الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شهادات لجنود أمريكان عن نصف عقد من الحرب – وثائق للتاريخ – الجزء الأول

كهلان القيسي

2008 / 3 / 30
الارهاب, الحرب والسلام


ترجمة: كهلان القيسي

نصف عقد من الحرب: بعد مضي خمس سنوات على احتلال العراق، شهادات لجنود أمريكان شاركوا في هذه الحرب.
قبل خمسة سنوات وفي ليلة، التاسع عشر من مارس/آذار,عام 2003، شرعت الولايات المتّحدة باحتلال العراق. بعد مضي نصف عقد، وبينما يستمرّ الاحتلال دون أي نهاية تلوح في الأفق، اجتمع البعض من أقوى الأصوات المناهضة للحرب إنهم من الرجال والنساء الذي قاتلوا فيها. ومنهم:
كاميلو ميجا: رقيب أوّل في الحرس الوطني – فلوريدا- - خدم ستّة أشهر في العراق في عام 2003 وبعد إجازة قصيرة، رفض العودة.حكم عليه بالسجن سنة واحدة. يرأس الآن مجموعة المحاربين القدماء المناهضين للحرب في العراق .
مايك توتن ، خبير في الجيش الأمريكي خدم في العراق من أبريل/نيسان 2003 حتى أبريل/نيسان 2004.
كيفين وجويس لوسي ، والدا - نائب العريف جيفري ، الذي خدم خمسة أشهر في العراق وبعد سنة، انتحر في يونيو/حزيران 2004. كان عمره ثلاثة وعشرون سنة.
تانيا أوستن، مترجمة لغة عربية في الاستخبارات العسكرية الأمريكية.
جيفري سميث، خدم في العراق في مايو/مايس 2003 وطرد بشكل مشرّف في يناير/كانون الثّاني 2004.

مقدمة البرنامج
أيمي غودمان: قبل خمسة سنوات وفي ليلة التاسع عشر من مارس/آذار عام 2003، بدأ الولايات المتّحدة بقصف بغداد تلته بالغزو. وبعد مضي ستّة أسابيع وقف الرّئيس بوش ليعلن إن“ المهمّة قد أنجزت ” كما أعلن عن انتهاء العمليات العسكرية الرئيسية في العراق. الآن وبعد نصف عقد تستمرّ هذه الحرب بدون نهاية قريبة.
في خطابه اليوم لإحياء الذكرى الخامسة للحرب، ، سيعطي الرئيس الذي سيترك المكتب البيضاوي في أقل من أحد عشر شهرا تقييما مستبشرا عن الحرب مرة ثانية . طبقا للمقتطفات المعلنة من خطابه، سيصرّ بوش على إن ما يسمّى بالاندفاع(( زيادة عدد القوات)) في العراق ، قد فتح الباب إلى ما يسمى“ نصرا إستراتيجيا في الحرب الشاملة على الإرهاب. ”
كانت الحرب كارثة تامّة على كافة المستويات ، حيث تسببت بمقتل أكثر من مليون عراقي ،ناهيك عن الملايين من الجرحى. وتهجير 2.5 مليون شخص داخل العراق، وأكثر من مليونين هربوا إلى البلدان المجاورة. وفي نفس الوقت تسببت بمقتل 4,000 جندي أمريكي إضافة الى عشرات الالآف من الجرحى. ويخمّن الاقتصادي جوزيف ستكلتز – الفائز بجائزة نوبل للاقتصاد - الكلفة الإجمالية لهذه الحرب بحدود 3 تريليون دولار.
في هذه الذكرى شارك الالآف من الأمريكان في مظاهرات مناهضة للحرب، ولعل من أكثر الأصوات قوة ضدّ حرب على العراق هم الجنود الذين قاتلوا فيها ، والذين قدموا رواياتهم كشهود عيان، و قد تم تجاهلها من قبل أجهزة الإعلام الأمريكية المرتبطة بسياسات الحكومة. هنا وفي إذاعة وتلفزيون الديمقراطية الان نذيع هذه الشهادات.
كاميلو ميجا: اسمي. كاميلو ميجا انضممت إلى الجيش الأمريكي في عام 1995 كجندي مشاة، ارسلت إلى الشرق الأوسط في مارس/آذار عام 2003، أولا إلى الأردن وبعد ذلك إلى العراق في أبريل/نيسان من تلك السنة .


المهمّة الأولى التي كلفت بها منذ وصلونا إلى العراق في معسكر الأسد، هي إدارة سجن لأسرى الحرب العراقيين، وكان واجبنا الأساسي هو إبقاء هؤلاء السجناء - الذين كانوا قد اعتبروا مقاتلين أعداء - محرومين من النوم لفترات تصل الى 72 ساعة لكي نضغط عليهم ونجعلهم جاهزين للاستجواب. ” وكانت طريقة استجوابنا هي الصراخ بهم لإخافتهم.
لذا كان سؤالي الأول إلى هؤلاء الذين كانوا يأمروننا بفعل هذه الأشياء, “ كيف سيفهمنا هؤلاء العراقيين؟ أعني، إنهم لا يتكلّمون الانكليزية. ” فأجابوني : “ حسنا، إنهم مثل الحيوانات إنهم كالكلاب. إذا واصلت الصراخ فيهم، لا يهمّ ما هي اللغة التي تصرخ عليهم بها، فهم سيفهمون القصد. إذا تصرخ فيهم، انهضوا! وتكررها، سوف تعرف، إنهم ككلاب سينهضون. وإذا أمرتهم بالتحريك يسارا سيفهمون وسيتحرّكون يسارا. وقالوا لنا أيضا “ لكن هذه الطريقة لن تنفع دائما، لأنهم متعبون جدا. ” بالمناسبة، لقد غطّوا رؤوسهم بأكياس الرمل، وقيدوهم بالقيود البلاستيكية، وهم حفاة، وأحاطوهم بالأسلاك الشائكة . إن هؤلاء الأسرى لم يكنوا محرمون من النوم فقط، لكن أيضا من الضوء والإحساس بالمكان. ومن أنواع التعذيب الأخرى التي كنا نمارسها بحقهم، هي ضرب الجدران بمطرقة ثقيلة لإحداث صوت يشبه الانفجار لإخافتهم، وعندما لا تنفع هذه الطريقة ،نقوم بوضع البنادق على رؤوسهم ونسحب الأقسام وكأننا سوف نطلق النار لإعدامهم، في الحقيقة كنا ننفذ أحكام إعدام وهمية لإخافة هؤلاء الرجال. وبين الحين والآخر وعندما لا ينطاع هؤلاء الرجال، كنا نمسك الشخص الغير مطيع ونضعه في غرفة منفصلة ونضرب على الحائط من اجل جعل هذا الرجل الشخص يصاب بالجنون ويخضع للطاعة.
أتذكّر، في احد الحوادث عندما كنا نقيم نقطة تفتيش على الطريق الوحيد المؤدي الى المستشفى المحلي الوحيد في المنطقة، إستلمنا تقارير استخباراتية تقول إن سيارات الإسعاف قد تستعمل في نقل المتفجرات، وأمرنا بعدم ترك أية سيارة إسعاف تمر عبر هذه السيطرة، وفعلا جاءت سيارة إسعاف واخبرنا السائق إن فيها امرأة حامل وهي بحاجة الى الوصول إلى المستشفى، وأمرنا عن بعد هذه السيارة بالرجوع . لقد شعرت بالأسى العميق في حينها وأردت إرسال فريق لتفتيش سيارة الإسعاف تلك والتأكد هل حقا إن فيها امرأة حبلى، لكنّنه تبادرت الى ذهني صورة سيارة إسعاف تنفجر وتقتل مجموعة من زملائي ، لذلك اتخذت القرار بعدم تفتيش السيارة وتركها تعود.
مرة ثانية في نقطة السيطرة تمت مهاجمتنا ، ووقع تبادل لإطلاق النار وبعد ذلك توقّفوا المهاجمون عن ضربنا، و بدأنا بتقييم الضرر الذي لحق بنا وجمع الجرحى ،وكان هناك الكثير من القتلى في هذا الهجوم من المدنيين العراقيين ، وسمعت صوت من احد السيارات يدعوني: “ مستر مستر ! ” و اقتربت من السيارة. ولكن تبادرت الى ذهني ثانية، توصيات المدربين لنا بعدم الاقتراب من مثل هذه الحوادث لأنها قد تكون فخا ليقتلونك، لذا عندما اقتربت من هذه السيارة مباشرة بعد هذه المعركة، شاهدت شابّ مصاب في مقعد السائق، ورجلين أكبر سنّا مصابين بجروح بليغة, وصاحوا “ ساعدنا! ساعدنا! ” واعتقدت إن هؤلاء الناس يحاولون قتلي. لذا صوبت بندقيتي نحوهم وكنت على وشك أن أضربهم حتى جاء شخص ما وقال , “ أيها العريف، أيها العريف، ، إنهم جرحى لا تقتلهم. ”
إنه من شبه المستحيل التصرّف بناء على مبادئك الأخلاقية في حالة مثل هذه الحالات، فعقلك معبأ بتلك المعلومات العسكرية التي تقول: إن هؤلاء العراقيون في الطرقات يريدون قتلك.لذلك فانك تزيل الجانب الإنساني من عقلك ، ولجعل الأمر أكثر سهولة فانك تضطهدهم، وتضربهم لإرعابهم،. وبالقيام بذلك،فانك تتجرد عن إنسانيتك ، لأنك لا تستطيع التصرف كإنسان وتعمل كلّ هذه الأشياء.
حادثة أخيرة أود التحدّث عنها : وهي الحادثة التي فتحت النار فيها لأول مرة على إنسان، وقعت هذه الحادثة أثناء مظاهرة لعراقيين ، رمى بعضهم قنابل يدوية علينا وكما تعرف، قيل لنا إن أي شخص يرمي قنبلة عليك اقتله مباشرة ، ورأيت شابا كان يلوح بذراعه ويحمل جسم أسود في يدّه، والذي كان في الحقيقة قنبلة، و أتذكّر هذه الحادثة جيدا حيث كنت انظر إليه من خلال منظار بندقيتي الـ M16 وأتذكّر متى فتحت النار عليه. وأتذكّر كيف جاء رجلين من الحشد وسحباه من كتفيه بعد أن قتلناه. وبعد تلك الحادثة، أتذكّر ذهبت الى غرفتي وحسبت عدد الطلقات التي في كانت مخزن بندقيتي وعرفت بأنّني أطلقت إحدى عشرة طلقة في جسد هذا الشخص. ولكن لحد الآن لم اعد أتخيل كيف ضربته أو كيف سقط على الأرض وكيف مات.
لازلت املك بعض الومضات في ذاكرتي التي لم تمحى للكلام عن حوادث أخرى، ومنها صورة ذالك الطفل الذي قلنا أبيه برشقات من مدفع رشاش وهو جالسا جنبه في السيارة ،. وعندما نزلنا للبحث عن العدو المجروح، أتذكّر رؤية هذا الصبي وهو يقف بجانب هذا الجسم الذي ضربنا عنقه. وعندما التففنا حوله، لم اعد أتذكر التعبير الذي كان على وجه هذا الطفل ولم اعد أتذكر بأنّه كان طفلا. عرفت فيما بعد انه كان ابن ذالك الرجل الذي قتلناه..
كانت المهمة ليس فقط لإفراغ عدوك من إنسانيته ، بواسطة خلفيتك العسكرية أو تدريبك أو التلقين أو الحرارة والإعياء وصعوبة البيئة،بل كانت هناك أوقات صعبة جدا للتعامل مع هذه التجارب التي تعيش معك وفي روحك كجندي ولكي تحمي نفسك من هذه الذكريات المؤلمة ولكي تحميك من خسران إنسانيتك، من الصعب محو هذه الذكريات المؤلمة جدا مهما فعلت سواء ألمت نفسك أو عاقبت جنود وحدتك فسوف لن تمحو تعابير وجه ذالك الطفل الذي ضربنا عنق أبيه أو إنكار مقتل أي مدني عراقي ، المهم هنا إن تتجرد من إنسانيتك، لان هذه الحرب غير إنسانية.
نتيجة لهذه الحرب قتلنا مليون عراقي وشردنا خمسة مليون آخرين . وقتل منا ـ4,000 جندي وجرح ـ60,000 ومثلهم من المعاقين نفسيا، لذلك يجب إعادة هؤلاء الجنود الى الوطن ، من اجل الحفاظ على إنسانيتنا وإنسانية هؤلاء الذين دمرنا بلدهم وحطمناهم نفسيا. نطالب بالانسحاب الفوري والغير مشروط لكلّ القوّات الأمريكية من العراق، ورعاية وتعويض لكلّ المحاربون، وتعويضات للشعب العراقي لكي يتمكن من إعادة بناء وطنهم وحسب رؤيتهم ....... يتبع

http://www.democracynow.org/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حاكم دارفور: سنحرر جميع مدن الإقليم من الدعم السريع


.. بريطانيا.. قصة احتيال غريبة لموظفة في مكتب محاماة سرقت -ممتل




.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين يضرمون النيران بشوارع تل أبيب


.. بإيعاز من رؤساء وملوك دول العالم الإسلامي.. ضرورات دعت لقيام




.. بعبارة -ترمب رائع-.. الملاكم غارسيا ينشر مقطعاً يؤدي فيه لكم