الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بولهها المتشاكل ، تتسلل الانثى غازية( قراءة في قصيدة كيف ندخل الكون للشاعرة آمال بوترعة )

سامي البدري
روائي وكاتب

(Sami Al-badri)

2008 / 4 / 4
الادب والفن



للتعاطي مع بروق او ومضات الشاعرة آمال بوترعة ، يلزمنا التسلل الى مشغل هذه الشاعرة
التي يمنعها حذرها - في التعامل مع انشغالاتها واشتغالاتها - الفطري ( كانثى ) ، والفكري
( كانسان مثقف يحاول المساهمة في عملية البناء الثقافي ) ، والفني ( كشاعرة تعول على استخدام
ادوات فنية لتشكيل بنية القصيدة ، بالمعنى المجازي طبعا ) ، اقول يمنعها من الانفلات واطلاق
العنان لاندلاع اشتغالاتها واجتراحاتها بحرية تامة .
حذر آمال الشاعرة ، في تقديري الشخصي كقاريء، متأتي من اعتمادها على ادوات ( فن التشكيل)
في عملية تشكيل ( بناء وصيرورة القصيدة ) ..، والالوان المائية منها على وجه الخصوص ، وفرشها الطرية الغضة ، المستخدمة عادة في رسم لوحة مثل هذه الالوان . التسلل الى مشغل آمال ليس من اجل التأكد من ادواتها ، وانما من اجل استشفاف جو المشغل وادواته الفكرية (مرجعياته). نحن هنا ازاء شاعرة متشككة ، لا تقطع بشيء ، في ما يخص ادواتها ومرجعياتها ؛
رغم قبضها على ادواتها ونهجها باحكام وهو : ( نهج محدد تمام التحديد ، صالح للتطبيق المتزنوهذه علامة تدل دائما ، في حد ذاتها ، على الجمال .) ، كما يقول هنري جيمس في تقديمه لروايته( ما كانت تعرفه ميزي ) . وايضا نحن ازاء شاعرة فنانة ، تشكل قصائدها بالالوان المائية ، وهذا عمل مقصود منها ، لحرصها على توخي الدقة وصرامتها في فعل الخلق ، ومبعثهما تشكيكها كما اسلفنا . هنا سأتعامل مع نصيصين للشاعرة ( ادخل نومك وكيف ندخل الكون )
اجدهما ، وفق فن الحاجات الادبية الذي يقترحه الناقد عبد الرحمن طهمازي ، قد شطرت وحدتهما ظروف وملابسات لحظة الولادة ، كما في حالة التوائم ، حيث يسبق احدهما الاخر ليتنكر - مجازا-
لوحدة الرحم التي كانت تجمعهما . سأعيد وحدة الحاضن ، اذن ، للحظة انشطار النصفين لاعيد
( رسم ) وحدتهما تحت عنوان : كيف ندخل الكون .
كلما تعرضنا للاذى بحثنا عن العزاء في خيالنا ، تقول الروائية جويس كارول ، وهي بهذا توفر
لنا مدخلا مناسبا لاجواء القصيدة ..

يسائلني :

لماذا يعود الكلام عن الحب بدون ثياب ؟

ويزهر الملح في الكف ؟

واستنادا الى مجهولية هوية الحبيب ( افتراضا - المتسائل ) بالنسبة لنا نحن القراء ، اجدني مجبرا على عدم فرض هوية افتراضية ( احتراما لتكتم الشاعرة ) لوجوده واعتبره افتراضا خياليا
اوجدته حاجة الشاعرة للتعبير عن حالة خاصة بالشاعرة ... حالة ولادة القصيدة مثلا ، او حاجتها الفعلية لهذا الحبيب .
وحدتي تخلع افكارها كأمرأة تقشط فتنتها بسكين حادة ، يقول محمد خضير القاص ؛ وهذا ما
أقرأه بين مفردات حاجة الشاعرة ، لان الكلام عن الحب ، وفق حذر الانثى وخجلها يتسيد
المشهد النفسي والاخلاقي للشاعرة ..

يعود بدون ثياب

بمعنى انه يماثل عملية ( قشط ) الثياب عن الجسد الانثوي ، لتجد الانثى نفسها امام عري جسدها
( الفاضح ، وفق بنية الثقافة الاجتماعية للمرأة العربية ) . و لأدعم صحة ما ذهبت اليه من افتراض القراءة ، سأستعين بفتوى اخرى للقاص محمد خضير : ( اللحظة اسطورتي الماجنة
تقود روحي العزلاء الى ممرات شائكة ) . هل نحن امام حالة من فوبيا الجسد ؟ من يستطيع ان
يجزم ! ولكن هذا ما تنطوي عليه اشارة المقطع التالي ..

مجازا يقيم في اعراسنا كحل الصبايا ...

يقيم ( وهذا تأكيد للفعل الاول ) الذهول !

وكحل الصبايا كناية تحتمل كل ما يمكن ان نخلعه من صقوس الحب ( هل كان علي ان اقول ممارسة عملية الحب ! ) على عملية تجمل الصبية : المرأة في عتبة شبابها الذي يسبق عملية تحولها الى سيدة ، بمفهوم ثقافتنا الاجتماعية الجامدة ، عقب فض بكارتها .
فرشة مسح الالوان المائية في يد آمال وهي تمرر طراوتها على ورقة اللوحة ، بألوان شفافة ..

