة المعلوماتية، نظم الإدارة وضع القوى العاملة وضع المؤسسات
المؤشر المركب للمخاطر القطرية :-يسعى هذا المؤشر لقياس المخاطر المتعلقة بالاستثمار،من خلال تحديد مدى قدرة كل بلد على تسديد التزاماته المالية ،و.يتكون المؤشر المركب من ثلاثة مؤشرات فرعية تشمل :-
1-مؤشر تقويم المخاطر السياسية:- ويشكل نسبة 50% من المؤشر المركب،والحد الأقصى لمجموع النقاط هو 100 نقطة، تشمل على كل من مؤشر درجة استقرار الحكومة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ،ومؤشر خريطة الاستثمار ،ومؤشر وجود نزاعات داخلية وجود ونزاعات خارجية ،ومؤشرالفساد دور الجيش في السياسة،ومؤشرعلاقة الدين في السياسة، ومؤشر سيادة القانون والنظام، ومؤشرالاضطرابات العرقية،ومؤشر مصداقية الممارسات الديمقراطية، ومؤشر نوعية البيروقراطية
2-مؤشر تقويم المخاطر المالية ويشكل نسبة (25 % ) من المؤشر المركب، والحد الأقصى لمجموع النقاط هو 50 نقطة، ويضم كل من مؤشر نسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي ، نسبة خدمة الدين الخارجي إلى إجمالي صادرات السلع والخدمات، نسبة ميزان الحساب الجاري إلى إجمالي صادرات السلع والخدمات ، درجة استقرار سعر الصرف
3-مؤشر تقويم المخاطر الاقتصادية ويشكل نسبة (25 % ) من المؤشر المركب والحد الأقصى لمجموع النقاط معدل دخل الفرد،معدل النمو الاقتصادي الحقيقي، معدل التضخم، نسبة عجز/ فائض الميزانية الحكومية إلى الناتج المحلي الإجمالي، نسبة وضع ميزان الحساب الجاري إلى الناتج المحلي الإجمالي.
ختاما نؤكد على أهمية اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحسين هذه المؤشرات لضمان رفع مستوى الاستثمار بنوعيه المحلي والأجنبي كونه السبيل الوحيد لدعم الاقتصاد الوطني، وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، بما ينسجم والمصالح الوطنية العليا، ويخدم في النهاية هدف الاستقرار السياسي والاجتماعي والأمني الاقتصادي المنشود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه إلى الدوحة وهنية يؤكد حرص الم


.. ليفربول يستعيد انتصاراته بفوز عريض على توتنهام




.. دلالات استهداف جنود الاحتلال داخل موقع كرم أبو سالم غلاف غزة


.. مسارات الاحتجاجات الطلابية في التاريخ الأمريكي.. ما وزنها ال




.. بعد مقتل جنودها.. إسرائيل تغلق معبر كرم أبو سالم أمام المساع