الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل اصبح التكنوقراط معضلة السياسين العراقيين؟

تركي البيرماني

2008 / 3 / 26
القضية الفلسطينية


لا ناتي بجديد حين نقول إن الإداري المتخصص الذي يحتل موقعه بكفاءة أكثر قدرة على الإفادة من الكفاءات العلمية والمهنية –التكنوقراط- وأكثر حرص على توظيف خبراتهم لخدمة المؤسسة التي يتولى إدارتها وبعكسه فان الإداري غير المتخصص يتهيب لأبل يتخوف من هذه الكفاءات حتى وان تظاهر بعكس ذلك فهو يعمل جاهدا لتحجيمهم وحتى إبعادهم وبالتالي يسهم في تهجيرهم. وقد تفنن النظام المباد في محاربة الكفاءات من خلال تعينه لإدارات تتسم بالأمية الوظيفية ليس مستغربا على النظم الدكتاتورية إن تحارب الانتلجنسيا والتكنوقراط والأكاديميون وتحاصرهم وتدفع بهم إلى زاوية ضيقة وتحولهم إلى أداة للتنفيذ وهز الرؤؤس وقول نعم سيدي. إلا إن المستغرب لأبل المستهجن إن تنحوا بعض القيادات السياسية المتنفذة منحى النظام المباد في محاربة الكفاءات ومحاصرتها حفاظا على انصبتهم من المحاصصة البغيضة ظنا منهم إن التكنوقراط يفكرون بنفس الطريقة التي يفكر بها المتحاصصون لقد تفنن السياسيون الجدد في المحاربة والتهميش وبطرق عديدة ومتنوعة في مقدمتها الاستعانة بالخبرات الأجنبية على حساب الخبرات المحلية وللتدليل على صحة وجهة النظر هذه ظهور احد الوزراء من السياسيين على شاشة التلفاز ليقول (شخبصونا بالتكنوقراط) هذا القول ليس مستغربا على سيادته لأنه تولى منصبين رفيعين يختلف كل منهما عن الأخر في الفلسفة والأهداف والإجراءات والمخرجات فإذا استطاع إن يدير المنصبين بحيل صدر( أو هو طماطة) كما يقول العراقيون ماحاجتنا للتكنوقراط ولوجع الرأس وإذا ابتعدنا عن حيل الصدر لنتحدث بلغة التكنو قراط التي يمقتها نقول إن سيادته يؤمن إن الإداري مطبوع لامصنوع وهذه الطبعة تتفرد بها بعض العوائل وبعض الأحزاب!! وان التكنو قراط لم تصل إليهم هذه الجينات الوراثية فهم غير قادرون على القيادة ودورهم كما حدده سيادته بالاستشارة سيدي الوزير إن الإدارة علم وفن وليست وظيفة لمن لاوظيفة له هي عمل علمي متواصل يتطلب الإعداد والتدريب وعمل ميداني ونظريات وبحوث فالولايات المتحدة على سبيل المثال التي استعنت بخبرائها تعتمد الاختصاص والخبرة في المجال الإداري الذي يؤديه القيادي في أي مؤسسة إدارية وتحاول مد فترة الإعداد والخبرة لما يزيد على13 - 15سنة الا يعلم سيادته إن التكنوقراط أصحاب قرار في الدول المتقدمة خاصة إذا علمنا إن القرار هو خيار من مجموعة بدائل وان هذه البدائل يقدمها الخبراء وليس السياسيون وان مهمة السياسي الانتقاء من بين البدائل المقدمة إليه من الأمثلة على ذلك تقرير امة في خطر الذي أعدته لجنة من التكنوقراط ونفذه( الرئيس بوش) في الخطة التربوية حتى عام 2000 واعتمده شعارا لحملته الانتخابية بقولة سأكون رئيسا لتنفيذ الخطة التربوية كما إن موقفهم من سحب القوات في العراق يتوقف على رأي التكنوقراط أيضا وليس على رأي