الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعض الملاحظات عن مواقف المسؤولين العراقيين

عزيز الحاج

2003 / 12 / 24
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 كنت ممن رحبوا بحرارة بقيام مجلس الحكم ومن ثم تشكيل الحكومة. وكما بينت مرارا فالأمور تؤخذ في ظروفها وملابساتها والخيارات المتوفرة. وأستطيع القول إن أداء العديد من أعضاء المجلس كان ممتازا ومع مستوى الآمال. وقام المجلس حتى يومنا بخطوات هامة جدا، سواء بوضع الخطة الأمنية العراقية، أو الاتفاق على جدول زمني لنقل السلطات، أو اختيار وزراء بينهم عدد من الأكفاء الجديرين بمسؤولياتهم. كما أن الخطوات الدبلوماسية للمجلس ووزرائه كانت جيدة وأتت بنتائج محسوسة.

 إننا في عهد يجب أن يشجع المسؤولون فيه طلب ملاحظات ونقد المواطنين والشخصيات والقوى غير الممثلة في المجلس وحكومته. ولابد من شق طريق جديد في هذا الصدد مغاير تماما لنهج الثناء المفتعل  والنفاق وتشجيع الانتهازية ـ وهو نهج صدام ومعظم الحكومات العربية. وفي الوقت نفسه نتوقع وجود مزايدات لإحراج المسؤولين، ومنافسات شخصية، إشاعات وحكايات كاذبة، وشهية مفتوحة لقنص المناصب والامتيازات، ومناورات للغم عمل المسؤولين وإحراجهم. غير أن هذه الظواهر والممارسات المدانة يجب ألا تحبط المجلس ووزراءه عن الاستماع للنقد الوجيه وتصحيح ما يقع من أخطاء. ونعرف أن الأخطاء متوقعة لأن تركات الفاشية المنهارة ضخمة، ولان العراقيين لم يتمرسوا بالعمل الديمقراطي وقيم الديمقراطية والتسامح والتواضع. وكذلك لأن السلطات لا تزال موزعة ما بين المجلس وإدارة التحالف. 

 وبوصفي وطنيا عراقيا دعم المجلس ولا يزال يدعمه، وكمواطن له حقوقه الأولية في التعبير عن رأيه، فإنني أرى من حقي ومن اجبي التعبير عن بعض الملاحظات الانتقادية للأداء العراقي الرسمي.

      1 ـ هل تُدرس الموضوعات الهامة جماعيا وبعمق؟

أثارت التصريحات التي نسبت للسيد الرئيس الحالي  لمجلس الحكم حول التعويضات لإيران استغرابا واستياء واسعين بين العديد من المثقفين الوطنيين. وكتب بعضهم تعليقات ضافية وقوية  في صلب الموضوع.

شخصيا لا أريد معالجة موضوع هذه التعويضات [ الإيرانية]  لأنها هي الأعقد من بين جميع قضايا التعويضات الأخرى بسبب توزع المسؤولية عن الأضرار بين الجانبين المتحاربين. لست في هذا الصدد ولكنني أتساءل بكل ود وحرص وطني: هل كلف السادة المسؤولون أنفسهم قراءة العشرات من المقالات والمذكرات العراقية التي تعترض بشدة وبالعلم الاقتصادي والسياسي على هذه التعويضات ـ كل التعويضات بلا استثناء؟ هل استمعوا لآراء هذه المئات من نخب المثقفين والمختصين العراقيين؟ بل أسأل هل أصلا اجتمعت قيادة المجلس والوزراء المختصون مع الخبراء العراقيين لدرس الموضوع وتكوين تصور مشترك لها بدلا من أن يدلي كل زعيم بتصريحاته الشخصية لصالح هذه الدولة أو تلك؟!

     2 ـ هل هناك عزلة ما عن الشعب؟وهل من مبالغة في السفر لبلدان عمرو موسى؟!

    أكثر ما أسمع من نقد من أصدقائي المعنيين من الداخل والخارج هو الشكوى من عزلة أعضاء المجلس  ووزرائه. ويقال إن الصلة المباشرة ضعيفة ما بين المسؤولين أنفسهم إلا عبر الهاتف أو عند السفر معا. كما يتردد أن عددا من أعضاء المجلس لا يحضرون اجتماعاته. لا أستطيع التدقيق في مدى دقة هذه المعلومات ولكنني من بعيد وحسب الأخبار المذاعة والمكتوبة ألاحظ بدوري غياب المسؤولين عن مسرح أحداث خطيرة. مثلا كم من بين المسؤولين زاروا بيوت بعض ضحايا المقابر جماعية؟ كم منهم زاروا عائلات مسيحية تعرضت في بغداد والبصرة لعدوان التطرف الديني وهل اتخذوا إجراء فعالا لوقف الانتهاكات المماثلة ومحاكمة المسيئين؟ من منهم زار مقر بعثة الأمم المتحدة ومقر الصليب الأحمر عند تعرضهما لعدوان التفخيخ الإجرامي؟ من منهم زار مقر القوة الإيطالية في الناصرية بعد وقوع هجوم المجرمين عليه؟ من زار الأسواق في بغداد زيارة مفاجئة وبحماية كافية لتفقد تفاصيل الحياة اليومية للمواطنين؟ الخ.. الخ..

