الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأملات امرأة....

سُلاف رشيد

2008 / 3 / 31
الادب والفن


تلك المرأة......... ذلك البكاء

تلتم على الروح أحيانا ..غيوم لا تعرف مصدرها .. وفي لحظة تنقشع عن الروح تلك الغيوم ..فتبدو الصورة أكثر وضوحا وأدق تفصيلاً.... عند ذاك تسترجع الذاكرة أصغر الأشياء وأكثرها لا أهمية .. حتى تعجب من إنك لماذا لم تنتبه لها في حينها ..فما بالك بالذكريات التي تشكل محور حياتك .. أو ما يتعلق بمحور حياتك .. بالتأكيد ستكون لها المساحة الأكبر .. حيث إنها تبدو مثل شجرة ورد الجوري في حديقة بها العديد من شتلات الورد الأخرى..
ولكي لا أضيع بذكرى الورود لأنني مولعة بها .. أعود إلى وضوح الرؤيا في مساحة ذاكرتي واسترجع وجوهاً تعودت على رؤيتها في بيتنا .. يوم كان والدي يطلب مني أن أقدم لهم الشاي ، كانوا يتوقفون عن الحديث حين دخولي عليهم ، ووضع أكواب الشاي أمامهم واحداً واحداً .. رغم إنني قد حضرت أكثر من مناسبة معهم ، ورأيتهم وهم يغنون أو يلقوا كلمات أو أشعاراً ،وحتى أكون صادقة رغم خجلي البادي على ملامحي ، إلا إنني كنت أنظر إليهم خلسة وأتصفح وجوههم .... وجه من تلك الوجوه كان لإمراة .. أخبرنا والدي عنها وعن صمودها في التعذيب في قصر النهاية .. حتى أنهم خلعوا أظافرها .. وكانت هذه المرأة تتردد كثيرا على بيتنا .. وفي كل مرة ، كنت أحاول أن أدقق النظر في أصابع يديها ، لعلني أتوصل إلى مبتغاي في رؤية أظافرها المخلوعة ..إلا أن خجلي يكون حائلا أمام تحقيق هكذا أمنية ..مرت الأيام وتبدلت الأحوال ..أعتقل والدي وانقطعت أخباره ، وهذه المرأة لم تنقطع عن زيارتنا ... خاصة في نهاية شهر آذار ،بعد ذلك اختفت ولم نسمع عنها شيئا .
لقد بقيت صورة تلك المرأة بذاكرتي ، طول فارع وملامح جمال ذوى ، نتيجة معاناة ليست قليلة على ما يبدو ، ولم يبق على قسمات وجهها ، غير الصرامة والتحدي .
منذ أن احتوتني متاهات الغربة ، ومنذ أن بدأت رياحها تذري أحلامي ، وتبخرت كل الآمال التي أختزنها ، ألا أن طيف تلك المرأة ، كان عصياً على مغادرة ذاكرتي ، يغزو كل كياني حين يهل شهر آذار ، ويبدأ من اليوم الأول يرافقني ، حيث أصحو وحيث أنام ، رغم الفترة الزمنية التي انقطعتْ بها عن زيارتنا . ورغم هالة الضياع التي تحيط بروحي ، فلم استطيع أن أنسى يوم التقيتها ، كنت أسير مع زوجي ، وكان ذلك في اليوم الأخير من آذار ، وفي بداية السوق العربي ، لمحت ووجهها ، وأعتقد إنها لمحتني ، رغم الفراق الذي امتد لأكثر من خمسة عشر عاما ، ألا إننا عرفنا بعضنا على ما يبدو ، أدرت وجهي كي لا أراها ، وربما هي فعلت ذلك أيضاً ، إلا إنني حين أدرت وجهي ثانية ناحيتها ، رأيتها تدير وجهها ناحيتي ، حينها أسرعنا واحدة نحو الأخرى، تعانقنا ، وفي لحظة أنخرطنا ببكاء مرير ، لا أعرف هي ماذا بكت ، ولكنني بكيت أبي وتلك الأيام .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة