الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعارضة السورية في حالة يرثى لها؟

مازن شريف

2008 / 3 / 29
مواضيع وابحاث سياسية




لا شك بان نهج السلطة الشمولي في سورية وتحكمها في جميع مفاصل الحياة وعدم قبولها أي اعتراض أو نقد لسياساتها القمعية واعتقال العديد من المثقفين والسياسيين السورين أصحاب الفكر الحر والدعوة الصريحة إلى التغيير، قد فرض قيودا كبيرة على تحرك المعارضة وافشل الكثير من نشاطاتها لتصبح ضعيفة منقسمة على نفسها لا تجرؤ على المطالبة بالحقوق الدنيا. كما انه، ونتيجة لهذا القمع، سيطر الخوف على اغلب فصائلها داخل سورية، مما اضطرها في أغلب الأحيان إلى العمل السري في حدود إمكانياتها المتواضعة جدا، هذا العمل الذي أضعف خطابها السياسي بحيث لم يعد يتجاوز حدود الغرف المغلقة.
إن النظام الذي أربكته الظروف الدولية الراهنة قد اضطر مرغما إلى تغيير شكلي لبعض من الأساليب القديمة في محاربة المعارضين، الأمر الذي شجع المعارضة للتحرك ضمن نهج جديد لتفرض حضورا مميزا، لمدة وجيزة، على الساحة السورية لكنها أخفقت في حل أزمتها الداخلية وساهم التفسخ الذي فتك بها في إظهار عجزها من الظهور كقوة سياسية بديلة يحسب لها حساب في أروقة السلطة القمعية.
قوى المعارضة الخارجية المنتشرة في كل مكان تقريبا تختلف في سياستها عن الداخل فهي حرة في سلوكها وتصرفاتها ويتوفر لها المناخ الملائم لحوار طبيعي ومناقشات بناءة لكنها فشلت هي الأخرى في إعطاء الصورة المثلى التي كان من المفروض عليها أن تتخذها أساسا في عملها من خلال تجمعات متفرقة عجزت عن استقطاب المتنورين للانضمام إلى صفوفها بعد أن ثبت على ارض الواقع أن بعض هذه التنظيمات ظهرت فجأة على الساحة وسرعان ما تخشب خطابها السياسي لأنها تفقد معايير السياسة الواضحة والنهج الديمقراطي متجاهلة (عن قصد أو غير قصد) لجوهر الاحترام واحترام الآخر. وهناك تجمعات لمعارضين شرفاء لا تسمح لهم إمكانياتهم من تطوير مبدئي لنهج سياسي ويرفضون الانطواء تحت أجنحة مكسورة لم نلحظ بعد مدى جديتها وهنا تقع مسؤولية التقصير علينا أيضا.
من ناحية أخرى فان اغلب نشاطات المعارضة السورية بالخارج(رغم قلتها وهشاشتها) لا توحي بان هناك تنسيقا جديا فيما بينها وهي عاجزة عن إيصال كلمتها إلى الداخل السوري حيث تقوم سلطة القمع بحجب اغلب المواقع الالكترونية. وهنا أجد نفسي مضطرا لان القي باللوم على كافة أطياف المعارضة في الخارج لغياب الروح الديمقراطية عنها بالرغم من أن البعض قد أوهمنا بأنه قد عمد إلى تغيير في نهجه وينادي بالديمقراطية بشكل علني في محاولة لتجديد الخطاب السياسي والعمل المعارض.
كيف سنحسن صورتنا ونحن لا نستخدم بعد الحوار المفتوح والنشاط السياسي الواضح في احترام الآخر ومدى جدية علاقتنا مع الآخر التي يجب أن تكتسب صفة الاحترام المتبادل لنرتقي بها في دفع عجلة العمل الديمقراطي لتصل إلى مكانتها الحقيقية في سلم أولويات سياستنا وأهدافنا ومواقفنا السياسية. وعلينا مساندة الأفراد والهيئات الداعية إلى هذا المشروع ليكون ردة فعل طبيعية تتميز بالوعي والذكاء والحنكة في مواجهة الواقع الراهن لهذا النظام الشمولي وكشف ممارساته اللااخلاقية معتمدين على حرية الرأي والتعبير كأساس لاحترام الشخصيات الديمقراطية المتنورة والتي هي بالأساس تدعو إلى استخدام كافة الوسائل السلمية في نضالها الديمقراطي ضد جميع أشكال القمع والاستبداد.
ليس من السهل أن نجتمع بقوة على مشروع واحد خاصة وأننا ننتمي إلى أيديولوجيات وسياسات مختلفة وما زلنا حتى هذه الساعة غير قادرين على التحرر من قيودها التي هيمنت علينا حتى غدت تتقاطع في كثير من الأحيان مع جوهر ومفهوم الديمقراطية والعمل السليم. دون أن ننسى الحواجز الأساسية لفقدان الثقة التي نصطدم بها يوما بعد يوم نتيجة لتراكمات وآثار الماضي (اللئيم) الذي ترك بصمته على سلوكنا وتصرفاتنا سواء كنا أفرادا أم تنظيمات.
غريب جدا أن الهدف الذي نسعى إليه جميعا هو التغيير والإصلاح والحريات التي نتفق عليها لكننا عاجزين عن الالتحام أو التنسيق من اجل تقريب وجهات النظر لطرح مشروع سياسي يتحلى بالجدية والثقة المتبادلة، فعندما تتوفر فيه هاتين الصفتين فانه سيخلق أجواء ملائمة لنشر الوعي وتحفيز الجميع على ممارسة العمل السياسي ضمن شروط الاعتراف بالآخر والاحترام المتبادل وتعزيز الثقة بين الأفراد من جهة والتنظيمات من جهة أخرى.
عندما نجري قراءة دقيقة للمعارضة السورية في الخارج نجد أنها قد خيبت (لدرجة ما) أمال الكثير من أبناء سورية بغض النظر عن أماكن تواجدهم فلم ترتقي لحد الآن إلى المستوى الذي كنا نحلم به وقد طغى عليها حلم التغيير الذي تفككت رموزه وبات من الصعب تجميعها حتى أمام عرافة الطرق المغلقة، وأدت خيبة الأمل هذه إلى الشعور باليأس والانطواء والابتعاد عن مواجهة التحديات.

ما العمل؟عندما نشرت مقالي (انهيار المعارضة السورية) لامني بعض من الإخوة أنني تجنيت على المعارضة باستخدامي (التعميم)، نعم لقد عممت شاملا حتى نفسي في المكان الذي يجب أن أعمم فيه وخصصت في الأماكن التي تتوجب التخصيص، وألقيت باللوم على الجميع لأننا (مقصرون) وما نقوم به لا ينم عن روح انسجام وتوافق لان هناك تنظيمات تعمل بمفردها وتسعى لتحتل الصدارة دون أي تقدم أو تطور يذكر وكأننا نعود إلى زمن التفكك والانهيار، وهناك من يستخدم أسلوبا عفا عنه الزمن في مواجهة السلطة. وضمن هذا الإطار هل يمكن للمجتمع والفرد في سورية أن ينظر لنا خارج دائرة (الازدراء والتشاؤم) عندما يطلع على مفرداتنا السياسية المتواضعة جدا ؟ أليست صورة تنعكس سلبا على الجميع وتودي بنا إلى الانقراض!.
لا يختلف اثنان على أن الكثير من المعارضين السوريين خارج الحدود السورية عانوا الويلات وما زال الجرح ينزف لدى اغلبهم (وكلنا معهم بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية) فبدلا من أن تسود روح المحبة والتسامح وتعزيز الثقة فيما بيننا لنساهم في التخفيف من آلام إخوتنا الذين هربوا من بطش السلطة، نحاول إفشال بعضنا البعض ونعود لننادي بالديمقراطية كمجرد هدف لا أكثر وليس كوسيلة أو طريقة حتمية للوصول إلى الغاية الأساسية وهي تحقيق نظام ديمقراطي يكفل حرية وحقوق الإنسان. علينا جميعا أن نسعى لتقبل فكرة انه لا تهمنا النتيجة بحد ذاتها بقدر ما تهمنا الطريق التي نسلكها للوصول إلى النتيجة.
يمكنني القول (وأتحمل مسؤولية ما أقول) بان واقع المعارضة السورية حالة يرثى لها وتعيش بعيدا عن النور تسيطر عليها الأوهام والأحلام (بشكل عام) لأننا برهنا عدم قدرتنا على إشعال شمعة واحدة لننير طريق الحرية، في ذات الوقت التي يقبع فيه في سجون السلطة القمعية شخصيات سياسية معارضة أمثال ميشيل كيلو وعارف دليلة وأنور البني وفداء الحوراني وغيرهم، والذين نطلب إطلاق سراحهم مع جميع السجناء السياسيين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تخرب محتويات منزل عقب اقتحامه بالقدس المحتلة


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل إلى صفقة ونتنياهو يقول:




.. محتجون أمريكيون: الأحداث الجارية تشكل نقطة تحول في تاريخ الح


.. مقارنة بالأرقام بين حربي غزة وأوكرانيا




.. اندلاع حريق هائل بمستودع البريد في أوديسا جراء هجوم صاروخي ر