الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من المسؤول عن امن العراق ؟

سامي البدري
روائي وكاتب

(Sami Al-badri)

2008 / 3 / 26
الارهاب, الحرب والسلام


لمن لايعرف اقول ان ادارة الاحتلال الامريكي تتدخل في تخطيط وتوجيه كل صغيرة وكبيرة في الشأن
العراقي ، من ادارة رياض الاطفال الى ادارة مكتب رئيس الجمهورية ! فالحاكم العسري الامريكي -
لكل مدينة عراقية ، ومهما صغرت ، منطقة خضراء يتحصن في داخلها طاقم عسكري واداري
امريكي يشرف على ادارتها - يشرف ويسير امور المدينة من مركز الشرطة الى اعلى وحدة ادارية فيها ، وهو ما يصطلح موظفو الحكومة العراقية على تسميته بالجانب الاخر . فالمواطن العراقي لكي يحرر شكوى صغيرة في مركز الشرطة المحلية ضد من سرق دجاجته ، فعلى ضابط الشرطة اشعار الجانب الاخر واستحصال موافقته قبل ان يتخذ اي اجراء بامر شكواه ! وهذه حقيقة الامر
وليست مبالغة مني ، ومن يشك في كلامي فما عليه سوى مراجعة احد مراكز الشرطة المحلية
في اي مدينة عراقية . الجانب الوحيد الذي تتنصل الادارة الامريكية من مسؤوليته هو امن العراق وامن وسلامة مواطنيه ! فهل ادارة الاحتلال الامريكي عاجزة فعلا عن فرض الامن في الشارع العراقي وحماية حدود العراق ؟ واذا كانت الادارة الامريكية تقاتل اشباحا داخل المدن العراقية ، بسبب قدرة المقاتلين داخل المدن على الاحتماء والتسرب في ازقة وبيوت المدن ، فماذا عن تسلل
العابثين بالامن العراقي وشحنات اسلحتهم القادمة من دول الجوار ؟ لماذا تعجز الادارة الامريكية
عن حماية حدود العراق ومراقبتها ؟ هل ادارة الاحتلال عاجزة فعلا عن ضبط حدود العراق ؟
امن العراق وحماية مواطنيه وسلامة حدوده ، من بين اول مسؤوليات قوات الاحتلال ، لانها
هي المسؤولة عن فقدانها اولا ، ولان القانون الدولي يلزمها بتحقيقها ، بصفتها جهة الاحتلال ،
بموجب نفس القانون ، وبتأييد المنظمة الدولية ، الجهة المسؤولة عن تطبيق ذلك القانون
ثانيا . فلماذا اذن فرطت الولايات المتحدة الامريكية بامن العراق وحولته الى ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات الاقليمية والدولية ، مع العراق ومع قواتها ، مع العلم انها دفعت وتدفع
ثمن ذلك يوميا من حياة جنودها ومن هيبتها الدولية ؟ وهذا افدح ثمن تدفعه الولايات المتحدة ،
بصفتها القطب الدولي الاوحد ، وصاحبة مشروع الهيمنة الامبراطورية على العالم باكمله .
بالتأكيد كان لقيادات الجيش الامريكي في العراق اخطائهم الفادحة ، وايضا لقيادة جورج بوش
وعصبته من المحافظين الجدد ؛ الا ان هذه الاخطاء غير كفيلة بتبرير اسباب التفريط بامن العراق لوحدها .
في تقديري ان قرار التفريط بامن العراق واحالته الى ساحة لاعدام العراقيين بالجملة ، وتصفية الحسابات الدولية ، بحيث لايعود بامكان العراقيين استعادة امنهم ووحدتهم الوطنية قبل ربع قرن من الزمان ، لم يكن قرارا امريكيا صرفا ، وانما كان قرارا وارادة مفروضين على ادارة الرئيس بوش ، ولمصلحة اسرائيل والصهيونية العالمية اولا واخيرا . والا فقد كان بامكان ادارة بوش
تحقيق مصالح الولايات المتحدة الستراتيجية والاقتصادية والسيطرة على منابع النفط العراقي والتحكم بجهات تصديره عن طريق حفظ الامن العراقي، من لحظة احتلاله الاولى وتنصيب حكومة معتدلة وموالية للادارة الامريكية - كمثال الانظمة والحكومات العربية الموالية للولايات المتحدة الامريكية والمحمية من قبلها وما اكثرها - تنفذ سياساتها وتصون لها مصالحها ، بهدوء وبلا وجع رأس ! وهذا ما كان بالامكان تطبيقه الى ما يقرب الثلث الاخير من عام 2004 ! ولكن قرار
اعاثة الخراب في العراق وتدميره تدميرا كاملا ، كان قرارا صهيونيا ومفروضا على ادارة بوش ،
ولو جاء على حساب حياة الجنود الامريكيين ومصالح دولتهم الستراتيجية ، التي من المفروض
انهم غزوا العراق ويقاتلون ويقتلون على اراضيه اليوم من اجل تحقيقها . وهذا يعني - بطريقة غير مباشرة - بسط نفوذ وسياسات وتحكم اسرائيل بامن العراق وصناعة قراره السياسي والاقتصادي وربطها بعجلة ادارتها ، ولو بصورة غير مباشرة . كما انه يعني ، وهذا هو المهم بالنسبة لاسرائيل ، اخراج العراق من دائرة الصراع العربي الاسرائيلي ، والتخلص منه ، كنصير
قوي وداعم غني للشعب الفسطيني في معركة نضاله ضد احتلالها لاراضيه . والا لو اقتصر الامر على الولايات المتحدة الامريكية لوحدها ، فليس من الصعب على ادارة تستطيع فرض الامن في خمسين ولاية بحجم العراق ، ان تترك ( ولايتها الجديدة ) بلا امن وحدودها مشرعة لكل من هب ودب !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا.. انطلاق الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية في ظل


.. الانتخابات الفرنسية كيف تجرى.. وماذا سيحدث؟| #الظهيرة




.. استهدفهم الاحتلال بعد الإفراج عنهم.. انتشال جثامين 3 أسرى فل


.. حرب غزة.. ارتفاع عدد الشهداء منذ الفجر إلى 19




.. إطلاق 20 صاروخا من جنوب لبنان باتجاه الجليل الأدنى