الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وهم الدولة الفلسطينية وحلم الدولة الديمقراطية العلمانية

خالد الفيشاوي

2008 / 3 / 31
ملف: الدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين


في أول تعليق لها علي إعلان «كوسوفو» دولة مستقلة، أعربت وزارة الخارجية الإسرائيلية عن عدم اعتقادها أن يحذو الفلسطينيون حذو كوسوفو، ويعلنوا قيام دولة فلسطينية مستقلة من جانب واحد، فهي تدرك تماما أن مشاريع الدولة الفلسطينية مجرد خديعة لمحاصرة وتقليص الطموحات الفلسطينية، خاصة في الوقت الراهن حيث تتنازع السلطة حكومة خاضعة لعباس في الضفة الغربية، وأخري تابعة لحماس في القطاع ، وكلتاهما عاجزتان عن مواجهة قوات الاحتلال الإسرائيلي التي تستبيح الضفة والقطاع، وتشبع الفلسطينيين قمعا وتنكيلا.

ليفني، شأنها شأن حكومة إسرائيل. وحكومات إسرائيل المتعاقبة، تدرك أن الدولة الفلسطينية مستحيلة، منذ مشروع تقسيم فلسطين بين أقلية يهودية لها الجزء الأكبر من الأرض، وأغلبية فلسطينية علي الجزء الأصغر منها.. وحتي خارطة الطريق التي لا تمنح الفلسطينيين سوي من 10 إلي 15% من أرض فلسطين التاريخية ، وتطرح كيانا فلسطينيا خاضعا للسيطرة الإسرائيلية ، اقتصاديا وسياسيا وعسكريا.
أصبحت فكرة التقسيم بالية، لا ترضي طموحات الفلسطينيين ولا تشبع نهم إسرائيل في الاستيلاء علي المزيد من الأرض، وبالتجربة العملية لم تقدم حلا للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، بل تسمح لإسرائيل بالمزيد من التوسع والاستمرار في الهيمنة علي الأراضي المحتلة والشعب الفلسطيني.
من المفارقات أن كل مشروعات الاستعمار الاستيطاني والأنظمة العنصرية، لم تواجه بمشروع التقسيم بين أصحاب الأرض والوافدين إلا في الحالة الفلسطينية- الإسرائيلية . ففي حالة استعمار العالم الجديد «الأمريكتين وأستراليا» وفي جنوب أفريقيا ، لم يطرح شعار التقسيم ، بل دار الصراع من أجل دولة ديمقراطية تتساوي فيها حقوق جميع المواطنين، السكان الأصليين والمستعمرون المستوطنين.
إلا في حالة إسرائيل تواطأت فيها الإرادة الدولية مع المشروع الصهيوني، واستمروا منذ عام 1947 في ترويج الأوهام بإمكانية قيام دولة فلسطينية تعيش في سلام مع الدولة الصهيونية. واستمرت الأخيرة في توسعها واحتلالها المزيد من الأراضي. بينما لم تر الدولة الفلسطينية النور حتي الآن وتقلصت لمجرد منطقة ضيقة يعيش فيها الفلسطينيون تحت الإدارة والتهديد والاستباحة العسكرية الإسرائيلية.
كان الفلسطينيون قد أدركوا استحالة إقامة دولة لهم بعد حرب 1967 واحتلال إسرائيل البقية الباقية من أرض فلسطين التاريخية.. فطرحوا شعار «دولة ديمقراطية علمانية متعددة الأعراق والأديان علي كامل أرض فلسطين التاريخية».
لكن المنطقة التي تعادي الديمقراطية والعلمانية شأنها شأن الكيان العنصري الإسرائيلي .. طاردت القوي الديمقراطية والعلمانية العربية والفلسطينية وقوضت شعارها، ولاحقت المنظمات الفلسطينية التي رفعته حتي سكتت عنه.
الآن ، وقد خابت كل مساعي ووعود وأوهام الدولة الفلسطينية، عاد البعض للحديث عن الدولة الديمقراطية العلمانية لتحل محل الدولة العنصرية الصهيونية. باعتبار أن استمرار وجود الدولة العنصرية وطموحاتها التوسعية المستمرة، هو السبب الأساسي في استمرار الصراع الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، وأيضا ضد جيرانها من العرب. وأن القضاء علي هذا النظام العنصري هو السبيل الوحيد للتوصل لسلام وإنهاء الصراعات الإسرائيلية - العربية .
وبتصفية النظام العنصري الإسرائيلي، يمكن للقوي الفلسطينية والإسرائيلية أن تتفاوض علي قدم المساواة إما لإقامة دولة واحدة ديمقراطية علمانية متعددة الأعراق والأديان أو حتي لإقامة دولتين، احداهما فلسطينية، والأخري إسرائيلية متساويتين في الحقوق، لا تطمح فيها إسرائيل بممارسة السيادة علي الدولة الفلسطينية، أو التمييز العنصري ضد الشعب الفلسطيني.
وإن كان حل الصراع لن يتم بالتقسيم والمزيد من عزل الفلسطينيين واستقطاع أراضيهم لصالح إسرائيل.. يبقي إحياء الهدف بحل الصراع من خلال الدولة الديمقراطية العلمانية والتوصل لحل دائم للصراعات العربية الإسرائيلية.
إن القوي الدولية والإقليمية وإسرائيل التي تروج دائما للحل من خلال التقسيم باعتباره الحل الوحيد المتاح، يسمح لإسرائيل للاستيلاء علي كل فلسطين التاريخية، وعلي أراض عربية أخري والتحكم في عشرة ملايين من الأعراق والأديان المختلفة يعيشون في إسرائيل، وتقويض أي نضال يستهدف القضاء علي الهيمنة والاحتلال الإسرائيلي، وبالتالي فإن وهم الدولتين لا يخدم إلا مصالح الدولة العنصرية القائمة علي كامل أرض فلسطين التاريخية.
إذن فالدولة الواحدة حقيقة فعلية ، لكنها ليست ديمقراطية وعلمانية، بل دولة عنصرية صهيونية، ولابد من هدمها وتغيير نظامها لتصبح ديمقراطية علمانية متعددة الأعراق والأديان.
وإفراطا في العنصرية، وتأكيدا من جانب إسرائيل وأمريكا علي الطبيعة اليهودية لإسرائيل تنكر حقوق اللاجئين، والأدهي أنها لا تعترف بحقوق من تسميهم بعرب إسرائيل، وهم فلسطينيو1948، البالغ تعدادهم 5،1 مليون نسمة، وتدعوهم دعاياتها المعادية للانتقال للعيش في أي من البلاد العربية.
إذا صحت فرضية استحالة قيام دولة فلسطينية تعيش في سلام مع الدولة الإسرائيلية، وأن الحل الأمثل للصراع سيتم عبر تغيير النظام العنصري إلي دولة ديمقراطية علمانية متعددة الأعراق والأديان يعيش فيها الجميع علي قدم المساواة.. فهل يمكن تصور إقامة دولة ديمقراطية علمانية علي أرض فلسطين التاريخية فقط، بينما تسود المنطقة، كل المنطقة، نظم استبدادية، لا هي ديمقراطية، ولا علمانية؟..
إن وجود الدولة العنصرية الصهيونية، أوجد مبررات لإثارة النعرات القومية والدينية، وتثبيت دعائم الديكتاتوريات العربية في المنطقة ، بدعوي أولويات المواجهة مع إسرائيل.
وعلي ذلك فإن مقرطة وعلمنة إسرائيل لن يتما بدورهما إلا في إطار مقرطة وعلمنة دولة المنطقة.. وهو ما يفترض بدوره مشروعا نضاليا وسياسيا متناغما للقوي الديمقراطية والاشتراكية في المنطقة للتغيير والسعي لإقامة نظم ديمقراطية علمانية ليس فقط علي كامل التراب الفلسطيني، ولكن أيضا في كل دول المنطقة.
ومهما بدت الأحلام بعيدة، إلا أنها قد تبدو أكثر منطقية وضرورة من السعي وراء أوهام دولة فلسطينية تعيش في سلام مع إسرائيل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة أمريكية-سعودية مقابل التطبيع مع إسرائيل؟| الأخبار


.. هل علقت واشنطن إرسال شحنة قنابل إلى إسرائيل وماذا يحدث -خلف




.. محمد عبد الواحد: نتنياهو يصر على المقاربات العسكرية.. ولكن ل


.. ما هي رمزية وصول الشعلة الأولمبية للأراضي الفرنسية عبر بوابة




.. إدارة بايدن تعلق إرسال شحنة أسلحة لتل أبيب والجيش الإسرائيلي