الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وثيقة 14 آذار السياسية: نظرة جديدة للبنان والمنطقة

مهدي سعد

2008 / 3 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


14 آذار أو الحركة الاستقلالية اللبنانية هي مجموعة من القوى والأحزاب والشخصيات المستقلة التي فجرت انتفاضة الاستقلال في أعقاب اغتيال الرئيس الحريري بدايات 2005 من أجل التحرر من الاحتلال السوري وأدواته "اللبنانية" بعد أن عاثوا إرهابًا وفسادًا بالبلاد والعباد طيلة ثلاثة عقود. وهي إلى ذلك حركة الشعب اللبناني التواق لبناء الدولة الحرة السيدة المستقلة التي تجمعه -بكل أطيافه وانتماءاته- في الإطار الوطني الواحد.

بعد طول انتظار وفي الذكرى الثالثة لانطلاقتها أعلنت قوى 14 آذار وثيقتها السياسية- الفكرية التي تحتل أهمية بالغة، وذلك في مؤتمرها الأول الذي عقدته في مجمع "البيال". جاءت هذه الوثيقة ثمرة جهود بذلتها مختلف القوى والشخصيات المنضوية تحت لواء 14 آذار بهدف تقديم تصور موحد لطبيعة المرحلة، والخروج برؤية مشتركة لحقيقة الصراع الدائر في لبنان والمنطقة، والتأسيس لبرنامج سياسي واضح المعالم يتم الشروع بتنفيذه خلال الفترة المقبلة.

ولعل أبرز ما تضمنته الوثيقة هو التأكيد على أن الانقسام الحاد الذي يشهده لبنان "ليس من طبيعة طائفية. كذلك ليس الانقسام سياسياً بالمعنى الضيق للكلمة. إن أعمق ما في هذا الخلاف هو البعد الثقافي، حيث تتواجه نظرتان مختلفتان إلى العالم: نظرة تقوم على ثقافة السلام والعيش معاً والوصل مع الآخر المختلف. وأخرى تقوم على ثقافة العنف والفصل، وترى أن توكيد الذات لا يتم إلا باستبعاد الآخر المختلف وصولاً إلى إلغائه أو استتباعه".

في اعتقادي، إن هذه الرؤية الموجزة الكلمات تعبر عن روح الوثيقة وما أرادت أن توصله للعالم. فقوى 14 آذار تحمل مشروع "ثقافة الحياة" الذي يعني على الصعيد العملي (وفق ما جاء في الوثيقة):

• إن حقوق المواطنين يجب أن تكون متساوية في المطلق، والطوائف في لبنان هي جماعات يجب أن تحظى جميعها بضمانات متساوية.
• التنوع والانفتاح الثقافي والتفاعل.
• إن شرط الحياة في مجتمع يتميز بالتنوع والتعدد يكمن في سيادة القانون وشمول العدالة لكل فئات المجتمع بما في ذلك أصحاب السلطة.
• احترام الضحية بوصفها ضحية، دون تمييز بين ضحية وأخرى.
• تنقية الذاكرة وطي صفحة الماضي على قاعدة الإقرار بالمسؤولية الجماعية والفردية عن خطايا الحرب، واعتبار جميع الضحايا شهداء الوطن.
• النظر إلى الدين كرابطة تجمع اللبنانيين، من خلال إيمانهم بأن الدين لله والوطن للجميع.
• إقناع الخصم وإلقاء الحجّة عليه والبحث عن المساحات المشتركة معه.

إن ما يجمع المبادئ المذكورة أعلاه هو النظرة الليبرالية والحداثية لواقع الحال في لبنان، فهي تنم عن رؤية عميقة لمستقبل واعد تسعى 14 آذار إلى بنائه من خلال نضالها الهادف "إلى بناء دولة مدنية حديثة تقوم على الفصل بين الحقوق التي هي شأن المواطنين، وبين الضمانات التي من حق الطوائف على الدولة تأمينها".
من أبرز ما يلفت النظر في الوثيقة إشارتها إلى أن العالم العربي ما بعد الحرب الباردة " يتواجه في سعيه إلى إعادة تكونه السياسي بقوى إقليمية – إسرائيل وإيران - تحاول إبقاءه على ما كان عليه والحلول مكان الدول الكبرى في التحكم بمصيره". والحل لهذه المعضلة التي يمر بها عالمنا العربي يكون عبر "استعادة حقه في أن يكون صاحب القرار في تحديد مصيره ومستقبله".

هذا التحليل يؤكد عمق الانتماء العربي لـ 14 آذار، التي وإن كانت حركة استقلالية لبنانية فهي كذلك عروبية في الصميم، ذلك أنها تملك تصورًا عروبيًا حقيقيًا لطبيعة الصراع في المنطقة، فهي تؤكد على ضرورة تثبيت السياسة الاستقلالية العربية في وجه إسرائيل وإيران المرتبطتان بعلاقة "تواطؤ في مواجهة العرب وخصومة في تحديد مناطق النفوذ والسيطرة" فيما بينها.

قوى 14 آذار تملك مشروعًا نهضويًا متكاملا لا تقتصر حدوده على بناء دولة لبنانية سيدة مستقلة فحسب، بل تتعداه إلى التأسيس لفكر سياسي ونظرة ثقافية حديثين لهما امتداد عربي شامل، ستثبت السنوات القادمة مدى نجاعتهما وصوابيتهما في خضم التغيرات المتسارعة التي تمر بها المنطقة العربية في طريقها نحو بناء غد عربي مشرق قوامه الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. متضامنون مع غزة في أمريكا يتصدون لمحاولة الشرطة فض الاعتصام


.. وسط خلافات متصاعدة.. بن غفير وسموتريتش يهاجمان وزير الدفاع ا




.. احتجاجات الطلاب تغلق جامعة للعلوم السياسية بفرنسا


.. الأمن اللبناني يوقف 7 أشخاص بتهمة اختطاف والاعتداء -المروع-




.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين ينصبون خياما أمام أكبر جامعة في الم