السياسيين إن السياسي في الدولة المتقدمة غيره في الدول المتخلفة فالإنسان ابن بيئته. السياسي الذي يقلل من دور التكنوقراط ويقول( شخبصونا بالتكنوقراط) هذا السياسي غير قادر على الإفادة من الخبرات المحلية وهو اعجز عن الإفادة من الخدمات التي تقدمها الشركات العالمية للاستشارات وبالتالي إن الأموال التي تدفع لهذه الشركات أهدار للمال العام خاصة إذا كانت هذه الاستشارات تقدم لسيادته ولوحده وعلى مائدة عمل. الايحق لنا التساؤل هل السيد المسؤل أجرى مسح للكفاءات العراقية في الداخل والخارج ووجد أنها غير ملبية لحاجات المؤسسة التي يتولى مسؤولية إدارتها مما اضطره للاستعانة بهذه الخبرات التي يفتخر باستيرادها هل طلب المشورة من الجامعات العراقية ولم يحصل على مايريد ؟هل يعلم إن الجامعات في الدول الديمقراطية هي مؤسسات استشارية للدولة في مختلف التخصصات؟ أم أنه يؤمن بمقولة مغنية الحي لاتطرب ( والخواجة )هم الأفضل دائما. إن بإمكان أي احد شراء مثل هذه الخبرات التي تؤدي إلى التنمية التخلفية أو تنمية التبعية. لسنا بحاجة إلى إهدار المال العام من اجل تقديم خبرة لوزير قد لايبقى في منصبة أكثر من عام في مثل نظامنا الديمقراطي نحن بحاجة إلى خبرة تقدم إلى الكادر القيادي الميداني من خلال الورش وحلقات العمل وليس على عشاء عمل كما يعمل المترفون التنمية المطلوبة تنمية الإنسان وفي المقدمة تنمية الكادر المتقدم وتطويره وليس تنمية السياسي صاحب نظرية الكل في الواحد لقد عمدت اليابان إلى الإفادة من خبرة الولايات المتحدة في مجال ألجودة واستعانت بالخبير( وليم ديمنجWilliam Edward Deming ) بعد الحرب العالمية الثانية وكان الاقتصاد والصناعة هما الحقلان اللذان تم التركيز عليهما وقد أسهم هذا الخبير إسهاما مباشر في تجويد الصناعة اليابانية من خلا ل تدريب كوادرها وليس لجلسة عمل مع الوزير أو المسئول ووضعت اليابان أموالها في المكان المناسب وأنتجت ثورة إدارية واقتصادية وتنموية تضاهي الدول المتقدمة التي استعانت بخبرائها . القيادة القادرة على الاضطلاع بمسؤولية التنمية تمتلك الإمكانات والميكانزمات لحفز مواطنيها وعلى رأسهم وفي مقدمتهم خبراءها المحليون وزجهم في أتون العمل التنموي. التنمية المستدامة هدفها خدمة الإنسان وهذه الخدمة لاتتحقق الأمن خلال معرفة حاجاته . ومعرفة هذه الحاجات لايقدرها الخبير الأجنبي بل المحلي اقدر على تحديدها وإيجاد البدائل لإشباعها. يعتقد العديد من العراقيين ا ن المعضلة الثانية لسياسينا أنهم لايمتلكون القدرة على الإصغاء وان امتلكوا لايريدون إن يفهموا وان فهموا لايريدون إن يعملوا وان عملوا فان عملهم لايرضي طموحات وحاجات شعبنا. البعض من العراقيين ممن أتعبهم الصراخ يريدون منا إن نصمت . نقول لهولاءالذين يريدون العودة بنا إلى سجن الصمت إن ديمقراطيتنا الفتية وفرت لنا على الأقل حق الصراخ وسنستغل هذا الحق وسنصرخ حتى نسمع من به صمم.
د.تركي البيرماني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح