الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رهان الدولة الديمقراطية في العراق

عبد العالي الحراك

2008 / 3 / 24
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


عانى الشعب العراقي طويلا من الاستبداد والدكتاتورية وقمع الحريات , وهو يتطلع الى حريته وسعادته من خلال دولة ديمقراطية مستقلة , تحترم فيها حقوقه ويعرف فيها واجباته. لم تفلح لحد الآن قواه السياسية الوطنية والديمقراطية واليسارية تحقيق ذلك , واستبشر خيرا ان يمنح فرصة لبناء الديمقراطية بعد سقوط النظام السابق , ولكن آماله تكاد تتبخر بعد ان حل الدمار والفساد في الدولة والمجتمع , وتسلطت القوى السياسية الاسلامية الطائفية على السلطة ومقاليد الامور , تدعمها وتؤيدها قوى الاحتلال الامريكي , فبدل ان يأمل وينعم الشعب في حرية وديمقراطية , غرق في حرب طائفية وتقتيل على الهوية وتهجير قسري للعوائل داخل وخارج العراق وانعدام الامان والخدمات . فهل من امل في بناء دولة ديمقراطية مدنية في ظل احتلال امريكي وحكم طائفي وتدخلات دول الجوار؟ السؤال بناؤه صعب والجواب علية اشد صعوبة . لكن ارادة الشعوب لا تقهر وصبرها لا ينفذ .. سوف ينفذ وينتهي الاحتلال وينقطع نفس الارهاب والطائفية وينتصر الشعب , والامل في بناء الديمقراطية موجود ويكبر . من مع الديمقراطية ومن ضدها ؟ سؤال وجيه يجب تحديد الاجابة عليه , من خلال المعطيات الواقعية على الارض. فهناك احتلال امريكي وتدخلات اجنبية لدول الجوار وابشعها واخطرها التدخل الايراني , وهذه الاطراف ليست مع الديمقراطية , لان الاحتلال الامريكي له اهدافه الستراتيجية الاقليمية والدولية , وعموما لا تخدمه الديمقراطية في أي بلد يحتله او يريد ان يستخدمه وخيراته في سبيل ادامة وجوده وتحقيق اهدافه الدائمة في السيطرة وبسط النفوذ واستغلال خيرات البلدان والشعوب , لان الحرية والديمقراطية تأتي من خلال نمو الوعي لدى الشعوب التي تتطور مع الديمقراطية المستمرة والدائمة بالنتيجة النهائية , وكلتا الحالتين لا تخدما الاحتلال الامريكي . فالشعب الواعي يرفض الاحتلال ويقاومه بالطرق الذكية والواعية, ويسيطر على خيراته ويستخدمها الاستخدام الامثل لمصلحته , ولكن هناك فرصة للبدء بتأسيس الديمقراطية حتى في ظل الاحتلال , عندما يتوحد الشعب وتنهض قواه الوطنية والديمقراطية , ويتغلب الشارع الديمقراطي على القوى الرجعية والطائفية , وهذا الامل في الاختبار موجود وان قواه السياسية على المحك وفي التجربة. التدخل الايراني تدخل رجعي طائفي متخلف لا يؤمن مبدئيا ولا سياسيا بالديمقراطية وترتبط به قوى الاسلام السياسي الطائفية الحاكمة , ويتبادلا الدعم والاسناد وهنا لا يمكن الحديث عن حرية او ديمقراطية , وما هو حاصل الان في العراق من فوضى وعبث فهو لم يكن الا من صنع ايران والميليشيات الطائفية المرتبطة بها والتي تدعمها بسخاء . كذلك التدخل التركي والسعودي لا يتمنان الديمقراطية في العراق لان فيدرالية الاكراد في كردستان تؤثر سلبا على الوضع السياسي في تركيا . وفي السعودية ايضا سوف يتركز الارهاب المهزوم في العراق , حيث يعود الى حاضنته الام الاصلية . من مع الديمقراطية اذن ؟ انه الشعب العراقي كافة , عندما يعي وعندما ترتبط به القوى السياسية الوطنية والديمقراطية , وفي مقدمتها اليسار العراقي الشيوعي والوطني الديمقراطي والليبرالي التحرري والقوى السياسية الكردية , عندما تكتشف ان تحالفاتها السابقة والحالية لا تخدم في العمق التوجه الفيدرالي ولا تساعد على تحقيق امانيه وتطلعاته المشروعة . هذه الحالة ضد ومع الديمقراطية في العراق في صراع شديد وترقب اشد , والغلبة الان لقوى الضد وقد يكون وجود الاحتلال الامريكي يمثل حالة شبه التوازن بين الاطراف , حيث يملك العصى ويمسكها بين طرفي الصراعي , يميل الى طرف ضد الاخر لتحقيق المزيد من مصالحه , وهو في النتيجة لم يغلب مصلحة الطرف الوطني الديمقراطي لشدة ضعفه ولعدم تكاتفه اولا , ولأنه لا يساعد على تحقيق المصالح الامريكية الغير مشروعة دائما . لهذا ضروري جدا للطرف الوطني الديمقراطي , ان يتعاون ويتوحد ويظهر على الساحة كقوة مؤثرة , يجب ان تحسب له حساب جميع القوى الداخلية والخارجية وفي مقدمتها الاحتلال الامريكي . وهذا لا يحصل بدون تغيير موازين القوى السياسية والتحالفات والاصطفافات الحالية. فمن هو وطني وديمقراطي يجب ان يتحاف مع اقرانه وابناء خطه وتوجهه , لا العكس كما يحصل الان. والاصبع موجه الى القوى السياسية الكردستانية, والقوى الوطنية والليبرالية واليسارية العراقية , وهي رقم مهم وصعب اذا وعت نفسها والحقيقة الوطنية التي تدعوها , من اجل ان تنتصر الديمقراطية التي هي في مصلحة الجميع وخاصة الوطنيين الديمقراطيين واليساريين المخلصين , بعيدا عن الحسابات الشخصية والفئوية , وتنازع المصالح الوقتية المبنية على العنصرية القبلية او الطائفية . فالذي يتكلم بالوطنية ويرفض الطائفية علنا , وان ايديولوجيته ليست دينية ولا طائفية, عليه ان لا ينخرط في تنظيم ديني طائفي ولا يتحالف معه , واذا كان لا بد من تقديم تنازلات معينة , فالافضل ان تقدم بالتبادل بين اطراف متشابهة ومتقاربة في طرحها الوطني واهدافها الوطنية.. فمثلا جبهة الحوار الوطني لصالح المطلك وحركة الوفاق الوطني لأياد علاوي وجبهة خلف العليان , لا بأس ان يأتلفوا في جبهة واحدة , لانهم جميعا متقاربين في الطرح والرؤى شرط ان يتنازلوا عن مواقعهم وعلاقاتهم السابقة ومقدمين عليهما العلاقة الوطنية , خاصة وان العلاقات السابقة لم تحقق لأي منها نجاحا او تقدما . والحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي والحركة الاشتراكية العربية وقوى اليسار المختلفة يمكن ان تأتلف في جبهة متقاربة في الوعي الوطني الديمقراطي العلماني المتحرر . والقوى الكردية مأتلفة بحد ذاتها , عليها ان تغير سكة تحالفها باتجاه القوى سابقة الذكر بشرط ان تعترف هذه الاخيرة بحق الشعب الكردي بالفيدرالية .. تحالف هذه القوى اذا ما تحقق
, يشكل ما يقرب من نصف الشعب العراقي , وسوف ينمو ويكبر عندما يملأ الفعل السياسي الميداني ويعري الحكم الطائفي والممارسات السلبية التي جلبتها العملية السياسية , التي بنيت على تحالفات طائفية لا بد ان تسقط ويعوض عنها بعملية سيلسية وطنية ديمقراطية , دون خوف او مجاملة للاحتلال الامريكي . ما تبقى من قوى سياسية تحكم البلاد فجميعها قوى سياسية رجعية وطائفية في مبادئها الدينية والمذهبية وفي اعلانها وتحالفاتها وممارساتها العملية اليومية فهي ضد الديمقراطية قلبا وقالبا وان ادعت العكس في سبيل النفوذ الى السلطة والحكم مستغلة ضعف الوعي العام والديمقراطي لدى الشعب فقد شكلت حكومة محاصصة طائفية غير قادرة على الخروج من بيت العنكبوت الذي نسجته حولها وبرلمان تتقاسمه كتل طائفية تتصارع لمصالحها وليس لمصلحة الشعب او الوطن . ملخص القول ان الرهان على نجاح بناء الدولة الديمقراطية المدنية في العراق يتوقف على القوى الوطنية والديمقراطية واليسارية متحافة مجتمعة مع القوى السياسية الكردستانية وعبر تحرك سياسي وطني شعبي وتحالفات عربية ودولية يمكن ان تبني دولة ديمقراطية مستقبلية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما المتوقع بعد فوز حزب العمال البريطاني في الانتخابات العامة


.. ريشي سوناك: حزب العمال فاز في الانتخابات وحزبنا يواجه هزيمة




.. انتصار ساحق لحزب العمال في انتخابات بريطانيا أنهى هيمنة 14 ع


.. كلمة ابراهيم النافعي في افتتاح مؤتمر القطاع النسائي




.. كلمة زكية الشابي في إفتتاح مؤتمر القطاع النسائي