الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يرحل الكبار وتبقى الجذور ثابتة مثل جذور النخيل

زهير كاظم عبود

2008 / 3 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


بصمت ودون ضجيج وبهرجة إعلامية يرحل الكبار ، رحل عن العراق البروفسور المجاهد كاصد ياسر الزيدي ، أعطى كل ماعنده للعراق ولم ينتظر ليأخذ ، كاصد الزيدي الفيلسوف الحكيم والزاهد المتواضع ، والعابد الأنيس ، والمعلم الكبير .
رحل ابن سوق الشيوخ البار الدكتور كاصد الزيدي تاركا خلفه سيرة حياته التي لاتتشابه مع قصص الآخرين ، ولا تماثلها حكايات أخرى .
فقد شق كاصد الزيدي طريقه فقيرا متواضعا ، يواصل العطاء دون أن ينتظر تكريما أو التفاتة من مؤسسة علمية أو ثقافية في العراق أو حتى عند العرب ، كان كبيرا عمرا وخلقا وعلما .
رحل الدكتور كاصد الزيدي بصمت دون أن ينتظر رثاء يليق به ، أو عزاء يصل هامته ،أو التفاتة من المؤسسة الثقافية والأكاديمية في العراق ، عاش كبيرا وأعطى كثيرا ومات كبيرا .
طوبى للعراق أبناءه النجباء الذين يعطون دون ثمن ، ويمنحون هذا الشعب الذي يستحق منا كل ما نعطيه ، كما منحه الكبير الراحل كاصد الزيدي .
بصمت عاش كاصد الزيدي العالم الزاهد المتواضع ، همه العراق وأهله ، جذوره نابتة في أعماق الهور وفي غابات الموصل وثلوج كوردستان ونواعير الرمادي ، رحل الزيدي دون وداع وترك لنا ارثا من القيم التي آمن بها قبل أن يقم بتطبيقها ، وعرفناه بتلك القيم التي جعلتنا ننحني أمام تلك القامة المتواضعة والشيخوخة البهية ، رحل ابن العراق البار العالم الدكتور كاصد الزيدي بعد أن رفع الأزهريون عمائمهم إجلالا لدراساته وبحوثه ، وأستحق منهم بجدارة متميزة تلك الشهادة بامتياز قل نظيره في بحث جريء ورسالة رصينة في زمن صعب ، وترك بصماته على طلبته في قسم الدكتوراه والماجستير بجامعة الموصل والجامعات الأخرى التي عمل بها في العراق ، وترك للعراق كل ما تمكن أن يعطيه العراقي فأوفى .
رحل عنا كاصد الزيدي المترفع عن الطائفية ، والمتعفف عن المناصب ، وترك اسمه عطرا نشم من بين حروفه أصالة العراقي وشهامة الجنوبي وطيبة ابن الموصل وكرم الكردي .
رحل بعد آن تمكن من مد جذوره إلى أقصى أعماق ارض العراق، وامتزج بكل حرف من حروف العراق يذوب فيها، يصير جزءا منها.

وهكذا ترحل تلك القامات العراقية بهدوء ودون ضجيج ، تاركة كل تلك الدراسات والمناهج والجهود الرائعة ، بعد زمن من الاعتزال والسكون الروحي ، بحثا عن مفردات تبحث في الرصانة العلمية والتجديد المنهجي ، يصاحب كل هذا تواضع وتعفف وزهد ، كما رحل الفيلسوف والحكيم هادي العلوي قبله .
ويقينا آن بلد مثل العراق أنجب كل تلك القامات ولم يزل لقادر إن يرفد الإنسانية بقامات أخرى لم تزل في بيوتها العراقية المتواضعة ، أو إنها تنتشر في بلاد الله كما تنتشر النجوم الزاهرة ، بانتظار انجلاء الغيوم وصحوة النهار لتعود كما تعود الطيور إلى أعشاشها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يرحب بالتزام الصين -بالامتناع عن بيع أسلحة- لروسيا •


.. متجاهلا تحذيرات من -حمام دم-.. نتنياهو يخطو نحو اجتياح رفح ب




.. حماس توافق على المقترح المصري القطري لوقف إطلاق النار | #عاج


.. بعد رفح -وين نروح؟- كيف بدنا نعيش.. النازحون يتساءلون




.. فرحة عارمة في غزة بعد موافقة حماس على مقترح الهدنة | #عاجل