الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما بعد البصرة((حرب ضروس)) أم انفراج تام

عباس النوري

2008 / 4 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


لعل البعض ممن يهمهم أمر رئيس الوزراء نوري المالكي وكثير من قيادات حزب الدعوة والمستفيدين من عملية البصرة يصورون أي فشل لنجاح، وأي إخفاق لنصر…فليس ببعيد أن يصفه البعض برجل المعركة والمرحلة…لكن السؤال ماذا بعد البصرة.

لا أريد هنا الحديث حسب المقولة (بعد خراب البصرة) لأن البصرة لم تخرب بعد كما كان متوقع، لأن الطلبات والضغوط دفعت السيد مقتدى للإيعاز إلى أنصاره وتابعيه من خلال المبادرة أن يتوقفوا عن القتال، ولكن لم تتضمن المبادرة إلقاء السلاح وتسليمها للحكومة…لكون هذا السلاح وجوده من أجل مكافحة المحتل…حسب تصريحات السيد مقتدى وعدد من مسؤولين التيار الصدر وجيش المهدي.

ولم ينحصر القتال في البصرة كما لاحظه الجميع، فبعد تحويل عملية الفرسان بقيادة القائد العام للقوات المسلحة من عملية مطاردة الخارجين عن القانون لعملية مجابهة بين القوات الحكومية العراقية وجيش المهدي…أنتشر ليشمل عدد من المحافظات في الجنوب والوسط…ومناطق متفرقة من بغداد رغم التكتيم الإعلامي…وكان لمنطقة الخضراء الحظ الأوفر من الصواريخ وقذائف الهاون…تحدياً للقوات الأمريكية لكنهم لم يحركوا ساكناً، أو بالأحرى حاولوا تجنب الدخول في هذا القتال الذي عبروا عنه بأنه شأن الحكومة العراقية وتجربة للمالكي وللقوات العسكرية العراقية. والتأييد الأمريكي ومباشرةً من رئيس الولايات المتحدة الأمريكية أنقلب لكي يؤيد مبادرة السيد مقتدى الصدر…بعد أن أيقن الجميع بأن العسكر ولائه ليس مطلق للحكومة من ناحية، ومن جانب آخر أن الحكومة أخفقت في بسط السيطرة الكاملة على البصرة عسكرياً وأمنياً فضلاً أنها كانت فاقدة سيطرتها سياسياً قبل العملية ولم تحاسب المقصرين السياسيين المحليين أو بالأحرى ليس بمقدورها التعرض لهم.

ورجع المالكي لبغداد…ولم يوفي بوعده أن يبقى حتى فرض القانون حسب تعبيره…لكن الظاهر كان قرار السيد مقتدى هو الذي خفف من حدة الأزمة. والآن بدأ منظري حزب الدعوة وبعض الكتاب بتبرير العملية وتحويل الخسارة العسكرية والسياسية لنجاح… ولا أعرف مصطلح رجل المرحلة على من تنطبق ومن يستحقها. البعض قال أنه لا خسارة ولا ربح… وآلاف القتلى والجرحى من أبناء الشعب العراقي سقطوا في البصرة ومناطق أخرى…لكن الأرقام الحقيقية سوف تكون مجهولة. في حين سمعنا عن قائمة المطلوبين لا تتعدى المائة مطلوب للعدالة، وهل سوف يسمع الشعب العراقي بأسماء المطلوبين، وهل أمسكت القوات الحكومية ببعض من هؤلاء …أم أن المجرمين الحقيقيين الذين سببوا في قتل الأطباء والعلماء والنساء وتهريب النفط والمواد المخدرة انسحبوا لمناطق آمنة بعد أن أشعلت نار الفتنة في البصرة.وآخرين وصفوا الخسارة عراقية في كل الأحوال..لأن وإن كان القتلى من الجانبين فهم عراقيون…ودائما وأبداً الخاسر الوحيد الإنسان العراقي المسكين والبري.

لكن ماذا بعد البصرة… هناك أمر سياسي وقضائي حسب طلب السيد مقتدى لكي يوافق من إطلاق مبادرته هو تقديم المالكي ووزير الداخلية والدفاع للمسائلة وقد تتطور الأزمة السياسية لسحب الثقة من الحكومة بالتوافق مع أحزاب برلمانية. أما بخصوص الأزمة المسلحة سوف تأخذ مساراً آخر في الأيام القلية القادمة.
والمنتظر من الرد الفعلي لجيش المهدي بعد أن يلم شمله ويستعيد عافيته أن يبدأ بهجوم لم يسبق له مثيل على القوات الأمريكية لأنه مدرك أن القائد الحقيقي لعملية البصرة هم الأمريكان وما قصف الطائرات الحربية الأمريكية إلا دليل واضح.

ماذا أدت عملية الفرسان في البصرة من نتائج:
1- مزقت الصف الشيعي وخلقت أزمة سياسية جديدة قد تؤدي بسقوط الحكومة.
2- رفع مستوى شعبية السيد مقتدى بأنه صاحب قرار مهم ومؤثر ولا يمكن تجاهله.
3- توحيد الأطراف المقاومة للمحتل لكي تصب غضبها المسلح في اتجاه واحد.
4- تحويل عام الأعمار الذي أعلن عنه السيد رئيس الوزراء لعام إرهاب من نوع آخر.
5- إعادة النظر في ولاء العسكر والشرطة، وهذا يتطلب وقت كبير لإعادة التنظيم.
6- تدهور وضع الإنسان العراقي لأسوء مما هو عليه، وله مردود سلبي على الحكومة لنكثه للوعود بتحسين الحالة الاجتماعية والاقتصادية والأمنية.

أما أمريكا قد تغير رأيها السابق بخصوص اعتمادها على السياسيين العراقيين، فلم تكن تجربة الدكتور أياد علاوي ببعيدة…ورغم كل الجهود الأمريكية السياسية من حيث إرغام أطراف سنية كانت تعرقل العملية السياسية بطرق مختلفة…والتفاوض مع أطراف حملت السلاح…والجهود الأمنية والعسكرية لإنجاح عملية فرض القانون والتي ذهبت هباء بعد (( فرسان البصرة). فأن الولايات المتحدة قد تكون مجبرة للبحث في خياراتها الصعبة. وذلك لأن في استراتيجيتها بالتأكيد خطط لها أولويات وخطط احتياطية لأسوء الحالات. وهل أن الإخفاق في البصرة، أو عدم قيادتها للعملية بشكل مباشر، أو سوء اختيارهم للتوقيت والمكان كان سبب عدم وصولهم للهدف…أم أن الجانب المعني (الإيراني) كان أقوى وقد نجح لفرض إحدى أهم أوراقه التفاوضية من أجل إبعاد شبح حرب أمريكية إيرانية.
- الخيارات الصعبة لأمريكا في العراق أما أن تنسحب وتترك الساحة لفوضى عارمة…وتترقب النتائج…وتتدخل في الوقت الذي تراه أن جميع الأطراف قد أجهضت ودمرت بعضها. وأما تترك العراق للأبد على أساس أن دورها انتهى بعد تسليم الملف الأمني بالكامل للعراقيين، وهذا الأمر لا يخدم إستراتيجيتها للشرق أوسط جديد.
- أما أن تعلن الأحكام العرفية وتتدخل بقوة لمجابهة مسلحة للقضاء على جميع المليشيات وهذه مخاطرة كبيرة تكلفها كثيراً أمام العالم، لأنها لا تريد إعادة تجربتها في فيتنام.

الوضع المتأزم لا يمكن فرض عليه صبغة مزيفة، ولا يمكن الاعتماد على طرف دون الآخر.
أمام القادة السياسيين العراقيين أمراً واحد وحلاً فرضته الحالة والواقع الحقيقي لمكونات المجتمعات العراقية. والحل أقرب لهم مما يتصورون، لكن هل لدى الجميع الشجاعة للاعتراف به وقبوله قبل فوات الأوان. عليهم جميعاً القبول أن العراق للجميع…عليهم تقديم التنازلات لبعضهم وعدم محاولة الاستحواذ على السلطة والثروات حسب الأمنيات والرغبات، بل يجب عليهم المصارحة وتطوير الثقة المتبادلة والكف عن المؤامرات على بعضهم البعض بخلق الأزمات السياسية والأمنية.
الابتعاد عن الأحقاد والضغائن القديمة وفتح صفحة عراقية جديدة …مصلحة العراق فوق جميع المصالح…وأن لا يضعوا مقياس النضال والأحقية لهذا الطرف دون الآخر.
ثم الأعداد لمؤتمر تشارك فيه جميع القوى السياسية التي داخل العملية وخارجها…بشرط أن لا يكون هناك مؤتمر دون موافقة الأطراف بالحضور والأعداد. وأن يطرحوا كل ما لديهم بصراحة ووضوح…وأن يعدوا لمؤتمر إقليمي يشارك فيه جميع الدول المعنية…بأن يبتعدوا عن الاتهامات ونظرية المؤامرة…من أجل ضمان مصلحة العراق ومصالح الدول التي تتأثر بالعملية السياسية العراقية وتؤثر فيه.
المخلص
عباس النوري
‏2‏ ‏نيسان‏,‏‏ ‏2008








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا تريد إسرائيل السيطرة على رفح؟


.. فضيحة الجيش الألماني.. سببها روسيا..أكثر من 6000 اجتماع سري




.. بودكاست تك كاست | عالجت الصرع والوسواس.. شريحة دماغ للأمراض


.. حرب المسيّرات تشتعل.. استعار حرب جوية بين إسرائيل وحزب الله




.. ضحايا بقصف الاحتلال منزل عائلة أبو هشام برفح