 أما عن السفر المستمر لأعضاء مجلس الحكم ووزرائه، فإن الموضوع لا يؤخذ بالجملة كما يقال. فهناك سفرات رسمية ضرورية جدا كالذهاب إلى الأمم المتحدة وحضور بعض المؤتمرات الدولية الهامة وزيارة دول كبرى كأمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا وألمانيا وغيرها. كما كانت الزيارات الأولى للدول العربية وإيران وتركيا ضرورية. ولكن أتساءل ما هو الداعي لتكرار زيارة نفس الدول العربية وجامعة عمرو موسى؟ لماذا نرى معظم وقت بعض الوزراء وأعضاء المجلس في بلدان الجامعة وحتى وصل بعضهم لمهرجان الجنادرية اليوم بينما مكانهم في العراق حيث عشرات المشاكل الكبيرة، وحيث يجب أن تكون قيادة المجلس والوزراء داخل العراق غالبا ولا تغيب إلا عند الضرورة القصوى. ثم ماذا كانت حصيلة هذا التنافس في كسب الود العربي غير قرار بإرسال بعثة للجامعة [ لتقصي الحقائق في العراق]؟! ألا تستحي الجامعة من هذا القرار بعد أن زارها المسؤولون العراقيون المعترف بهم دوليا بموجب القرارين 1483 و1511؟ وكيف يقبل المجس باستقبال هذه البعثة التي سيشكل مجيئها إهانة لشعبنا وللمجلس نفسه؟ أية دبلوماسية هذه التي تتساهل مع الإهانات المتكررة للسيد المحترم عمرو موسى؟!

     3 ـ هل من إشراف على عمل الوزارات وعلى تصرفات بعض الوزراء؟

 لا أدري مدى صحة ما تنشره صحف عراقية ويردده مثقفون عراقيون في بغداد خلال اتصالاتهم بأصدقائهم في الخارج، وكذلك شهادات العديد من المثقفين الذين ذهبوا لزيارة العراق وقضوا شهورا هناك.

  يقال إن المعايير السائدة في التعيين للوظائف في عدد من الوزارات هي الانتماء الحزبي أو المذهبي أو الصداقة ودرجة القرابة. وقد سمعت عن ذلك عدة أمثلة وبالأسماء. فهل يشرف مجلس الحكم [ وأعني مكتبه القيادي] على ما يجري من تعيين للوظائف الهامة؟ وهل طلب جردا عن الذين يحتلون وظائف هامة من قدامى وجدد ومن ذلك وظائف السلك الدبلوماسي؟  قلت إنني شخصيا لا أود الحكم لأنني بعيد والمعطيات عندي  قليلة. ولكنني على اطلاع دقيق بقضية غريبة تخص التمثيل العراقي في منظمة اليونسكو. فمعلوماتي المؤكدة والموثقة تؤكد أن وزيرين يمثلان جهتين ممثلتين في المجلس مارسا بقوة ولحد هذه اللحظة كل ثقلهما لصالح تعيين صديق لهما مشترك، لم يعش في العراق، ولم يقل يوما إنه عراقي ولم يكتب مقالا واحدا لصالح الشعب حتى يومنا هذا. وقام أحدهما بإصدار قرار غير قانوني بتعيين الصديق القديم مستشارا ثقافيا للعراق في اليونسكو مع أن كل تعيين في البعثة العراقية باليونسكو يخص وزارة التربية حصرا ولا علاقة لوزارة الوزير المحترم ورفيقه [التخطيطي!] بوزارة التربية.  وزيادة في شذوذ القرار ولا قانونيته فإن الصديق المحمي بنفوذ وزيرين صديقين  يشتغل في الوقت نفسه تحت رعاية ممول سعودي في مشروع ثقافي لا يخلو من مصلحة تجارية. فهل  لا يعتبر مجلس الحكم أن للصداقات في شؤون الحكم حدودها،؟! وهل لا يدرك أن تعيينات غير قانونية كهذا المثل تسيء إلى عراقنا الجديد وتعيد للأذهان تصرفات  النظام المنهار؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الضغوط التي تمارسها أمريكا لدفع إسرائيل لقبول الصفقة؟


.. احتراق ناقلة جند إسرائيلية بعد استهدافها من المقاومة الفلسطي




.. بعد فرز أكثر من نصف الأصوات.. بزشكيان يتقدم على منافسه جليل


.. بايدن في مقابلة مع ABC: كنت مرهقاً جداً يوم المناظرة والخطأ




.. اتصالات دولية لتخفيف حدة التصعيد بين حزب الله وإسرائيل ومخاو