الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مزاج الرئيس

فاضل عباس
(Fadhel Abbas Mahdi)

2008 / 3 / 28
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


كنت أتحدث مع الدكتور رفعت السعيد حول مشكلة المواطن العربي بين أنظمة الحكم الدكتاتورية وتطرف بعض حركات الإسلام السياسي ، فحدثني عن لقاء سابق بين خالد محي الدين والذي اشتهر بين الضباط الأحرار بمطالبته بالديمقراطية مند بداية ثورة 23 يوليو52 واحد الرؤساء العرب السابقين عندما قال له خالد محي الدين بان الديمقراطية ضرورية لرفع المعاناة عن الناس ، فما كان من ذلك الرئيس إلا إن رد عليه " ما توجعش دماغى يا خالد ، إنا بنام واللي بيجى بمزاجي الصبح بعملوا " ، اعتقد تماماً بان هذا الخطاب ينطبق على نسبة كبيرة من الزعماء العرب الذين يمارسون كافة أشكال الدكتاتورية والقمع وانتهاك الحريات بدون اى إحساس بحقوق هذا المواطن في الحياة وحقه في انتخاب الرئيس الذي يختاره وفق صناديق الاقتراع.
ولكن تبقى المشكلة الأكبر التي نواجهها عندما يعمل المحيطون ومستشارو السوء ورجال الدين مدفوعى الأجر مقدماً على تحقيق ما يتمناه الرئيس وفق مزاجه بل يتسابق البعض لتحقيق هذا المزاج ويزينون الصورة أمام الرئيس وكل ذلك عبر فتاوى المثقفين عن مساوي الديمقراطية أو فتاوى رجال الدين التي تحرم الديمقراطية أو عبر الشريحة الانتهازية المحيطة بالرئيس التي تدعوا إلى استخدام العنف والقوة ضد المواطنين .
لقد استخف البعض بعقول الشعوب العربية حتى إن الرئاسة والانتخابات البرلمانية والمحلية في إحدى الدول العربية أصبحت تتم بتوصيات في الحلم ( المنام ) وأصبح كل دجال يخرج علينا ليحقق انتهازيته ليقول لنا بان الرسول ( ص ) جاءه في المنام أو في السجن أو في اى مكان ووضع عنده الوصية الكبرى بل مصير الأمة العربية والإسلامية وخطواتها القادمة هي كما جاءت في هذا الحلم الذي حلمه وعليه التبليغ ليتحول هو إلى مرشد الرئيس والأمة بكاملها من خلال حلم .
إلا يخجل أصحاب هذا الكلام من ذلك ففي الدول المتقدمة توجد مراكز دراسات وأبحاث تعطى استشارات للروساء والمجالس المنتخبة حتى إن بعض الرؤساء الغربيين لا يتحرك في كل موقف بدون دراسة علمية وفى الانتخابات تعمل مراكز الدراسات ليلاً ونهاراً من اجل استطلاع أراء المواطنين في تلك الدول للتنبوء بنتيجة الانتخابات وفق منهج علمي تجريبي ونحن في العالم العربي نعين الرؤساء ونتائج الانتخابات في المنام وفى الأحلام فهل وصل الاستخفاف بالعقل العربي إلى هذه الدرجة من قبل بعض المتملقين والطامحين للسلطة باى ثمن ؟ .
ولكنني أتصور بان الدجال الأخير الذي حلم بمن سوف يكون الرئيس القادم في إحدى الدول العربية هو تفوق في الدجل عن من سبقه فهو اوجد سابقه يبدوا إن بعض الرؤساء العرب بحاجه إليها لتمرير التوريث في الحكم حتى تتحول الرئاسة إلى خلافة في داخل الأسرة وفى الإسلام وبدلاً من وضع هذا الدجال في السجن ربما يصبح عمله صعبة تطلبها دول عربية أخرى للاستفادة من خبرته في مجال تحويل الرؤساء العرب إلى خلفاء على دولهم نتيجة رؤيته في المنام التي قد تتكرر في دول أخرى .
ولكنى اعتقد إن الكثير من هؤلاء لا يصدر عنهم ذلك إلا لكونهم يعرفون مزاج الرئيس وما يتمناه الرئيس ويعرفون كذلك إن هناك الكثير ممن هم في الشارع لديهم الاستعداد للتصديق وهذه الحقيقية التي ليست خافيه على احد حتى انك تستطيع إن تسير في الشارع وتتحدث عن مناسبة دينية وهى ليست صحيحة لتجد الآلاف يسيرون وراءك وكما يصفها عادل أمام في فيلم " طيور الظلام " عندما سار في الشارع وتحدث عن ضريح " سيدي العريان " وهو غير موجود ليجد المئات يسيرون وراءه بدون ملابس !! .
بينما يتم الإعلان يومياً عن محاضرات فكرية قيمه ولا تجد لها جمهور لأنه باختصار الوعي والتفكير العلمي غائب بينما وعى المؤثرات العاطفية هو المهيمن على الشعوب العربية وهو خيار سهل جداً لا يدعو إلى التفكير ومن هنا فمجتمعاتنا العربية على استعداد لقبول رؤية اى دجال أو معتوه بل ويصفقون له وكيف لا يحدث ذلك ونحن في القرن الواحد والعشرين ومازال رجال الدين عندنا يتحدثون عن الخلاف القائم سابقاً حول أحقية الخلافة بعد الرسول ( ص ) بينما الدول الأخرى تحاول إن تجرب سيارة تعمل بدون النفط الذي هو ثروتنا الوحيدة والذي يبدو إننا بدونه سوف نعود لنركب الجمال بدل السيارات .
نحن بحاجه إلى العمل على إعادة صياغة الوعي المجتمعي حتى لا نجد من هو بيننا من يصفق لدجال أو يروج لدعايات نظام دكتاتوري متسلط قائم على يافطات إيديولوجية سرعان ما تتغير بتغير مزاج الرئيس .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتياح رفح.. هل هي عملية محدودة؟


.. اعتراض القبة الحديدية صواريخ فوق سديروت بغلاف غزة




.. الولايات المتحدة تعزز قواتها البحرية لمواجهة الأخطار المحدقة


.. قوات الاحتلال تدمر منشآت مدنية في عين أيوب قرب راس كركر غرب




.. جون كيربي: نعمل حاليا على مراجعة رد حماس على الصفقة ونناقشه