نجمع كل الغيوم في همسة عاشقين

ونخرج من اول الكون غزاة

وندخل الى آخر (ه ) جثث .

وهنا اجدني مجبرا على العودة الى هنري جيمس ، لاردد ما قاله عن ( ما كانت تعرفه ميزي )
بحق ما تعرفه آمال بوترعة الشاعرة عن فن بناء القصيدة وبناء صورها بالوان الماء الشفيفة :
( وقد اتضح لي عند معاودة التمعن في العمل ان شيئا من ذلك البهاء المهيمن يسيطر عليه
( بناء القصيدة عند آمال ) سيطرة موفقة ) . ونشوة الحب وحدها التي تمكننا من ان ..

نجمع كل الغيوم في همسة عاشقين

وهذه النشوة وحدها التي تمدنا بقوة الخروج ...

من اول الكون غزاة !

لان لحظة دفق القصيدة ممكن ان يكون السرير او غرفة النوم التي تحتويه ، او معايير وبنى طريقة الحياة التي تحيط بحياتنا الجنسية ... او نشوة الجسد في ابده معانيها !
الانتقالة التالية ، بعد ان عزلت ، انا القاريء ، الشاعرة عن نصها وجعلت من النصيصين وحدة شعرية متكاملة ، تنقلنا الى لحظة ما بعد الخروج من الكون ، وما قبل لحظة الدخول ..

الى آخر (ه ) ... (الكون ) جثث ...

ستضجرك يدي

تجمع الفيروز من نومك

ألم أقل لك يوما

ان البحار تعود الى اهلها مثل الطيور ...

وان الحدائق تبكي ...؟

وهذا ما يدعوه الناقد عبد الرحمن طهمازي ب ( التوازيات ومقاطعات المجاز ) ، بحسب فهمي .
ونحن ازاء تقاطعات مجازية في ذهابها وايابها ، في لحظة النشوة . ولن اتكهن لتحديد هوية النشوة التي عنتها آمال ، بل سأتركها على انغلاقها ، انسجاما مع حذرها الذي يفرضه وجل الانثىفيها ، كما اقدر اولا ، وتماشيا مع حكمة سقراط الفيلسوف : ( الشعراء ينطقون بالكلام الحسن ، دون ان يعرفوا ماذا يقولون ) ثانيا . هل سألتزم بهذا القرار ؟ اتمنى ذلك !

سيضجرك صوت المغني قربي

واموت موتتان

قرب الماء والسور

في اية لحظة يا آمال تلك ( الموتتان ) وتحت تأثير اية نشوة ؟! اعتقد اننا بتدقيق النظر في تشكيل ( اللوحة الفنية ) المتشاكل بفرشاة آمال الغضة ، نستطيع الان ان نكون فكرة تامة النصاعة عن هوية تلك النشوة ، ولو جاءت على حساب حذر وتحفظ آمال - هذا التصميم تولد الان فقط تحت ضغط الموتتان - في تسميتها : انها نشوة الجسد في لحظة اتقاده التي لا يحتويها سوى فعل الانسياق لبلوغ ذروتها الكاوية !

وحين يميد بك الضجر

وهذا الضجر هو الذي يعقب النزول من ( الذروة الكاوية ) ..

ويورق التيه في ال ( ظلمتين )

ستعرف اننا توالهنا حد الذهول

وبهذا تعود بنا آمال الى افتراضنا في كون ( الهو ) الخاطب هو شخص ( منادى ) او مشتهى
ومفترض ..، ربما يكون موجودا في حياة الشاعرة فعلا ، ولكنه لسبب ما ، مغيب او غير حاضر
فعلا ...
واسباب غيابه كثيرة : وجل الانثى ومحافظتها ، جهله بحبها ، وجود الموانع بينهما ... او يكون مفترضا ومستدعى لعدم ظهوره في حياتها ، بالصورة التي رسمتها بطرف فرشاتها لمواصفاته .
وبالعودة الى هنري جيمس نجده يكمل : ( وما من شيء يمكن ان يكون اجود من هذا - طهوا -
فيما اظن ، اذا ما نظرنا اليه في ضوء اوفق غاياته ، وان كان المظهر في بعض الاحايين
يثبط مثابرتي ) . وهذا ما نجد انفسنا امامه بعد الانتهاء من قراءة بوح آمال الخجل .
فهل كانت آمال تقشط ولهها بسكين حادة ، لوجلها الانثوي ؟
ام تراها كانت تبحث عن العزاء في خيال الشاعرة فيها فقط ؟
ام كانت في لحظة مواجهة مع عذابات الجسد وتوالهت ( معه ) ، ذلك المنادى واورق التيه
في ظلمتيهما فعلا ؟
وفي كل الاحوال ، آمال احتاطت للامر منذ البداية بجمعها كل الغيوم في همسة تظلل لحظة
تعري الحب - في لحظة بوحه - عن ثيابه ! وهذا ما يحفزنا على كرة اخرى على شعر آمال
على امل ان نزيل ما علق بخواطرنا من غموض بوحها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر تقرر توسيع تدريس اللغة الإنجليزية إلى الصف الخامس ال


.. حياة كريمة.. مهمة تغيير ثقافة العمل الأهلى في مصر




.. شابة يمنية تتحدى الحرب واللجوء بالموسيقى


.. انتظروا مسابقة #فنى_مبتكر أكبر مسابقة في مصر لطلاب المدارس ا




.. الفيلم الأردني -إن شاء الله ولد-.. قصة حقيقية!| #الصباح