الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القانون والمواطن

صاحب الربيعي

2008 / 3 / 31
دراسات وابحاث قانونية


القانون مجموعة من الأعراف والسنن الاجتماعية المتوارثة والمُنظمة لشؤون حياة مجموعة بشرية ما، حيث تصاغ بشكل قواعد قانونية يسري مفعولها على كافة أفراد المجتمع لضمان حالة السلم الاجتماعي. وبغض النظر عن مصادر التشريع القانوني (عُرفي، أو ديني) فإن قواعده الأساس عبارة عن جهد تراكمي لمراحل تاريخية ونتاج مجتمعات بشرية مختلفة طالها الحذف الإضافة لتصبح منسجمة مع متطلبات المجتمعات الراهنة وسًبل معيشتها.
وبالتالي فإن القواعد القانونية تعتبر نتاج وجهد لنخبة حقوقية تعكس اجتهادها وخبرتها (ولربما إسقاط دوافعها الطبقية والنفسية) في صياغتها لتكون ناظمة للعلاقة بين البشر. ويعد مفهوم العدالة والمساواة، مفهوماً نسبياً ذات دلالات مختلفة تبعاً للزمان والمكان وتحقيقه يخضع الى الجزئية وليس الكلية، حيث أن انتهاك القانون بشكل عام يعود إما للحصول على حاجة ضرورية للفرد للاستمرار في الحياة (كالغذاء، والدواء....) وهو ما يقوم به السواد الأعظم من الفقراء.
وإما للحصول على حاجة غير ضرورية للفرد لزيادة الرفاهية في الحياة (كالثروة، والأملاك...) وهو ما يقوم به السواد الأعظم من الأغنياء. وباختلاف درجة الانتهاك للقانون وعقوباته فإن المفهوم ذاته يصبح عرضة للتساؤل حول مبدأ الانصاف والشرعية لتباين دوافع انتهاك القانون.
تاريخياً شرع القانون لأجل حماية مصالح فئة اجتماعية غنية ومتنفذة عرضة للانتهاك من فئات اجتماعية فقيرة ومحكومة، ومازال الأمر كذلك (إلى حد ما) لكن امكانية انتهاك القانون تحت غطاء سلطة مالية أو سياسية متنفذة يمكن تأشيره بوضوح في معظم دول العالم في الوقت الراهن.
يقول ((مايكل بارنتي))"إن قوانين دولتنا وضعت بصفة خاصة لدعم مصالح الأغنياء وعلى حساب بقية أفراد المجتمع، فالغرض الأساس من تشريع تلك القوانين كان تطبيق العدالة والمساواة في المجتمع لكن أُعدت آليات التنفيذ بشكل انتقائي لضمان مصالح الأغنياء".
لاتكمن أهمية القانون بقواعده القانونية المُنصفة والعادلة وحسب، بل في آلية تطبيقها فما جدوى وجود القانون دون وجود آلية لتنفيذ أحكامه؟. إن السلطة التنفيذية (بكامل أجهزتها القمعية) تعد الضمان الأكيد لتنفيذ أحكام القضاء، فهي مكملة ومُفعلة للاجراءات القضائية.
وبالرغم من أن مهام السلطتين (القضائية والتنفيذية) تطبيق العدالة والمساواة للحفاظ على السلم الاجتماعي فإنهما قد تصبحا بؤر للفساد والإفساد للمجتمع خاصة إن كانت السلطة القضائية خاضعة كلياً للسلطة التنفيذية.
إن النقاش الدائر في أوساط النخب الثقافية ليس عن ماهية القانون وقواعده بل عن سلوك وممارسات القائمين عليه، فالأنظمة المستبدة تتستر وراء تشريعات قانونية غاية في العدالة والمساواة ولا غبار عليها على مستوى الفقه القانوني لكن آليات تطبيقه عرضة للتساؤل والكشف عن مدى خرقها لحقوق الانسان.
يعتقد ((محمد زيعور))"أن القانون سلطة، فلو اعتبرنا المتسلط حقاً مطبقاً للقانون ما الذي يضمن حيادية هذا القانون أو شموليته؟. فهذا القانون وضعته في الأصل مجموعة من الناس لتنظيم سيطرتها على بقية فئات المجتمع".
إن تشخيص حالة عدم الإنصاف واللاعدالة التي تشوب بعض جوانب القانون، ليس دعوة لانتهاكه بل دعوة لتسليط المزيد من الضغط على السلطة التشريعية لاعادة النظر في بنوده وكذلك إجراء مراجعة للتحقق من ذمم ونزاهة رجال القضاء والتشديد على السلطة التنفيذية لتفعيل آليات تطبيق القانون على الجميع لاحلال السلم الاجتماعي.
إن سلامة الاجراءات القانونية وسُبل تطبيقها على كافة أفرد المجتمع دون استثناء، يعزز الشعور بالمواطنة ويشجع المواطن على الالتزام بالقانون الذي يحدد الحقوق والواجبات. فحين يشعر المواطن أن حقوقه مصانة من قبل الدولة يكون مستعداً للقيام بواجباته تجاه الدولة باعتبارها راعية لشؤونه العامة.
يعرف ((هوبز))"القانون بإنه عبارة عن مجموعة من القواعد تُلزم المواطن باتباعها عن طريق الكلمة أو الكتابة أو أي شيء يرمز لإرادة السيادة ومن خلالها يمكن التمييز بين الصواب والخطأ".
إن ضعف الثقافة القانونية لدى المواطن للاستدلال على حقوقه وواجباته تجاه الدولة والمجتمع، تتحمل مسؤوليته الدولة فكما أن الأسرة مسؤولة عن تربية الأبناء فإن الدولة مسؤولة عن تربية أفراد المجتمع. فالمناهج التعلمية في الأنظمة المستبدة تفتقد للثقافة القانونية وتعريف المواطن بحقوقه وواجباته، حيث تأخذ الأجهزة القمعية (الأجهزة التأديبية) على عاتقها تربية المواطن وفقاً لنهجها القمعي دون أن يدرك المواطن مساحة حقوقه ومديات واجباته تجاه سلطة القمع وبالتالي تجاه الدولة التي ينتمي اليها.
الموقع الشخصي للكاتب: http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. In defence of free expression and peaceful assembly in solid


.. شاهد| لحظات اعتقال أسرة منفذ عملية الطعن في كرمئيل بالجليل ا




.. الانتخابات التشريعية البريطانية: الجدل يشتد حول الهجرة والمه


.. صحيفة لومانيتيه: -لا وجود للجمهورية الفرنسية دون المهاجرين-




.. السلطات الجزائرية تدرس إمكانية إشراك المجتمع المدني كمراقب م