الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإرهاب وإسرائيل

برهوم جرايسي

2008 / 3 / 29
القضية الفلسطينية


يكثر ساسة إسرائيل الحديث عن "الإرهاب"، وترى إسرائيل نفسها جزءا مما يسمى بـ "الحرب العالمية على الإرهاب"، وكأن لا علاقة لها بممارسات "إرهاب الدولة المنظم"، ولا أنها دولة تحتل وتقمع شعبا بأسره منذ عشرات السنين.
وعلى الرغم من أن المفهوم الإسرائيلي للإرهاب هو كل نضال مشروع ضد الاحتلال وضد ممارسات إرهاب الدولة، ومن أجل الحرية والاستقلال، إلا أننا سنجد أنفسنا في نقطة تلاقي قصيرة، مع إسرائيل الرسمية عند تعريف الإرهاب، حين يجري الحديث عن مجموعات إرهابية إسرائيلية، خارجة حتى عن القانون الإسرائيلي، ومعه القانون الأميركي.
ففي العام 1994، وفي أعقاب مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل، التي نفذها الإرهابي باروخ غولدشتاين، من مستوطني مدينة الخليل، أخرجت السلطات الإسرائيلية، وبمستوياتها المختلفة، عن القانون حركتي "كاخ" التي كان يقودها الحاخام الإرهابي مئير كهانا، و"كهانا حاي"، المنشقة عنها، بمعنى أنها أصبحت محظورة.
وهذه ليست الخطوة الأولى التي تتخذها السلطات الإسرائيلية ضد حركة "كاخ"، فهذه الحركة نجحت في العام 1981 بالوصول إلى الكنيست بمقعد برلماني واحد لزعيمها، ثم قررت المحكمة العليا الإسرائيلية في العام 1984 منع الحركة من المشاركة في الانتخابات البرلمانية في نفس العام.
وبعد حظر الحركتين، شهدنا إغلاق جمعية أو اثنتين، تابعة لهاتين الحركتين، وسط تغطية إعلامية مكثفة، ولكن هل حقا تم تطبيق الحظر على أرض الواقع.
ولهاتين الحركتين رموز بارزة، نذكر منهم الإرهابيين باروخ مارزل، ونوعم فيدرمان، وايتمار بن غفير، وغيرهم العشرات من الأسماء البارزة، وقسم كبير من كل هذه "الرموز" بدأت طريقها إما بجرائم قتل فلسطينيين، أو باعتداءات دموية وتحريض على القتل.
والملفت للنظر أنه على الرغم من الحظر فإن كل هؤلاء يتحركون بحرية تامة، ويتظاهرون ويرفعون أعلام حركتهم، وهتافهم الوحيد هو "الموت للعرب"، الذي أصبح أحد هتافات تشجيع لاعبي كرة القدم من على مدرجات الملاعب الإسرائيلية، وكل هذا وسط حماية عناصر الاحتلال الإسرائيلي، علما أن التحريض جهارة على القتل يمنعه القانون الإسرائيلي، ولكن شكليا طالما أن التحريض هو ضد العرب، وبطبيعة الحال فعليا في حال كان التحريض ضد اليهود، وهذا ما لا نلمسه إطلاقا في داخل إسرائيل.
وهذه حقائق مثبتة، وقد تم استعراض قسم منها في معالجات سابقة، مثل رفض المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية بصفته المدعي العام الأعلى تقديم وزراء وأعضاء كنيست للمحاكمة بعد أن حرضوا جهارة على قتل العرب وحتى قتل أعضاء كنيست عرب، معتبرا أن الأمر يندرج ضمن "حرية التعبير" والديمقراطية الإسرائيلية.
ولكن جرائم هذه المجموعات الإرهابية لا تنحصر عند الخطابات والاعتداءات على الممتلكات، بل تقع بين الحين والآخر جرائم قتل فلسطينيين، خاصة في الضفة الغربية، يكون القتلة عناصر من المستوطنين، وحسب معطيات تقديرية، فإنه منذ العام 2000 وحتى هذه الأيام، تم قتل ما بين 60 إلى 70 فلسطينيا من العُزل، نجد فيهم العمال خلال طريقهم إلى العمل والمزارعين في حقولهم، والنساء والشيوخ وطلبة المدارس، كما من بينهم أربعة فلسطينيين من مدينة شفاعمرو في شمال مناطق 1948.
ويوثق المركز الحقوقي الإسرائيلي، "بيتسيلم"، 43 جريمة قتل (لا تشمل شفاعمرو) في الضفة الغربية المحتلة، وجريمة واحدة في خان يونس في جنوب قطاع غزة، بينما الباقي بقيت ظروف القتل فيها غامضة، حسب مزاعم سلطات الاحتلال، كما أن جهات حقوقية لم تجمع ما فيه الكفاية من أدلة لتوثيق الجريمة.
وقد أكدت تقارير حقوقية وصحافية سابقة، حتى منها إسرائيلية، أن سلطات الاحتلال التي تتحمل مسؤولية أمن الشعب الواقع تحت الاحتلال حسب القانون الدولي، لم تبذل جهدا للوصول إلى الجناة في عدد كبير من الجرائم، في حين أن الجرائم التي تمت فيها معرفة الجناة، من بين عصابات المستوطنين، فإما جرى إطلاق سراحهم فورا، بزعم أنهم "دافعوا عن أنفسهم"، أو أنهم "مختلين عقليا".
أما الحالات النادرة التي تقرر فيها تقديم لوائح اتهام، فإما أن المحاكمات مستمرة منذ سنوات، أو أنه تم فرض أحكام صورية عليهم، أو أحكام كبيرة مثل المؤبد، إلا أنهم حظوا بعفو رئاسي فوري يقضي بتخفيض المدة بشكل كبير، ويتم وضعهم في سجون مفتوحة.
وكل هذا عدا عن سلسلة من المخططات الارهابية التي تم الكشف عنها مسبقا وإفشالها، من بينها محاولة تفجير مدرسة للفتيات في القدس المحتلة، وسلسلة من محاولات ومخططات قصف المسجد الأقصى المبارك، وغيرها.
بمعنى آخر أنه حتى وإن كان ساسة إسرائيل يبذلون جهدا في تحديد مفهوم الإرهاب، وحصره بلون واحد وشكل واحد، وحتى دمغ دين سماوي واحد به، فهم على الأقل قد "ورطوا" أنفسهم بتعريف مجموعات إسرائيلية تنشط أمام ناظرهم بالإرهاب وأخرجوها عن القانون، ولكن هذا إجراء بقي شكليا.
ويكفي في هذا المجال أن نعرض حقيقة واحدة، ففي العام 1981 حين تم انتخاب الإرهابي البائد مئير كهانا عضوا في الكنيست الإسرائيلي، كان وحيدا وكان يمثل لربما 1% يدعون إلى طرد الفلسطينيين من وطنهم، أي "ترانسفير" حسب المصطلح الدولي، أما اليوم، فبدلا من "كهانا" واحد في الكنيست الإسرائيلي حاليا العديد من أعضاء الكنيست الذين يتبنون برامجه ومبادئه، كما أن نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت في العام 2006، دلت على أن 33% من الناخبين بمعنى 38% من الناخبين اليهود صوتوا لقوائم تؤيد طرد الفلسطينيين من وطنهم.
كذلك وحسب سلسلة من الأبحاث والاستطلاعات الجامعية الإسرائيلية، فإن ما بين 51% إلى 55% من الإسرائيليين يؤيدون طرد الفلسطينيين من وطنهم بأشكال مختلفة.
والسؤال الوحيد الذي يطرح نفسه هنا: أليس القانون والمواثيق الدولية تعتبر "الترانسفير" ضد أي شعب كان، هو إرهاب منظم؟، مجرد سؤال.
وأرى هنا حاجة لملاحظة واحدة، هي أن كل ما جاء هنا مبني على معطيات موثقة، من بينها معطيات إسرائيلية رسمية، ولا حاجة لحقائق أخرى لإثبات ما يجب إثباته.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطينيون يرحبون بخطة السداسية العربية لإقامة الدولة الفلسطي


.. الخارجية الأميركية: الرياض مستعدة للتطبيع إذا وافقت إسرائيل




.. بعد توقف قلبه.. فريق طبي ينقذ حياة مصاب في العراق


.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار




.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