الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


همسات أصوات منثورة فوق صفيح الصّمت… .

نجيب المغربي

2008 / 3 / 31
الادب والفن


0و كانت الاحلام أطفالا ماتوا داخلنا . . كانت الفجيعة شوكا يثقب اعماقنا.. فكنا رحلا يطالعون كل وجع يكبر مع الليل..0

الليل يختنق…يتورّط في حركة سريعة…يمتزج زمنه بدوران أحسّه يداهمني…كان منذ زمن بعيد…بلسما للعنة النّهار…لا زلت أدين له بفضيلته تلك…الليل وحده من يمنحنا أحشاءه الفارغة…لنتَسمّع منها لصمت الداخل…هو كذلك من يمارس سلطته القصوى علينا…يفرض مناخه على الأشياء كلّها…يقحم فيها معنى ما… و يقودنا في طريق العودة…لننظر الى الوراء… على الأقل…
فيما مضى كم كانت الذاكرة رائقة…بالكاد تتوقف عند القليل من الأشياء…اليوم صارت بسعة القاموس… لم أعد ارتاح لما أراه… الحزن الغامض ينيرعالما باهتا…يتورّد المزاج صارخا…يجرّ خلفه كلمات كسيحة… يحرك موسيقاه عل الأوراق!…دون ألم تغدو الروح مسطحة…لا تستطيع ان تبصر عمق الحياة…أصوات مزامير الداخل…ظلال الآخرين التي يحجبها زحام النهار…ان الألم من يصوّبنا بسمو…ضجر الحياة…الكآبة المكتومة…كلها تلهمنا بتأصّل أكبر… تعمقنا أكثر و نحن نتآكل باتجاه جوفنا…
لًشدّ ما تلتذّين بضراوتك أيتها الجراح…الأمنيات بجوارك تولد ذابلة…كم مضى على الحلم ؟…ألف احتراق… و بعض مواسم تشقّنا !…من أرغمك على ألاّ تمتدّ ؟…الأشياء جميعها تعاكسني…قوة اليأس…تنمو كالحشائش في كل مكان…تزحف على حديقة القلب…تطلع من حافتها زنابق دم…البوح يتهيؤ في صمت…الهذيان قد بدأ ينتشر…تتفسّخ الكلمات حد التبرّج المنفلت…ها… لست أنت من اختار طوعا أن تصيري هكذا…اضمحلالك كان الملاذ الأخير…هل تفهم هي نفسها ذلك…أتمتم…هل اعترفت لنفسها منذ زمن طويل ؟!…لا… تلك الصّيحة …انها تقترب…ستجعل كل كلامنا وهما بلا معنى…أيّ ثمن علينا أن ندفعه لتكسّر أعيننا الخوف ؟…يبحر الحزن فينا…كالشوك ينبت وحشيا…يرفرف بلا أجنحة…يحوم على كل شيء…يدور على اللاشيء…يتلبسنا هكذا حتى نختنق…
شيء ما يخدعنا… يجعل الحلم أكثر انفلاتا… أقل استهواءا من السّابق…انها هي الأخرى صارت ترى…تشتمّ الآتي كعطن يفوح من القعر…على أيّ حال لم يحن أوان اشراق الجرح كاملا…ساعة الظّل الذي سيبطل الاشتهاء…انه شيء آخر مختلف سيشد حبال الشّوق…يخصّب عظمة الحب بالموت…

الظلمة الأخيرة التي يلقي بها المساء…تقترب من التّلاشي…الصّقيع يهبط نافذا…يخترق جسدي كابر سامّة…صوت المعزوفة الحزينة…يحرّك أحاسيسا غامضة بداخلي… يبعث بنفسي القلق و الحزن…و صورا مجهولة مكدّرة…كثير من الأشياء لم يكن علينا أن نفعلها…أن نكون حيث ستقع…لكن من يدري …ربما الأشياء التي تستنفذنا… تلك التي تصيّرنا أكثر ترهيلا…قد تمنع عنّا جراحا أكبر…ترويضا أعنف…لكنّنا مع كل ذلك نظل كتماثيل من صلصال…
لا جدوى من دفع المأساة…القمر يسقط ضوؤه متألّقا…تتفاقم حركته… نور المصباح صار يزعج عيناي…أحسّ برأسي يفرغ…قدماي توشكان أن تتجمّدا من البرد…ضوء الفجر ينفذ من ثغرات في السّماء… النجوم تبدو أقل التماعا…ربما يوهنها برد الشتاء هي الأخرى…بدأت أحسّ بالضيق… و الحاجة الى التدخين أيضا…

اللّيل يتّكئ على الأرض…
يطعم البيوتَ بردَه…
يوقض الذّكرى…
و الحنين يتشبّت بالظلال…
أصوات الجراح تتعثّر…
لا تزال هناك كلمات تمتدّ كالخناجر…
تومض بضوء يرتجف…
تبحث عيونها عن صور بعيدة…


لم يكن الحزن يمتزج برقصات اللّيل…
كان يقبع هناك كامنا…
على اسفلت المساء…
حين فجأة تحوّل الى نسيم بارد
يغطّي جدار السماء…
كبقع مغلقة أخذ يتساقط…
هو أيضا صار الآن يغنّي


يحملني الصمت هناك…
كغيمة تحتكّ بالسماء…
كسنديانة تمتد معاندة ظلها…
تملؤ الفراغ…
أبدّد الصّور بالذاكرة…
كلماتي ترشح…
تتمدّد كشلاّل….
تتراقص على حافة الحلم…
و لا تسقط


كان بيننا وعد على الطّريق…
و قلبٌ يتدفأ من حريق مبكّر…
و ذكرى تركناها تصدأ…
كان…
كان الحلم يرافقنا…
و الألم كنّا سنسميه عيدا…


هناك على جسد الجرح…
كان يحدّق الغياب…
في عيوننا…
ارتجفنا ومشينا…
لم نودّع أوراقنا…
لم نحمل وتر الحلم…
لم نقل كلمة…
و نظراتنا…
ظلت عالقة هناك…


مللت توهان الليّل…رحيل الفصول…كلمات تشرب نخب الجرح…وجع الأحلام المستنفذة…المأساة المنغرزة ببياض الحلم…تصلبات القلق… صور الذكرى…التخيلات الشاردة…فتح دفاتر جديدة…بقيت صامتا طويلا…لا أتحرّك…اختلطت بكل الأشياء..تدفقت نحوها…ارتعاشات البرد…انفعالات النهار… انحدارات الصمت…ظلال الرّحيل التي تمتصّني…أضواء البوح التي لم تشع بعد !…بدأت الكلمات تتجمد كقطع صقيع…القلق يتأجج غائرا…أنا وجدت لأتنفّس الكآبة…الحب نفسه لا أستطيع انتزاعه منها…أتمتم بحنق…هكذا ظهر ضوء الصّباح…أعطوني كفاف ذاكرة حالمة…ان كلامي يرجع بدون شك… الى اللّون الأحمر…الى اللون الأسود…الى نشوة بلا لون…!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا